قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، إن إسرائيل نفذت أكثر من 100 غارة جوية استهدفت خلالها مراكز أبحاث وأسلحة ومخازن ومطارات وأسراب طائرات، في مناطق متفرقة داخل سوريا، مما أسفر عن تدميرها بشكل كامل وتعطيل أنظمة الدفاعات الجوية وإخراج تلك المواقع عن الخدمة.
وأكد المرصد حدوث انفجارات عنيفة متتالية ناجمة عن استهداف طائرات إسرائيلية لمواقع في منطقة مطار القامشلي في أقصى الشمال الشرقي لسوريا، وفوج طرطب، فيها مخازن أسلحة، مما أدى لانطلاق صواريخ من المستودعات بشكل عشوائي.
ونقلت رويترز عن مصادر أمنية سورية أن هذا القصف استهدف ما لا يقل عن 3 قواعد جوية رئيسية لجيش النظام السابق، تضم عشرات طائرات الهليكوبتر والطائرات الحربية في أكبر موجة من الضربات على القواعد الجوية منذ الإطاحة ببشار الأسد.
وأضافت أن قاعدة القامشلي الجوية في شمال شرق سوريا وقاعدة “شنشار” في ريف حمص ومطار عقربا جنوب غربي العاصمة دمشق تعرضت جميعها للقصف.
وأوضح المرصد السوري “في محافظة حماة، استهدفت الغارات مركز البحوث العلمية قرب بلدة الزاوي بريف مصياف، وفي اللاذقية، منشأة دفاع جوي قرب المينا، كما طالت الأضرار سفناً للبحرية السورية، ومستودعات لقوات النظام السابق في الكورنيش والمشيرفة ورأس شمرا في ريف اللاذقية”.
وتابع: “في دمشق وريفها شنت إسرائيل غارات على البحوث العلمية في برزة مقر إدارة الحرب الإلكترونية بالقرب من البهدلية المحاذية لمنطقة السيدة زينب، ومستودعات للأسلحة بقرية عين منين التابعة لمنطقة التل، إضافة لغارات جوية شمال مدينة القارة بريف دمشق، وغارات أخرى على مستودعات بالسومرية”.
وفي درعا، شنت إسرائيل غارات على مواقع في “اللواء 112” بين مدينتي الشيخ مسكين ونوى في الريف الغربي، واستهدفت مرات عدة مستودعات “الكم” العسكرية في محيط بلدة محجة شمالي درعا، وفق المرصد السوري.
وأكد مقتل مواطنين اثنين كانا في محيط “اللواء 12” في مدينة إزرع، حين ضربته إسرائيل بغارة جوية.
واعتبر المرصد السوري أن هذه الهجمات جميعها بمثابة “تدمير لمقدرات سوريا العسكرية”.
وأحصى منذ مطلع العام الجاري، 178 مرة قامت خلالها إسرائيل باستهداف الأراضي السورية، 152 منها جوية و 26 برية، أسفرت تلك الضربات عن إصابة وتدمير نحو 332 هدفاً ما بين ومستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات.
بمجرد سماع الكثير من السوريين بدء عمليات تحرير السجناء السياسيين واحداً تلو آخر بدءاً من سجن “عدرا”، ثم “حماة”، يليهما “صيدنايا” وسجن “البالونة” في حمص، كانوا يهرعون نحوها على أمل لقاء ذويهم المحررين أو الحصول على يقين ما يدل على حياتهم، وربما وفاتهم، بعد شهور وسنوات من التغييب القسري.
وفي محيط “صيدنايا”، بريف دمشق، اجتمع آلاف الأشخاص، ليس من أهالي المعتقلين فحسب، كذلك من الفضوليين الذين رأوا أنفسهم أمام لحظات تاريخية، لفتح أعتى سجون الجمهورية المحكومة من حزب البعث وعائلة الأسد منذ خمسة عقود.
هذا التجمع لليوم الثاني، يبدو أنه صار يمثل مشكلة، بحسب ما أكد الصحفي السوري هادي العبدالله، الذي بعث بمناشدة لجمهور المنتظرين فك غموض “المسلخ البشري”، بأن يتراجعوا بعيداً عن أبواب “صيدنايا” لأنهم يعيقون حركة الآليات وفرق الدفاع المدني السوري (منظمة الخوذ البيضاء) وغيرهم ممن جاء للبحث عميقاً في سراديب وزنازين يبدو الوصول إليها مستحيلاً.
