قبل ايام احيا الشعب الروسي نكبة الغواصة الروسية كورسك التي غرقت ومات جميع من فيها بحادثة مثيرة للجدل بشكل ملفت.. وقبلها بفترة وجيزة مرت الذكرى الخامسة عشرة على تولي فلاديمير بوتين رئاسة جمهورية روسيا الاتحادية.
ترابط ملفت بين تداعيات كورسك وخلفيات غرقها وبين شخصية بوتين! وكورسك هذه لمن لا يعلم هي غواصة روسية صنعت بالتسعينات من القرن الماضي وكانت تشارك في آب عام 2000 في تدريبات الأسطول الشمالي الروسي في بحر بارنتس الواقع شمال روسيا والنروج والمفتوح باتجاه القطب الشمالي.
المؤكد ان انفجارا حصل في تلك الغواصة النووية يوم 12 آب عام 2000، اختفت الغواصة وبعد ساعات تم العثور عليها في قاع البحر، ولان الروس حريصون جدا على اسرارهم العسكرية فقد رفضوا جميع عروض المساعدة التي تقدمت بها البلدان الاخرى، بوتين الذي كان حينها يقضي اجازة صيفية في سوتشي على شواطئ البحر الاسود يسمح بخطوة من هذا القبيل، ذلك الرفض العبثي وضع طاقم السفينة على كف عفريت، وبعد فشل جميع محاولات الانقاذ من قبل الروس، اخيرا تم السماح للبلدان الاخرى بالمساهمة في عمليات الانقاذ منذ التاسع عشر من آب، وبعد ثلاثة ايام استطاع النرويجيون فتح الغواصة لكن وصولهم كان متأخرا اذ تم العثور على افراد الطاقم البالغ عددهم 118 شخصا وقد قضوا نحبهم.
اثير حول اسباب غرق الغواصة كورسك جدل كبير في روسيا وخارجها، هل غرقت بسبب عطل فني؟ ام بسبب استهداف تعرضت له من قبل جسم آخر رصد ليس بعيدا عن موقع التدريبات؟ هل كان لزيارة شخصية كبيرة من السي آي أي بعيد الكارثة بأيام له ارتباط بالموضوع ام لا؟! اسئلة يثيرها المتابعون لهذا الملف وتبقى بعض تفاصيلها طي الكتمان لخمسة عشر عاما اخرى على الاقل وفقا للقوانين الروسية التي لا تسمح بالاطلاع على ملفات من هذا القبيل الا بعد مرور 30 عاما.
القدر الذي قاد وليم بارنتس المواطن الهولندي الذي اكتشف ذلك البحر في نهايات القرن السادس عشر “1594- 1596” قاد ايضا شركة Mammot Transport BV الهولندية لتقوم بعملية انتشال الغواصة من اعماق البحر بعد عام على غرقها.
وسواء كان الحادث تم باستهداف او بمجرد خطأ بشري او تقني فان طريقة المعالجة كانت بداية غير موفقة للرئيس بوتين، الذي لم يكن قد ارسى دعائم حكمه القوي بعد في روسيا الجديدة. بوتين لا يريد المرور كثيرا بتلك الحادثة وينظر لها من زاوية الحرج والاخفاق.
فقد خسرت روسيا هيبتها في انقاذ الغواصة والركاب وقبلت بمساعدة الاخرين بعد فوات الاوان! بوتين الذي يعتز كثيرا بما انجزه لروسيا خلال السنوات الماضية يرى تلك الواقعة وطريقة التعاطي معها نقطة سوداء في فترة حكمه لإمبراطورية روسيا في الالفية الثالثة، وربما ما يزعج بوتين اكثر ان احدى الشركات السينمائية العالمية ستقوم بإنتاج فلم سينمائي يتحدث عن تلك القصة.