مع ارتفاع أعداد حوادث السير في العراق وما تسفر عنه من وفيات وإصابات، بدأ قانونيون يتحدثون عن “تأمين” لم يسمع به معظم العراقيين، ويجهلون تفاصيله، ما حدا بـ”العالم الجديد” للتوجه بالسؤال إلى مختصين لشرح هذا التأمين وبيان تفاصيله، مؤكدين وجود تأمين تلقائي للسيارات في العراق تستقطع مبالغه من ثمن الوقود.
ويقول الخبير القانوني جمال الأسدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لا يوجد قانون اسمه قانون تعويض المتوفين والجرحى بالحوادث المرورية، وهذا الموضوع أثير كثيرا، ولتوضيحه نود أن نبين الآتي: شرع قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 2766 في 31-3-1980، وكان الهدف منه توفير الحماية الإلزامية لمالكي السيارات عما يتعرضون له من مسؤولية مدنية بسبب استعمال سياراتهم من دون أن تصل تلك الحماية الحد الذي يضمن للمواطنين الحماية الشاملة عند تضررهم بسبب حوادث السيارات”.
ويوضح الأسدي، أنه “بموجب هذا التشريع أصبحت جميع السيارات مؤمنة تلقائيا دونما حاجة لإصدار وثيقة تأمين، واعتبر الوصل المبرز بتسلم قسط التأمين دليلا على الامتثال للقانون، وبهذا تم تبسيط الإجراءات واستبعدت الشكلية”، مشيرا إلى أن “أصل هذا التشريع كان من ضمن خطة لإصلاح النظام القانوني في العراق والذي صدر وفق قانون إصلاح النظام القانوني رقم 35 لسنة 1977، ونصت المادة 3 من قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات على أن: يقصد بالمؤمَّن له لأغراض هذا القانون مالك السيارة المثبت اسمه في سجلات المرور أو سجلات الدوائر المعنية الأخرى ومن تدخل السيارة باسمه الأراضي العراقية”.
ويبين أن “هذه المادة ثبتت بالضبط المقصودين في موضوع التأمين، أما المادة 4 من نفس القانون فثبتت النسبة التي تستقطع لهذه الحالات بنص فقراتها الأولى والثانية على الآتي: أولا-يستوفى قسط التأمين الإلزامي على المركبات بنسبة (0.003) ثلاثة بالألف من مجموع مبالغ المبيعات الفعلية لشركة توزيع المنتجات النفطية من البنزين وزيت الغاز عدا المجهز إلى وزارة الكهرباء، وتودع المبالغ لدى الشركة لحين توزيعها، وثانيا-توزع المبالغ المتحققة لدى شركة توزيع المنتجات النفطية بعد استقطاع حصتها البالغة نصف بالمئة من هذه الزيادة بواقع 50 بالمئة إلى شركة التأمين الوطنية و50 بالمئة إلى الموازنة العامة للدولة وتسدد بأقساط ربع سنوية”.
ويضيف الأسدي، أن “هذا القانون استوجب آليات لتطبيقه، ولذلك صدر قرار مجلس قيادة الثورة رقم 815 لسنة 1982، وبين أن آليات تطبيقه تضمنت إصدار وزير المالية بيانا ينشر في الجريدة الرسمية، تتشكل بموجبه لجان خاصة في شركة التأمين الوطنية برئاسة قاض من الصنف الثاني يختاره وزير العدل وعضوية موظف من شركة التأمين الوطنية حامل شهادة بكالوريوس في القانون يختاره وزير المالية وموظف من المؤسسة العامة للرعاية الاجتماعية حامل شهادة جامعية يختاره وزير العمل والشؤون الاجتماعية، تختص بالنظر في تقدير التعويض وفقا لأحكام قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980، باستثناء التعويض عن الأضرار المادية المنصوص عليها في الفقرة (ثالثا) من المادة (2) من القانون المذكور”.
ويتابع “لا يستحق التعويض عن الضرر إلا زوج المتوفى وأقاربه من الدرجة الأولى الذين أصيبوا بآلام حقيقية وعميقة، كما لا يستحق التعويض عن الضرر المادي في حالة الوفاة إلا من حرم من الإعالة وإن لم يكن وارثا، وبشرط ثبوت الإعالة الفعلية بدليل رسمي مصدق من المجلس البلدي أو الوحدة الإدارية”.
