رأي

علي عبد الله صالح في العراق

علي عبد الله صالح في العراق

زاهر موسى

مفهوم الحزب الحاكم يختلف في معناه بين الغرب والشرق. في الدول الديمقراطية جدا يكون الحزب الحاكم هو الحزب الذي يفوز بالانتخابات بأغلبية ما ويرشح الرئيس. الأمر في بلدان أخرى ينطوي على معنى آخر. الحزب الحاكم يتضمن أحيانا قادة عسكريين ورجال أعمال وأصحاب مؤسسات إعلامية وزعامات قبلية وأخرى دينية، من دون أن يكونوا أعضاء حزب او حلفاء في تجمع سياسي. الصفات التي ذكرتها هي نقاط يزرعها الأخ الأكبر في جسد الدولة لتكون دولته العميقة وحزبه الحاكم وعنصر بقائه.   في مصر ابان حكم حسني مبارك كان الحزب الوطني هو تجمع لجيل من الفاسدين إداريا وماليا منذ أيام السادات. وفي الجزائر تمارس جبهة التحرير الوطني المهنة نفسها، والأمر شبيه بذلك في اليمن ابان حكم علي عبد الله صالح وحتى اللحظة.   خصوصية علي عبد الله صالح انه باق ليقود حزبه الحاكم او ما يسمى بالمؤتمر الشعبي الحاكم، ومن خلال هذا الحزب المتفشي في الدولة يحكم صالح اليمن كلها بوجود عبد ربه منصور هادي او بعدم وجوده.   في العراق لدينا تجربة مشابهة نتحسس يوميا بقاءها على الأقل دون معرفة منا عن الموعد المحدد للعودة الى الضوء مرة أخرى. لا أتحدث عن حزب الدعوة الإسلامية، بل عن حزب رئيس الوزراء السابق نوري كامل المالكي من قادة عسكريين وأمنيين ووزراء ومسؤولين ومديري مؤسسات ودوائر وأقسام ورجال أعمال ودهاقنة إعلام وزعماء مليشيات وقادة محليين من العشائر ورجال الدين.   في تصريحه الأخير لمعدي التقارير الصحفية لافداي موريس وليز سلاي في الواشنطن بوست يقول المالكي: ((ناء على قاعدة التأييد التي أحظى بها، التي لا تزال موجودة وقوية، فإن (عودتي) ممكنة))، والرجل يقيد كلامه بتواريخ وملاحظات قانونية مثل ان موعده مع الترشح المقبل هو عام 2018 وانه داعم للعبادي إلا ان هذه التواريخ والملاحظات لا تتناسق مع مكتبه وقصره الذي لم يسلمه الى خليفته حتى اللحظة. هل يمكن أن يكون المالكي هو علي عبد الله صالح العراقي؟ أعتقد ذلك، فالرجل يمتلك كروشا كثيرة أسهم في امتلائها، كما ان المالكي لا يزال يحظى بدعم من جناح ايراني متشدد. يقول الرجل عن قوات الحشد الشعبي: ((لقد أنشأتها في فترة حكمي، وأفرادها يشعرون بالقرب مني، وربما بالولاء لي، ولذلك أستمر بالعمل معهم، وأدعمهم وأدفعهم إلى القتال)). وهنا يقصد المالكي إسهامه في انشقاق عصائب أهل الحق عن التيار الصدري، وانشقاق منظمة بدر عن المجلس الأعلى الاسلامي، بل وحتى صعود الجبور في ديالى وصلاح الدين كحليف للحكومة.   يمكن للمالكي ان يهدد شرعية العملية السياسية وان يقفز الى السلطة بطريقة ما، فالرجل الذي يتهمه البعض بانه سلّم الموصل لداعش نكاية بخصمه اللدود أسامة النجيفي يمكنه ان يفعل اي شيء للبقاء على وهمه في الحكم مرة أخرى، وربما يجدر بالعبادي ان يجعل قبضته حول بغداد من حديد حماية له وللعملية السياسية.  

مقالات أخرى للكاتب