قبل قراءة الكتاب
أعرف الأستاذة نسرين بن لكحل، عبر ماتنثره عبر صفحتها، والتعاليق التي تقدمها في حينها لما تراه يناسب المنشور.
أول حوار مع الكاتبة نسرين.. وأول حوار دار بيننا كان بتاريخ 02-09-2014، حين سألتها قائلا.. “السلام عليكم.. نشرت البارحة مقتطفا، حول جدتك التي طلبت لها الدعاء. واليوم أقرأ مقتطفا لك، جاء في وسطه: ” لاتواسوني، فإن لي في نفسي من يعزّيني عنها وبها .. “. . وقد علّقت في حينه، مقتبسا من مقتطفك، وحين قرأت تعليق القراء، وجدتها تختلف عن تعليقي المستمد من مقتطفك. أطلب الآن من فضلك، ماذا حدث؟، لأني أشعر أن تعليقي لايناسب الحدث. وأخشى أن أخطئ في التعليق مرة أخرى.. تحياتي.”.
وأجابت حينها قائلة.. “وعليكم السلام ورحمة الله.. كثيرا ما تستمد تعليقاتك من حديثي حيث تأخذ زبدة الموضوع و صراحة بودي دوما لو أرى حديثك أنت ورأيك أنت وموقفك سواء دعما أو رفضا، فالحياد لا يفيد في كثير من الأحيان وعلمي بك ما شاء الله متمكن من اللغة و لك رصيد ثقافي أدبي جيد.. بالنسبة لتعليقات القراء فهم أبدوا مواساتهم رغم رفضي لها كما أشرت، و لا أستطيع أن أنهرهم عنها ..”.
هدية المعرض الدولي للكتاب.. كتبت عبر صفحتها أنها لاتستطيع الذهاب للمعرض الدولي للكتاب، وأهدتني نسخة من كتابها “عروس الملح” بخط يدها. وأثنى القارئ على صاحبة الكتاب وحاملة الكتاب ملاك الرحمن و محمد عبد الفتاح مقدود الذي أوصل الكتاب.
لكن تشاء حكمة ربك أن ألتقي بالأستاذة الأديبة في المعرض الدولي للكتاب، وكتبت حينها عبر صفحتي ..
” لأول مرة ألتقي بالزميلة الأديبة نسرين بن لكحل. كان اللقاء قصيرا جدا، فقد كانت مشغولة بزوار الذين يزورون الجناح الذي تبيع فيه كتابها “عروس الملح” بالتوقيع.
قلت لها ناصحا: حاولي أن لا تردي على المعاكسين لك، وفجري غضبك عبر الأحرف والأسطر. وأشهد لها بحسن الاستقبال الحار، الذي ينم عن صدق وصفاء وإخلاص، فتحية تقدير للأديبة نسرين.”.
وقد وصفت تلك اللحظات الصادقة، بقولها.. ” أستاذي القدير معمر، كان لقائي بك في المعرض أجمل هدية حباني بها الله صدقا، أخجل منك و أنا التي أتعلم منك كيف يتواضع الكبار في حضرة الصغار، شرف لي أن تحظى خربشاتي بعطر مرورك ..تحية ملؤها التقدير و المحبة.”.
والآن وبعد مرور أسبوعين على اللقاء وإهداء الكتاب، يعترف القارئ أن الأستاذة كانت بارعة في الاستقبال، ويشعر المرء القادم من بعيد بحرارة صادقة، وبساطة في التعبير وهي التي تحسن الآلة، وعفوية في الحركة والتعبير.
فالأديبة تقترب من القارئ شارحة وموضحة، وتعينه على إزالة الحجب، وتجيبه على أسئلته التي حملها معه إلى المعرض الدولي للكتاب.
ومن الملاحظات التي يذكرها الزائر لأول مرة، أن عدد المقبلين على كتاب “عروس الملح” ، والطالبين للإهداء من الرجال والنساء، كبير مقارنة ببعض الكتب التي ظلّ أصحابها ينتظرون زائرا وطالبا للإهداء.
إهداء الكاتبة.. جاء في الإهداء الذي قدمته الأستاذة نسرين، بخط يدها..
“إلى الأستاذ القدير معمر حبار
شاكرا جدا على حضورك الذي أسعدني جدا
أتعلّم منك كيف أفكر
آمل أن تجد شيئا جميلا في خربشاتي
06/11/2016 بن لكحل نسرين”
ومن الأسباب التي دفعت صاحب الأسطر لقراءة الكتاب والتعليق عليه، ذلك الاستقبال الذي أحيط به في المعرض الدولي للكتاب من طرف صاحبة الكتاب، والزمالة التي تربطه بها عبر الصفحة، فهو يقرأ لها باستمرار ويتابع ماتكتبه عن قرب، ويعلّق إذا استلزم المقام ذلك. وتواضع بيّن واضح لمسه الزائر حين رأى وتحدث مع الكاتبة نسرين لأول مرة، وحين أعاد قراءة إهداءها للكتاب، وتعاليقها التي تنم عن ذلك.
