على الرغم من إقراره قبل ستة أعوام فقط، إلا أن قانون “المخدرات والمؤثرات العقلية” بدا غير مؤهل لمكافحة هذه الجريمة التي تغوّلت في جميع أنحاء البلاد، وفيما أكد متخصصون أن التعديلات التي يزمع مجلس النواب إضافتها إلى القانون تتعلق بإنشاء مصحات للمدمنين وتشديد العقوبات وإجراء الفحوصات الدورية، أشاروا إلى أن الجريمة تفاقمت إلى حد يستدعي إعادة النظر في التشريع مرة أخرى.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، مهدي تقي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك أكثر من مقترح لتعديل قانون التعديل الأول لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية، فهناك مقترح مقدم من قبل اللجان البرلمانية المختصة، وهناك تعديل مرسل من قبل رئاسة الجمهورية، وآخر مقترح من قبل وزارة الداخلية وجهات حكومية أخرى”.
ويبين تقي، أن “مجلس النواب سيعمل على دراسة كل المقترحات المرسلة، ودمجها بمقترح واحد، وهذا الأمر يحتاج إلى اجتماعات برلمانية- حكومية، وهو ما سنعمل عليه بعد القراءة الأولى لمقترح التعديل”، لافتا إلى أن “هناك إجماعا برلمانيا على دعم هذه التعديلات بعد تشديد العقوبات في القانون، لتصل إلى الإعدام، حتى يكون هناك ردع لهذه التجارة الخطيرة، التي أصبحت منتشرة بشكل مخيف في المجتمع العراقي”.
ويضيف أن “تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، يهدف إلى معالجة الثغرات ونقاط الضعف التي جاء بها تشريع 2017، وما يتناسب مع حجم وفداحة اتساع ظاهرة المخدرات، وستكون هناك ورش عمل مع كل من الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات، وكذلك الصحة، لتنضيج الرؤى بشأن التعديلات”.
ويعتزم مجلس النواب اليوم، مناقشة تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية النافذ بعدما أدرجه ضمن الجلسة.
وكانت رئاسة الجمهورية، أعلنت الشهر الماضي إرسال مشروع تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية إلى مجلس النواب.
من جهته، يرى عضو لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية البرلمانية دريد جمیل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تعديل القوانين أصبح ضرورة ملحة في ظل التطورات والأحداث التي يمر بها العراق، ومن أهم القوانين التي تحتاج إلى تعديلات جوهرية هو قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وهناك حراك برلماني مدعوم حكوميا وحتى شعبياً لهذا التعديل مع انتشار وتنامي هذه الظاهرة الخطيرة في العراق بالتجارة والتعاطي”.
ويوضح جميل، أن “من أبرز التعديلات التي يسعى البرلمان لها هو إجراء الفحص الدوري لجميع الموظفين الجدد والمتقدمين إلى الزواج وإصدار إجازة السوق وحيازة السلاح، فهذا الأمر مهم جداً في ظل الارتفاع الكبير بنسبة التعاطي، ومع تشديد العقوبات بحق المتعاطين والتجار”.
ويضيف أن “التعديلات سوف تشمل إلزام الجهات الحكومية المختصة بتوفير الأموال الكافية من أجل دعم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتمكينها بإنشاء مراكز لتأهيل المدمنين على المخدرات والمؤثرات العقلية وإنشاء سجون ومراكز احتجاز عقابية خاصة لمتعاطي المخدرات، وتوفير الدعم اللازم لوزارة الصحة لإنشاء وحدات علاجية نفسية واجتماعية لمعالجة المتعاطين والمدمنين، وغيرها من المقترحات المقدمة من اللجان البرلمانية والنواب وجهات حكومية عليا”.
وفي الأسبوع الماضي، أكدت مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التابعة لوزارة الداخلية، وجود مواد قانونية رادعة في قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 تصل إلى الإعدام بحق المهربين والمتاجرين بالمخدرات، فيما كشفت عن وجود لجنة تعكف حالياً على تقديم مقترحات لتعديل بعض مواد القانون.
وكان المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، طالب، الشهر الماضي، الحكومة بتعديل قانون المخدرات واعتبار أن التعاطي حالة صحية تحتاج الرعاية وليست جريمة تستحق العقوبة والحاجة الماسة بإدخال كافة المتعاطين في مصحات تأهيلية ذات مواصفات خاصة كما طالب جميع الجهات العاملة على مكافحة المخدرات بـ”تعزيز الوقاية من الأضرار الواسعة النطاق التي يسببها تعاطي المخدرات واضطرابات تعاطي المخدرات والحد منها، لافتا إلى أن 500 ألف وفاة سنويا في العالم مرتبطة بتعاطي المخدرات، وأن 70 بالمئة من الوفيات الناتجة عن تعاطي المخدرات مرتبطة بتناول مادة الأفيون”.
بدوره، يجد الخبير في الشأن القانوني سالم حواس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القوانين النافذة تحتاج إلى مراجعة بشكل مستمر ودوري بهدف تحديثها وتطويرها بما يتناسب مع الواقع الحالي، إذ تحدث الكثير من التطورات والتغييرات، ونعتقد أن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، يحتاج إلى تلك التعديلات الضرورية والجوهرية”.
ويبين حواس، أن “القانون يحتاج إلى النظر بتوصيف جرائم المخدرات، وتشديد عقوبة المتاجرة فيها إلى الإعدام، وإعادة تنظيم لجان الفحص والحفظ والإتلاف للمواد المخدرات، وإجراء فحص دوري لموظفي الدولة والأجهزة الأمنية وطلبة الجامعات للتأكد من سلامتهم، إضافة إلى إنشاء جهاز إداري مستقل يرتبط برئيس الوزراء يختص بمكافحة المخدرات، وهذا كله يجب تضمينه ضمن القانون، حتى يكون ملزم التطبيق لكافة السلطات الحكومية والأمنية”.
ويضيف الخبير في الشأن القانوني، أن “تعديل القانون يحتاج إلى أغلبية بسيطة داخل مجلس النواب، ولهذا لا توجد أي معوقات تعيق هذا التعديل، لكنه بالتأكيد سيأخذ وقتا، فهناك أكثر من مقترح لهذا التعديل ويجب العمل على توحيد تلك المقترحات، مع الأخذ برأي النواب، وهذا يتطلب عقد اجتماعات مطولة، والحسم لن يكون قريبا بكل تأكيد”.
وفي الآونة الأخيرة، باتت المخدرات تصنع داخل العراق، سواء بمعامل أو عبر زراعتها في مزارع صغيرة سرية، بمساعدة أشخاص من إيران وأفغانستان، وهذا ما جرى في البصرة وذي قار وواسط.
يشار إلى أن منظمة محلية كشفت في العام الماضي، نسب تعاطي المخدرات التي تجاوز 40 بالمائة بين بعض الفئات العمرية من الشباب، وهي من 15– 35، فيما تنحصر النسبة الأكبر للإدمان بين أعمار 17- 25 عاما.