ستكون العاصمة بغداد، في 25 ايار الحالي، على موعد مع تظاهرات اعتبرت من قبل ناشطين ومحللين سياسيين “مفصلية ومهمة”، وبداية لعودة “انتفاضة تشرين 2019″، في ظل استمرار “هيمنة الاحزاب” على الدولة، وعدم وضع حد لعمليات اغتيال الناشطين، وعدم الكشف عن قتلتهم، مرجحين عرقلة اقامتها من قبل الحكومة، بطرق مختلفة من بينها فرض حظر التجوال.
ويقول الناشط المدني محمد الشيخ في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “انسحابنا وتعليق مشاركتنا في الانتخابات وارتباطها بتظاهرات يوم 25 ايار (مايو)، هو بسبب استمرار مسلسل الاغتيالات التي لم تضع الحكومة حدا لها لغاية الان”.
ويضيف الشيخ، أن “هذه التظاهرات ستكون جزءا من وسائل الضغط على الحكومة والاحزاب الحاكمة المهيمنة بالمال والسلاح، وهي فرصة كبيرة لإعادة الضغط على الجهات التي لا تريد لحركات تشرين ان تصل الى دفة الحكم، وأن ما تقوم به من عمليات اغتيال هو رسالة باننا لن نسمح لكم بتحقيق ما تريدونه”.
ويتابع أن “التظاهرات ستكون موحدة ومطالبنا واضحة، وأهمها الكشف عن قتلة الناشطين وتنفيذ وعود الحكومة التي قطعتها على نفسها بتوفير المناخ الآمن للانتخابات وحصر السلاح بيد الدولة”، مؤكدا أن “التظاهرات ستكون سلمية”.
يذكر أن رئيس الحراك المدني ايهاب الوزني، اغتيل في 9 ايار مايو الحالي، ما أشعل موجة غضب وانقاسمات بين القوى المنبثقة من تشرين، حول المشاركة في الانتخابات من عدمها، وجرى قبل ايام اجتماع في محافظة كربلاء، ضم القوى المشاركة في الانتخابات وغير المشاركة فيها، وتخلله نقاشات حادة وارتفاع للأصوات، وانتهى باعلان “الزحف” الى بغداد يوم 25 أيار مايو الحالي، للضغط على الحكومة بشأن الايفاء بوعدها في ايقاف عمليات الاغتيال وحصر السلاح بيد الدولة.
وتعد حركات “امتداد” و”نازل آخذ حقي”، من أبرزالقوى المنبثقة من تظاهرات تشرين التي أعلنت مشاركتها في الانتخابات وقدمت مرشحيها، فيما لم يسعف الوقت القوى الاخرى لتسجيل مرشحيها في مفوضية الانتخابات، بحسب الناشط سجاد سالم، الذي تحدث لـ”العالم الجديد”، الاسبوع الماضي، ما خلق تقاطعا في الرؤى بين هذه الحركات.
وحول هذا الأمر، يبين الصحفي والناشط نوري حمدان في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تظاهرات يوم 25 ايار (مايو) جاءت في وقتها، خاصة بعد اغتيال ايهاب الوزني”.
ويبين حمدان، أن “الاغتيال هو ضد أي تغيير بالعملية السياسية، وهو ترهيب للقوى السياسية الجديدة التي انبثقت من تشرين”، متابعا أن “يوم 25 يحتاج الى استعدادات وتحضيرات وتبيين وجهة نظر التشرينيين للشعب، لكي تتوفر لدى الناس القناعة من جديد لنصرتهم والتعاون والوقوف معهم وتبني موقفهم، الذي يعد موقف العراق بشكل عام، خاصة بعد ان روجت الكثير من الجهات بان قانون الانتخابات الحالي من اختيار التشرينيين، وهم من وضعوه ويعود بالفائدة لهم، لكن الحقيقة عكس ذلك”.
ويشير الى أن “هذا القانون ضد قوى تشرين، وهنا يقع على عاتق التشرينيين مسؤولية فك العقل التناقضي للمجتمع أو ربطه بطريقة جديدة من خلال انطلاقة 25 ايار (مايو)، حيث أن الموقف السليم هو رفض المشاركة بالانتخابات ودعوة الجمهور الى عدم المشاركة فيها إذ لن تكون لصالح أحد”، مبينا ان “يوم 25 سيكون مفصليا ومهما جدا للعراقيين من أجل خلق بيئة جديدة ضد العملية السياسية التي تدير البلد، وتعاني من موت سريري دون وجود قوة تمتلك قرارا جريئا لرفع القرار عنها، والوقوف ضدها وتكون هويتها العراق، وليس الطائفية التي انتجت الفساد والحماية للفاسدين وقمع كل من يرفض ذلك”.