بقيت الإشارة الى أن كتاب “عروس الملح”، يعتبر باكورة أعمالها، وبداية إنتاجها الفكري، فاستحق من القارئ الدعم والمساندة ، آملين أن يكون دفعا لميلاد كتب أخرى، وإنتاج غير منقطع.
في ثنايا الكتاب
حين انتهيت من قراءة كتاب “عروس البحر”، كتبت على الفور عبر صفحتي..
على الساعة 23 و 05، أنتهي من قراءة كتاب “عروس الملح”، للأستاذة الأديبة نسرين بن لكحل. سجل القارئ على هامش كل صفحة تقريبا، ملاحظاته الشخصية الرقيقة منها والقاسية، وكثير من الحكم التي أعجب بها. بداية موفقة تحتاج لكل التشجيع والثناء، يسعى القارئ في الأيام القادمة بإذنه تعالى، أن يفرد لها أسطرا مما استطاع أن يقف على أسراره.
وها هو القارئ يفي بوعده، عبر الحلقة الثانية، وهو يتصفح 103 صفحة من “عروس الملح”، للأستاذة نسرين بن لكحل، الذي طبعته دار الروائع للنشر، سطيف، الجزائر، الطبعة الأولى 2015.
تتحدث الأستاذة نسرين عن نفسها، فتقول: “نسرين بن لكحل من مواليد1986 حاصلة على شهادة ليسانس في علوم الاعلام و الاتصال، شاركت في عدة أمسيات أدبية في دار الثقافة بمدينة تبسة، و لها عدة نصوص و مقالات نُشرت في مجلات و مواقع إلكترونية و جرائد ورقية جزائرية و عربية، بالإضافة إلى نصوص مذيلة باسمها ضمن كتاب وجدانيات المنبثق عن البرنامج الاذاعي حديث الوجدان، و أصدرت كتابها الأول بعنوان عروس الملح و يضم مجموعة نصوص و ومضات قصيرة متنوعة المواضيع.”.
تطرقت الكاتبة لمواضيع شتى، يمكن حصرها في الحب بحلاوته وقساوته، وأثر فقدانها للأم، وقتل الجنود الجزائريين ليلة عيد العيد، ومعاناة فلسطين خاصة أيام القصف الصهيوني الذي لم تشر إليه صراحة لكن المتتبع للأحداث يومها يدرك ذلك جيدا، ومعاناتها مع الكتابة ودعوتها للكتابة مهما كانت الظروف، والصدق الذي تدعو إليه، والخيانة التي تحذر منها.
المواضيع التي تطرقت إليها الأستاذة عادية جدا، يتطرق إليها الكتاب يوميا وباستمرار، لكن اللغة العربية المستعملة، واختيار الكلمات ودقة الوصف، وحرارة الصدق، هي التي ميّزت “عروس الملح”. فالخلاصة التي يقف عليها القارئ، كيف يمكنك أن تكتب عن موضوع عادي جدا، بلغة صافية قوية.
تتحدث بقساوة صادقة عن المرأة، وهي المرأة العارفة بشؤون النساء قراءة وممارسة ، فتقول في صفحة 23 “محال.. محال لهذا الضلع أن يستقيم..”، ونفس النظرة تنقلها في صفحة 79، حين تؤكد ” والويل من حقدهن، لامأمن منه إلا هنّ..”.
كتب القارئ على هامش صفحة 103 وهي آخر صفحة من الكتاب.. ” تدل آخر صفحة على نظرة الكاتبة للكتابة. وفي الحقيقة النصائح التي تقدمها للقارئ، هي رسم لذاتها وممارستها للكتابة والنظر إليها”، واقرأ إذا شئت في نفس الصفحة، قولها: “نصّك أنت فميّزه بأسلوبك واجعل حرفك هويّتك” و “حين تكتب كن حرا من هواجس القارئ، واكتب بما تؤمن به..”.
