صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

11 يوما دموية في السليمانية.. هل تقضي على خلافات الإقليم مع بغداد؟

بعد عشرات القتلى ومئات المعتقلين والجرحى بهدف فض تظاهرات السليمانية، يتجه اقليم كردستان الى التفاوض مجددا مع الحكومة الاتحادية بشأن الملفات المالية، في خطوة للحصول على تمويل لرواتب موظفي الإقليم، بهدف تهدئة حدة التظاهرات. منذ 11 يوما، تعيش محافظة السليمانية في اقليم كردستان، وضعا متوترا وحرجا، بعد موجة غضب شعبية

بعد عشرات القتلى ومئات المعتقلين والجرحى بهدف فض تظاهرات السليمانية، يتجه اقليم كردستان الى التفاوض مجددا مع الحكومة الاتحادية بشأن الملفات المالية، في خطوة للحصول على تمويل لرواتب موظفي الإقليم، بهدف تهدئة حدة التظاهرات.

منذ 11 يوما، تعيش محافظة السليمانية في اقليم كردستان، وضعا متوترا وحرجا، بعد موجة غضب شعبية احتجاجا على عدم صرف الرواتب منذ أشهر عدة وتفشي البطالة وتدهور الوضع الاقتصادي، فضلا عن غضب المواطنين من الطبقة السياسية الحاكمة في الاقليم وعدم التزامها بشروط قانون تمويل العجز المالي الذي أقر في البرلمان العراقي لغرض صرف الرواتب للموظفين.

اليوم، من المفترض ان يجتمع وفد حكومة الاقليم مع الرئاسات الثلاث في بغداد، وبحسب المتحدث باسم نائب رئيس اقليم كردستان سمير هورامي، فان الاقليم مستعد للاتفاق مع بغداد بشأن الملفات العالقة.

وبين هورامي فی بیان له، ان من المقرر أن یجتمع وفد اقلیم كردستان، مع الرئاسات الثلاث ورئيس اللجنة المالية النيابية لبحث الاتفاق بين بغداد وأربيل بشأن مستحقات اقليم كردستان المالية، وأن الوفد الذي يترأسه قوباد طالباني أعلن استعداد اقليم كردستان للاتفاق مع بغداد بشأن ملفات النفط والمالية وتطبيق الاتفاقية وفق القانون والدستور مقابل ضمان مستحقات كردستان.

وقد عاشت محافظة السليمانية يوم امس، ساعات عصيبة حملت معه تطورات ومخاطر كبيرة، انتهت بـ14 قتيلا و400 معتقل، بينهم نواب ورجال دين، فضلا قطع الطرق والانترنت.

تظاهرات السليمانية تركزت في مدن رانيا وقلادزي وكفري وقلعة دزة، وقد واجهت القوات الأمنية هذه التظاهرات بقمع مفرط واستخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، فضلا عن حملة اعتقالات كبرى.

مصدر سياسي مطلع، كشف لـ”العالم الجديد” أن “الوفد الكردي الذي من المؤمل ان يعقد اجتماعا مع الرئاسات الثلاث اليوم، هو متواجد في العاصمة بغداد منذ 3 ايام”.

واضاف أن “الوفد، يتكون اغلبه من اعضاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث يعد الحزب من أبرز الجهات المتحمسة لحسم الخلافات بين بغداد واربيل، وهذا تجسد من رئاسة الوفد التي يمثلها نائب رئيس الاقليم قوباد طالباني”.

وبين أن “الوفد كان يشكوا من عدم استجابة مجلس النواب والحكومة لمطالبه”، موضحا ان “الحكومة كانت ترمي الكرة في ملعب مجلس النواب، وأبلغت الوفد بضرورة التوجه للبرلمان لطرح قضية تمويل رواتب موظفيه”.