وكانت شركة التأمين الوطنية أعلنت قبل أيام، أن قيمة التعويضات المدفوعة للفترة من كانون الثاني يناير 2022 ولغاية 30 حزيران يونيو من العام ذاته، بلغت 4 مليارات و899 مليون دينار، عن 495 إضبارة شملت حوادث الدهس وفقا لقانون التأمين الإلزامي رقم 52 لسنة 1980.
يشار إلى أن الشركة سبق وأن أعلنت العام الماضي، أن قيمة التعويضات بلغت مليارين و489 مليون دينار عن 325 إضبارة، فيما بلغت التعويضات في عام 2020 أكثر من 4 مليارات دينار.
يذكر أن العراق يسجل سنويا آلاف الحوادث المرورية، سواء الدهس أو التصادم، وتؤدي غالبا إلى وفيات وإصابات، وكانت مديرية المرور كشفت سابقا لـ”العالم الجديد”، عن تسجيل 4 آلاف حادث خلال أول 5 أشهر من هذا العام.
من جهته، يفيد الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “جميع السيارات في العراق تعتبر مشمولة تلقائيا بالتأمين عن الوفاة والحوادث بموجب القانون 52 لسنة 1980 والقانون 815 لسنة 1982 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2016، حيث تستقطع نسبة 3 بالألف من قيمة البنزين والكاز”.
ويشير التميمي إلى أنه “يمكن عند حصول حوادث الوفاة أو السرقة أو الاحتراق مراجعة شركة التأمين الوطنية للمطالبة بالتعويض مع استصحاب الوثائق المطلوبة”، منوها إلى أن “المطالبة تكون خلال سنة من تاريخ وقوع الحادث للتعويض عن الوفاة أو الإصابة، عبر مراجعة فروع شركة التأمين في كل المحافظات، حيث أن كل السيارات تعتبر مؤمنة تلقائيا ما عدا في إقليم كردستان”.
ويشهد قطاع الطرق والجسور في العراق ترديا كبيرا في ظل ارتفاع أعداد المركبات في البلد والكثافة السكانية، ولم يشهد البلد افتتاح أية طرق جديدة أو معالجة للطرق المتهالكة، على الرغم من جباية الأموال من المواطنين.
ومؤخرا، اتجهت مديرية المرور إلى تفعيل بعض الأنظمة المرورية، مثل الإشارات وفرض ارتداء حزام الأمان، لكن قوبلت هذه القرارات بسخرية من قبل المواطنين، الذين طالبوا بتعبيد الطرق أولا قبل فرض هذه الإجراءات.
من جانبه، يفيد المحامي حبيب عبد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “قانون التعويض الإلزامي كان إلزاميا لكل السيارات، وذلك وفق عقد بين الطرفين المؤمَّن والمؤمَّن عليه لدى شركات التأمين المختلفة، لكن كلمة إلزامي تحولت إلى اختياري لاحقا، فلم يعد هناك تأمين إلزامي على السيارات”، لافتا إلى أن “هذا القانون غير مفعل حاليا، وعلى وزارة الداخلية ومديرية المرور متابعة تنفيذ عقود التأمين”.
ويبين عبد، أن “القرار الذي صدر سنة 1982 جعل العراقيين جميعا مؤمنين تأمينا إلزاميا مجانيا من الدولة، وتؤخذ مبالغ هذا التأمين من ثمن كل لتر بنزين يباع للمواطنين وترسل إلى هيئة التأمين الوطنية لتنفيذ هذا القانون”، موضحا أن “جميع العراقيين مؤمنين وفقا لهذا القانون حتى وإن لم يبرموا عقد تأمين”.
ويتابع أن “هذا التأمين يشمل حالات الوفاة والإصابات التي تنتج عنها نسبة مرتفعة من العجز، على أن يتم طلب التأمين خلال مدة لا تزيد على سنة من وقوع الحادث”، مشيرا إلى أن “هذا القانون غير معروف لدى أغلبية الناس لأن هناك خللا في تطبيق قوانين التأمين، وحتى المواطنين لا يثقون بالتأمينات في مختلف المجالات”.
وتضم أغلب المحافظات طرقا غير صالحة للسير، وسميت بـ”طرق الموت” بسبب الحوادث الكثيرة فيها والتي غالبا ما تؤدي الى وفاة الكثير من الأشخاص، وذلك نتيجة للتخسفات وعدم وجود تخطيط أو حواجز فيها، وخاصة الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات أو الأقضية.