تتحدث كثيرا عن فقدانها لأمها، فتقول في صفحة 46: “عداها كلّ الأحضان صقيع”. وتقول: “طالما هي معي فللقلب ذخر فخر، وحفنة أمنيات”. وتخصّص فصلا لأمها بعنوان “مداد سكب لأجلها”، عبر صفحات 51-56. وهي لا تخفي تأثرها بالأم، بل تظهره كلّما استلزم المقام ذلك وتفتخر بتأثرها، وعبر عدّة صفحات من الكتاب. وكمثال على ذلك تقول في صفحة 78 ” علّمتني جدّتي أن الذي لايربيه قلبه فلن تنفعه الوصايا “.
وحين وصل القارئ صفحة 27، كتب عبر صفحته: أنا الان في صفحة 27 من قراءتي لكتاب “عروس الملح”، للأستاذة الأديبة نسرين بن لكحل.. عبارات قوية مباشرة. بلاغة لسان. واختيار كلمات بدقة. وحزن شديد حتّى وهي تعبّر عن أرق أحاسيسها مع الطيف الذي يراودها، والأحلام التي تتمناها، وتخشى عدم تحقيقها.
وأجاب أحد المعجبين بأسلوب الأستاذة ويتمنى التعرف إليها أكثر، فقال له.. ماكتبته عبر كتابها “عروس الملح”، أقوى بكثير مما تكتبه عبر صفحتها. وفي نفس السياق، كتب القارئ على هامش صفحة 98 من الكتاب.. ” أتابع الأستاذة عبر الصفحة، لكني أعترف أني وقفت على مستواها العالي لأول مرة وأنا أقرأ لها “عروس الملح” “.
لم يوفقها الحظ في استعمال مصطلح “لئيم” و “خسيس” عبر صفحة 61، وتمنى القارئ لو استعملت غيرهما وهي الأديبة الفصيحة، التي تحسن إختيار ألفاظها. وعذرها في ذلك يعود لكونها من مواليد 1986، وأنه أول كتاب ينشر، وكانت تكتب بانفعال شديد، ظهر جليا عبر صفحات الكتاب، خاصة وأن الكتاب ألفته في نفس تاريخ النشر جويلية 2015.
كتب القارئ على هامش صفحة 78.. “هذه الحكم تذكرنا ببداية المشوار، وهو ماشدني إلى الكتاب”. والكتاب ضم جملة من الحكم المتناثرة عبر صفحاته، وزادها جمالا اللباس العربي الأصيل الذي ألبسته الأستاذة أحرفها، باختيارها للكلمة المناسبة واللغة السليمة، فكانت الحكم المتناثرة التالية..
17: الكتابة جرح نازف، ملح نذره على الذاكرة، فضاء فسيح وصرح لا تصله هامة الفزع.
19: للجبن أياد حين تخاف تمتد إلى بعضها فتخنقها حذر الموت.
20 الصدق في زمن الرياء بطولة
20 سنقول لفلسطين كل حديث عن سواك باطل
31 الحرف يصلح أن يكون شاهدا على الحياة بعد الموت
33 الحب حمائم لم تخلق للقنص
39 الحلم لايراود كل عين أغمضت الجفن
40 لاأخاف من الموت لأني أعيشه يوميا
45 إنّني مامتّ أبدا، بل أنا على قيد الحياة كذ كتبت عنّي.
49 حين نعجّل بالهمّ نكتشف أنّنا غادرنا الحياة قبل الأوان
60 جبروت المرء لا محالة، وسذاجته تسرّع في هلاكه
62 أتركه لحقده، إنّه يعجّل هلاكه
62 تقول الوردة للشوكة: لم يمنعهم وجودك من قطفي، وتقول الشّوكة للوردة: وجدت لأحمي نفسي
64 تحترق الجمرة لتدفئك، لكنها لا تمنحك قلبا دافئا
66 من وصايا اللّيل: لاتذنب نهارا
67 ينتعش العقل بالتفكير، ويتجمّد بالتفكير
71 لا يخاف الأعمى من العتمة، لأنه لا يعرف سواها
72 النبض أصدق
73 الحذاء الجيد لايمنعك من التعثر
73 لاتسأل عن طول المسافة، بل أحسن اختيار الرفيق
76 جرّب أن تسخر من همومك وامض
76 فقط كن أنت
80 تحرّر من هواجسك وانطلق
80 من يشارك الآخرين حياتهم يستحق ألف حياة
81 لايكفي أن تصنع طعاما طيّبا وتضعه في إناء متّسخ
82 لولا الكتابة لفقدنا بعد صوتنا القدرة على الحياة
85 الحب لايبني إنّه يهدم أيضا
96 بعض الحروف شفا
99 كن صادقا معي لأراك بوضوح
100 بعض العثرات لاتدمي القدمين لكنّها تربك الطّريق المستقيم
101 كل نبضة تضاف إلى رصيدك في الحياة هي مكسب وغنيمة