ولفت الى ان “اعضاء في البرلمان، أبلغوا الوفد بعدم إمكانية صرف رواتب موظفي الاقليم، لما سيسببه من غضب في الشارع، كونكم تحصلون على الرواتب من نفط البصرة وتبيعون نفط الاقليم لصالحكم ايضا”.

واردف أن “اعضاء الوفد التقوا بزعماء كتل سياسية في بغداد، وان المفاوضات معهم مستمرة”، متابعا ان “الوفد تعرض لتعقيدات خلال المفاوضات، رغم اعلانه الاستعداد للموافقة على كافة الشروط”.

إلى ذلك، بين هورامي في حديث لـ”العالم الجديد” إنه “منذ الاتفاق الذي جرى بين الاقليم ومع وزير النفط السابق ثامر الغضبان في عام 2019، أبلغنا بغداد بأخذ النفط، وكان سعر البريمل آنذاك 63 دولارا”.

وبين أن “بغداد تعلم بهذا الأمر، اننا سلمنا النفط لها، لكن لم تستلمه لاسباب غير معروفة”.

وبشأن البطاقة البايومترية لفت هورامي الى ان “هناك 750 الف موظف في الاقليم، وجميعهم لديهم بطاقة بايومترية، وهذه البطاقة لا يمكن ان تمنح مرتين ولا يمكن ان تزيف”.

ونوه الى ان “الارقام المتداولة عن وجود مليون و250 الف مستفيد، فهي تشمل الموظفين وذوي الشهداء والمتقاعدين والسجناء السياسيين”.

حصيلة القتلى والمعتقلين

يوم امس، كان الأشد فتكا بمتظاهري السليمانية، وبحسب النائب علي حمه صالح، فان 14 متظاهرا قتلوا نتيجة عنف الأجهزة الأمنية، فيما تم اعتقال 400 آخرين.

فيما شهدت المحافظة مقتل متظاهرين اثنين واعتقال 100، يوم امس الأول الخميس، في ظل موجة احتجاجات غاضبة، وأحد القتلى “ميران”، الذي شيع وسطحشد كبير من المواطنين.

وآخر ما أصدرته مفوضية حقوق الانسان يوم الخميس، كان اعلانها مقتل ثمانية متظاهرين وإصابة 54 بسبب القمع المفرط،

وبدأت الاحتجاجات ضد سلطات الاقليم وأحزابه الرئيسية على خلفية تأخر دفع رواتب موظفي الدولة واقتطاعها، فضلا عن عدم التزام الاقليم بقانون تمويل العجز المالي، الذي اشترط تسديد إيرادات المفط الى بغداد مقابل إطلاقها رواتب موظفي الإقليم.

ويوم الاربعاء الماضي، أعلن رئيس حكومة اقليم كردستان مسرور بارزاني، أن، حق التظاهر السلمي حيوي. لكن العنف (المسجل) في الأيام الأخيرة غير مقبول، في إشارة إلى إحراق مقرات أمنية وحزبية.

وفرضت سلطات الإقليم، قبل أيام، حظرا للتنقل يمتد يوما واحدا بين مختلف أقضية ونواحي المحافظة، كما دانت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، العنف تجاه المتظاهرين، ودعت في بيان إلى إجراء “تحقيقات” على الفور لتحديد مرتكبي أعمال العنف، وأن تتم محاسبتهم بشكل كامل.

اعتقال صحفيين ونواب 

في خضم التظاهرات، أعلن العديد من النواب في برلمان الإقليم، عن تأييدهم للمتظاهرين، ما عرضهم للملاحقة القانونية ومنعهم من دخول السليمانية، فضلا عن اعتقال صحفيين.

مصدر كشف لـ”العالم الجديد” أن “السلطات الامنية في السليمانيةأفرجت اليوم السبت، عن النائب السابقة بيمان عزالدين، بعد اعتقالها قبل ايام نتيجة لتأييدها التظاهرات”.    