وقال العبدالله في فيديو نشره على حسابه على منصة إكس “هذا نداء للمدنيين حول سجن صيدنايا، هناك مئات الآلاف منهم، أعداد ضخمة والطرق مغلقة وهناك سيارات تغلق الطرقات.. هذا يعني أن الحفّارات لن تتمكن من الدخول وفرق الإنقاذ ستتأخر في الدخول.. الوقت ليس لصالحنا”.
ودعا هذه الحشود “لإفراغ المنطقة” مؤكداً أن أي أحد ستقوم فرق الدفاع المدني بإخراجه ستتكفل بحمايته حتى يصل لعائلته. وقال “هذا يعيق إنقاذ أبنائكم.. ويعيق الوصول لأقبية السجن”
ووثقت كاميرا “الحرة” تجمهر الآلاف قرب سجن صيدنايا، الكثير منهم كانوا يحملون هواتفهم في محاولة لالتقاط مشاهد من داخل السجن أو لفرق الإنقاذ، بينما بعضهم الآخر من عائلات المعتقلين الذين لم يخرجوا في الدفعة التي تحررت أمس الأحد.
كما ظهرت الحشود، وهي تلحق بالآليات وتحيط بها من كل جانب، أثناء اقترابها من بوابات السجن.
وكانت منظمة العفو الدولية أصدرت تقريراً عام 2017 تحت عنوان “المسلخ البشري” اتهمت فيه حكومة النظام السوري بتنفيذ إعدامات جماعية شنقاً بحق الآلاف من سجناء “صيدنايا”.
وأفادت بأن ما بين 5 آلاف و13 ألف سجين فيه أعدموا بين الأعوام 2011 و2015.
ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش “صيدنايا” في تقرير سابق لها، بأنه رمز للقمع الوحشي في سوريا، حيث يتعرض المعتقلون فيه لمحاكمات صورية، دون أي إجراءات قانونية.
وفي وقت سابق الاثنين، قال الدفاع المدني السوري إن فرقه ما زالت مستمرة في البحث عن أبواب سرية أو أقبية غير مكتشفة بعد، يتم الحديث عنها، يُحتمل وجود معتقلين فيها غير الذين خرجوا الأحد، في “صيدنايا”.
وأوضح أنه يسترشد في بحثه بعدد من أهالي المنطقة، مؤكداً في الوقت ذاته حتى حدود الخامسة مساء من توقيت العاصمة دمشق، أنهم لم يجدو أي دلائل تؤكد وجود معتقلين آخرين.
والتقت وكالة “رويترز” بعائلات معتقلين مغيبين قسريا منذ سنوات، من بينهم أحمد النجار الذي جاء من حلب لدمشق أملاً في العثور على ابني أخيه القاصرين أثناء اعتقالهما عام 2012.
وقال إنه لا يزال يبحث عنهما، وإن أناسا أخبروه بوجود سجن تحت الأرض.
وخارج السجن جلست انتصار الجابر في انتظار أنباء عن ذويها. وكان شقيقها البالغ من العمر 45 عاما وقريب آخر لها مسجونين في “صيدنايا”، لكن لم يُسمح لها برؤيتهما منذ 2014.
وقالت “من 2014 كانت آخر زيارة… قالولي متوفي لهون (ما) عاد تيجين. أخوكي إرهابي واتوفى. أنا كنت أزوره هون”. لكنها استمرت في الانتظار متمسكة بالأمل.
وعند مسجد على الطريق المؤدي إلى السجن، كان الناس يسجلون الأسماء وأرقام الهواتف في حالة العثور على أقارب مسجونين.
هذا عدا عن مئات، وربما آلاف الصور والمعلومات، التي بدأت بالانتشار في مواقع التواصل بعد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة التي أسقطت النظام البعثي، وزادت بعد التداول الواسع لمشاهد تحرير السجناء، تحمل أسماء مغيبين ومعتقلين ومفقودين ليس فقط منذ 2011، إنما منذ عقود، لا يعرف أهاليهم شيئاً عن مصيرهم!