صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

العودة من هناك

منذُ طفولتنا والأمهاتُ تعدنا بعودة آبائنا ذات يوم..
 
ولم يأت الـــ”ذات يوم”..

 

 

سهواً من الحرب.. قتلانا هنا نزلوا

 

فأَيقظوا ذكرياتِ الماءِ، واغتسلوا

 

 

تَسلقوا الأُفقَ فانسابتْ أصابعُهم

 

وأَوقَدوا الليلَ بالأقمارِ.. واحتفلوا

 

 

ما باغتوه لأن الموتَ أُغنيةٌ

 

تَناوَلُوها لذا أَودى بها الغزلُ

 

 

يا قشةً قصمتْ ظهرَ الغروبِ.. فمن

 

ذأيّ السماوات يا مولاي قد هطلوا..؟

 

……..

 

مَرُّوا شوارعَنا الخرقاء فابتسمتْ

 

تلكَ البيوتُ وأَرخى حُزنَه الطَلَلُ

 

 

وأقحموا ضوءَهم أنحاءَ قَريَتنا

 

وأَودَعُوه فتيلَ الحبِ.. واشتعلوا

 

 

وعلّموا الشمعَ أنْ يُبدي تَواضعَه

 

للعاشقين.. فيَحنو كلّما أَفَلوا

 

 

ثم استَرَدُّوا مَواعيداً مُؤَجلةً

 

اسّاقطتْ حَشفا من حَولها القُبلُ!!

 

 

فَمِن رَميمِ حكاياتٍ تبادَلَها

 

فمُ النهاياتِ، واسْتشرى بها المللُ

 

 

جاءوا من الغيبِ أحلاماً يُؤرشفُها

 

حبرٌ نديٌ.. بخيطِ الفجرِ يتصلُ

 

……..

 

إلى الأراجيح عادُوا، والصباحُ هُنا

 

طفلُ انتظارٍ على شباكهِ خَجِلُ

 

 

خلفَ الزجاج يُعاني نَجمةً أفلتْ

 

يغفو وتبقى على شباكهِ المُقلُ

 

 

لا شيءَ يَعصمُهُ من ذكريات أبٍ

 

وألف أُمٍ تَزمُ الاهَ.. تَبتَهِلُ

 

 

لا طعمَ للتين, للزيتون, يابسةٌ

 

كلُ العناقيدِ مُذ آباؤنا رحلوا

 

……..

 

أحتاجُ وجهي.. فذكراهم تُشاطرني

 

وجهاً تشظى على أصقاعهِ الوَجلُ

 

 

الأمُ.. نهرٌ بلا جرفٍ يُغازِلُهُ

 

أو نخلةٌ تحتها يحدودبُ الكللُ

 

 

تدورُ مثل رحىً، والعمرُ مكنسةٌ

 

للياسمين.. فما جدواك يا أملُ..؟

 

 

ما زلتُ أجمعُ آبائي وأنثرُهمْ

 

فينتقيهمْ على أذواقهِ الأجلُ

 

……..

 

لكنهم باغَتوا البارودَ وابتسمُوا

 

لكلِ منْ يَغرُسَ الــ “مرحى” لمن وصلوا

 

 

تَقاسموا كُوّةَ التأريخ وانفرطوا..!

 

كَحُلمِ أُنثى بحضنِ الليلِ ينشتلُ

 

 

ما أورقَ الفجرُ إلا من غياهِبِهمْ

 

وما استعادوهُ.. إلا عندما ذَبَلُوا

 

 

لأنهم تَركوا خَلفَ المغيبِ أسىً

 

بِهِ عُيونكِ يا أمي ستكتحلُ

 

 

فداهمُوه.. وخَمرُ الوقتِ يَعصُرُهمْ

 

وأرشدوهُ صَباحاتٍ سَتنسَدلُ

 

 

وما تبقى أخيراً.. غير أُغنيةٍ

 

تَمدُ أذرعَها نحوي.. وتَنتَشِلُ

 

 

وما انتهينا.. سوى من فرطِ ما بدأوا..

 

وما ابتسمنا.. سوى جراء ما فعلوا..

 

 

إقرأ أيضا