رأي

ساستنا المقامرون بتضحياتنا الكبرى

ساستنا المقامرون بتضحياتنا الكبرى

جمال الخرسان

بمقدار ما نشعر بنشوة الانتصارات الكبيرة والبطولية التي سجّلها أبطال الحشد الشعبي والجيش العراقي؛ نشعر، كمتابعين، بالقلق الشديد من أداء السياسي العراقي الذي عودنا على التفريط الساذج والغريب بكل هذه التضحيات. يشعرك هذا السياسي وكأنه على طاولة قمار قد يخسر كل ما جمعه الأبطال بشقاء ومعاناة في لحظة من الطيش.   نساند الحكومة ونشد على يدها، ولكن المؤشرات القادمة من أروقة الكواليس لا تدعو للاطمئنان. هناك عبث مفرط بتضحيات مئات الجنود المجهولين الذين بفضل جهودهم جلس أبطال القوى السياسية يتسامرون ضحكا في المنطقة الخضراء، ويتمتعون بمميزاتهم الخاصة.   صحوة أيها السادة فنحن على أعتاب استدراج سياسي وأمني مثير للشكوك. إنكم ستقوّضون بهذه التنازلات الصارخة جهود وبطولات أفواج من الضحايا، وتطعنون بإخلاص الكثير ممن آثر الآخرين على نفسه. إنكم تضعون تضحيات الحشد الشعبي في مهب الريح. يطالبكم الآخرون بتنازلات وضمانات دولية وأنتم في المقابل تقدمون التنازل تلو الآخر من دون أي ضمانات، حقا إنها قسمة ضيزى!   إن إقصاء الحشد الشعبي من المدن الساخنة بشهادة الجنرال الأمريكي لود اوستن أمام الكونغرس الأمريكي لهو تطور غاية في الخطورة، ويثبت مرة أخرى أننا يمكن أن نعود للمربع الأول في أية لحظة طالما اعتمدنا على ذات النخبة السياسية التي أوصلتنا لما نحن فيه الآن.   الأداء السياسي مرة أخرى يوشك أن يقلب الطاولة علينا جميعا. الموقف الأمريكي المعلن والواضح وضع النقاط على الحروف وكشف للإعلام عن حقيقة ما جرى خلف الكواليس في أروقة السياسة خلال الأسبوع الماضي.   المخلصون في هذا الوطن إن لم يعيدوا الأمور إلى نصابها ميدانيا، بأسرع ما يمكن، فستكون هناك انتكاسة كبيرة في معظم المناطق الساخنة. الجميع يتحمل المسؤولية، وخصوصا رئيس الحكومة، فالرجل وضع نفسه والآخرين في موقف حرج.   إن رهان السياسي العراقي هو إيجاد مسارات سياسية تسمح للعراق الجمع بين إمكانيات التحالف الدولي وقدرة الحشد الشعبي على حسم الملف العسكري على الأرض، وهذا ما لم ينجح فيه أصحاب المناصب السياسية العليا في العراق.   نحن بلد يعاني الكثير من الفوضى ولا يمتلك مؤسسة عسكرية قادرة على حمايته. من هنا فإننا بأمس الحاجة الى تشكيلات الحشد الشعبي التي أثبتت قدرة كبيرة على تقليم أظافر داعش من جهة، والغطاء السياسي المشروع دوليا الذي يوفره التحالف الدولي من جهة أخرى.  

مقالات أخرى للكاتب