ومن المفترض أن تجرى الانتخابات “المبكرة” في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، وفق نظام الدوائر المتعددة، الذي أقره مجلس النواب العام الماضي، ضمن قانون الانتخابات الجديد، الذي جاء عقب تظاهرات تشرين الاول اكتوبر 2019، التي أدت ايضا الى استقالة حكومة عادل عبد المهدي.
وجوبهت “تظاهرات تشرين” بقمع عنيف من قبل الاجهزة الامنية، ما ادى الى مقتل نحو 600 متظاهر وإصابة 25 ألفا آخرين، فيما استمرت عمليات الاغتيال طيلة الفترة الماضية، وسقط ضحيتها العشرات من الناشطين البارزين، دون أن تكشف الحكومة عن الجهات التي تقف خلف عمليات الاغتيال، رغم ان الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين، كان من ابرز الوعود التي كررها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي منذ تسمنه منصبه قبل عام من الان.
من جانبه، يؤكد الناشط ديار السراي في حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “لغاية الان لم تعرف طبيعة التظاهرات، هل ستخرج بغداد بأكملها وهل ستتوجه المحافظات الى العاصمة أم لا، حيث ان قمع التظاهرات يتم بأمور متعددة ومنها قطع الطرق وحظر التجوال او رفع الاعداد المعلنة للاصابات بكورونا، لعرقلة وصول المتظاهرين”.
ويستدرك السراي “لكن في جميع الاحوال ستعود تشرين، لأن مطلبنا الاساسي هو القصاص من القتلة، ومنع رفع اي مطلب اخر، وأن جميع الحركات التشرينية، ستكون متواجدة، وكلها أعلنت عن مشاركتها، ونتوقع مشاركة شعبية واسعة”.
وبشأن موقع التظاهرة، يشير الى أنه “غير محدد، ولكن على الاغلب ستكون في ساحة التحرير وسط بغداد”.
وتعد ساحة التحرير، المركز الاساس للتظاهر في بغداد والعراق بشكل عام، وتحولت في تظاهرات تشرين الاول اكتوبر الى أيقونة للتظاهرات التي عمت معظم المحافظات الجنوبية والوسطى، وأصبحت ساحة لنصب خيام الاعتصام وتم قطع الطرق المحيطة بها، وفيها جرت اغلب عمليات العنف ضد المتظاهرين، بالاضافة الى مقترباتها، كساحتي الطيران والخلاني.
الى ذلك، يبين المحلل السياسي احمد الشريفي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مسيرة الحكومة الحالية لا ترتقي الى إقناع الرأي العام بادائها”.
ويؤكد الشريفي، أن “الحكومة ما تزال خاضعة لسيطرة وهيمنة الاحزاب، وبالتالي فان الآمال التي كانت معلقة على هذه الحكومة قد تبددت مع سوء الاداء في تنفيذ المهام التي لم تحدث فرقا بين عبدالمهدي والكاظمي”، مردفا أن “مسألة عدم الكشف عن قتلة المتظاهرين لا تزال تمثل العقدة الأهم في تجسير الثقة بين الحكومة والرأي العام الناقم بشكل كامل”.
ويشير الى أن “التظاهرات ستعود وبقوة، فضلا عن مسألة الرهان على مشاركة التشرينيين (المتظاهرين) بالانتخابات، فهي ستتلاشى ويعودون الى التظاهر”، مضيفا أن “التظاهرات المقبلة تحتاج الى وعي، حتى لا يحصل فيها خرق، وهي ستمهد لتغيير جذري وشامل لم تحققه حكومة الكاظمي”.
يشار الى أن أحد أبرز مؤسسي حركة البيت الوطني المنبثقة من التظاهرات، حسين الغرابي، طالب أمس لـ”العالم الجديد”، قوى تشرين بحسم أمرها للمطالبة بالاعلان عن قتلة المتظاهرين وممارسي عمليات الاغتيال التي تطال قادة الاحتجاج، أو عدم المشاركة في هذه الانتخابات وعدم منح النظام السياسي شرعية، خصوصا وأن الانتخابات ستقترن بتشرين، وعليه يجب ان تجري بشروط متظاهري تشرين من تهيئة البيئة الانتخابية العادلة وحصر السلاح بيد الدولة.