الى ذلك، تم اعتقال النائبين السابقين عبدالله ملا نوري وشيركو محمد أمين، في السليمانية، عقب اعلان تأييدهما للتظاهرات، فيما اعلن أربعة نواب من كتلة التغيير وهم: دابان محمد، علي محمد صالح، اشنا عبدالله، جلال محمد امين، أن قوات سيطرة سماقولي بين محافظة السليمانية وأربيل التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني منعتهم من العودة الى السليمانية.

وقال عضو الكتلة دابان محمد في تصريح صحفي، إن، كتلة التغيير أعلنت اعتصامها لليوم الثالث بشكل سلمي في برلمان كردستان، وتنقصنا سبعة تواقيع من أجل عقد جلسة برلمان كردستان.

وأضاف في تصريحه، أن القوات الأمنية منعت أعضاء كتلة التغيير من الدخول الى السليمانية، وأردنا الذهاب إلى موقع التظاهر جاء من أجّل تهدئة الوضع واستجابة لطلب المتظاهرين بسبب إراقة الدماء وحدوث المصادمات وقتل الأطفال بالتظاهرات.

من جانب آخر، تعرض كادر قناة العراقية شبه الرسمية في اقليم كردستان، التابع الى قناة العراقية الكردية، للاعتقال خلال تغطية التظاهرات وما رافقها من عنف وصدامات.

فيما اعلنت قناة الشرقية ايضا عن اعتقال مراسليها في الاقليم، خلال تغطية التظاهرات في السليمانية، وبذات الوقت.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قال يوم امس الجمعة في تغريدة عبر حسابه على تويتر: “أتفاعل بعمق مع معاناة أهلنا في إقليم كردستان، وخصوصا في السليمانية الجبل والأصالة والثقافة”، مشيرا إلى أن “الغضب مبرر لأنه نتاج سنوات وعقود سبقت“.

وتابع “سنعمل بجدية للاستجابة إلى استحقاقات شعبنا في الإقليم وفي كل مدن العراق”.

ما دور رجال الدين؟

ومن أبرز التطورات التي شهدتها المحافظة يوم امس، هو دخول ائمة الجوامع عل خط تأييد التظاهرات، والدعوة عبر مكبرات صوت الجوامع الى الخروج للتظاهر.

وبعد انتشار مقاطع فيديو لدعوات ائمة الجوامع للتظاهر، أقدمت الأجهزة الامنية على اعتقال بعض رجال الدين عقب دعوتهم للتظاهر، فيما تم إبعاد بعضهم عن المنابر وتحذيرهم من الدعوة للتظاهرة مرة اخرى.

وتهيمن عائلة طالباني على المشهد السياسي في السليمانية، وكذلك عائلة بارزاني في أربيل بشكل كامل، لكن هناك محاولات من بعض الأحزاب الصغيرة المناهضة لهذا النفوذ من دون نتائج.

وبهذا الصدد، قال النائب بمجلس النواب عن الاتحاد الوطني الكوردستاني، جمال كوجر، إن “هناك حملة اعتقالات حصلت من الجهات الأمنية الرسمية (في الإقليم) وشملت شخصيات سياسية في الإقليم ورجال دين من خطباء المساجد، بعد المطالبات بالتظاهر أمس بعد صلاة الجمعة”.

وأضاف أن “الأحزاب الحاكمة في الإقليم هي المسؤولة بشكل كامل عن كل ما يجري من عنف وتدهور في الوضع”، مبينا أن “المعارضة السياسية في إقليم كردستان، لم تشارك بشكل مباشر في التظاهرات الحالية بالإقليم، ولا توجد جهة سياسية مشاركة باسمها”.

وفي كانون الاول ديسمبر عام 2017، اندلعت حركة احتجاج في محافظة السليمانية ضد حكومة الإقليم، واتهمتها بـ”الفساد”، ما أدى إلى مقتل خمسة متظاهرين على أيدي الشرطة.

إقرأ أيضا