صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

يوم في السفارة الإماراتية

احتفلت سفارة الامارات العربية المتحدة في بغداد الاثنين الماضي، بالذكرى 42 لتأسيس الدولة الفيدرالية الوحيدة في المنطقة، بحضور الكثير من الشخصيات العراقية على اختلاف أهوائها ومشاربها التي كان من بينها نواب ووزراء ومستشارون حاليون وسابقون ورجال دين وصحفيون وشيوخ عشائر.

دفء الكرنفال الرائع والمصنوع بعناية، كسر برودة الشتاء الذي حلّ مبكرا في بغداد، وأذاب شيئا من صقيع العلاقات المتوترة بين أعضاء الكتل السياسية المتصارعة، فبدا أفرادها أكثر حميمية من ظاهرهم المتشنج كما كنا نراهم على شاشات الفضائيات.

ربما يعود جزء من ذلك الى سماحة وبشاشة السفير الاماراتي عبد الله ابراهيم عبد الله، وهو يصافح بحرارة ضيوفه العراقيين والعرب والأجانب من البعثات الدبلوماسية المقيمة في العاصمة بغداد.

ربما كنت الصحفي الوحيد من بين هؤلاء، الأمر الذي أتاح لي فرصة تصفح وجوه الحاضرين التي لطالما تصفحتها عدسات الكاميرات بمختلف أنواعها وأحجامها، وملتها شاشات التلفاز وتعبت من نقل انفعالاتها وتجلياتها.

كنت في تلك اللحظات أنوء بحمل سؤال بدأ يتضخم في داخلي، يتضخم الى درجة أني شعرت به سوف يكبر ليتحول الى حجر ضخم، وددت لو أني أدلقته فوق جباه مسؤولينا، لأجبرهم على معرفة السر الذي أوصل تلك الدولة الخليجية التي لم تكن شيئا يذكر قبل أربعة عقود خلت، الى ما وصلت اليه حتى أنها أصبحت منذ أكثر من عقدين، ملاذا ومركزا لأهم الفعاليات الاقتصادية والفنية والعلمية والعمرانية، فيما تراجعت بلدان عريقة أخرى، ومنها العراق بكل ما قدمه من منجز حضاري وعلمي وعمراني \”سابق\”، إذ تراجع الى مديات مخيفة خصوصا في عهد هؤلاء السادة، الذين بدوا راضين عن منجزاتهم الوهمية، فبدؤوا يتحدثون ويمشون ويضحكون ويأكلون ويتسامرون، وكأن البلاد غير البلاد، والعاصمة غير العاصمة.

وهنا، جاءت كلمة السفير عبد الله، لتزيد من حجم السؤال الذي وددت لو أبصقه في وجوههم الباهتة، إذ تحدث بثقة وفخر عن المنجزات التي وصلت اليها الامارات، حيث كان من أهمها تحقيق المرتبة الخامسة عالميا في تحقيق الاستقرار بمجال الأمن الغذائي، فضلا عن تمكنها من توسيع اقتصادها، وتنويع مصادر دخلها، حتى وصل اعتمادها على الصادرات النفطية الى 33% فقط، مضافا الى تأكيده على الحدث الأبرز، وهو قبول استضافتها لمعرض اكسبو العالمي في العام 2020.

شعرت بأن الكلمة، قدمت لمسؤولينا الحاضرين، رسالة لم يفقهوها، أو فهمومها وتظاهروا بأنهم غير معنيين بها، رسالة تقول لهم بأن عليهم أن يجتهدوا ويخلصوا لبلدهم، حتى يتمكنوا من تقديم شيء لبلادهم. 

أحسست بخجل كبير وأنا أرى مسؤولينا \”المحترمين\” يتفاخرون بازدياد حجم الموازنة العامة في البلاد الى ما يقرب من 140 مليار دولار، غير مكترثين بأن عائدات النفط إنما تشكل 95% منها، وغير مبالين بعدم قدرة تلك الموازنة الضخمة على إصلاح شبكة أنابيب الصرف الصحي حتى.

أكل المدعوون \”المسؤولون\” عشاءهم وصوروا أنفسهم، وتلصصوا على بعضهم البعض، وغادروا غير مبالين بسر تطور بلدان ونكوص أخرى، منتظرين دعوات ومناسبات جديدة، من دون أن يكلفوا أنفسهم حتى بالتفكير في الدروس التي يتلقونها يوميا في سفارات وبلدان أخرى زاروها وسيزورونها بكل تأكيد.

إقرأ أيضا