رأي

المؤتمر القريب البعيد

المؤتمر القريب البعيد

زاهر موسى

منذ عام 1999 وجمهور آل الصدر يتصدرون الحياة الاجتماعية في الشارع الشيعي بحيوية واندفاع، فئة الشباب منهم يستحوذون على الخطوات الكبرى ويحركون الراكد من الأيام. ما جرى من تقسيم لمشهد الصدريين بعد التغيير عام 2003 لم يقلل من فرصة استحواذهم على الجزء الأقوى من المتن في الوسط والجنوب. كانت تجربة "جيش الامام المهدي عج" هي الأكثر اتساعا من بين كل التجسدات البشرية لأفكار قيادات ما بعد التغيير، حتى الحشد الشعبي لم يستطع التفوق عدديا على تلك التجربة رغم انه يحمل ملامحها.   الافتراق الذي وصل الى أكثر من ذروة بين الصدريين وبقية مكونات التحالف الوطني أصبح من الماضي تقريبا لأسباب تتعلق بالاندماج في العملية السياسية وجسد الدولة عموما عبر مراحل قادها سياسيو الكتلة الصدرية من ناحية، والحوار الايجابي والمحترم بين السيدين السيستاني ومقتدى الصدر من ناحية أخرى. ان الفحولة التي يمتلكها الصدريون لم تعجب بعض السياسيين الكبار فلعبوا على خيط الأزمات الداخلية لهذا التيار العفوي وحاولوا تمزيقه الى حد ما. كان عام 2010 حاسما بالنسبة لبعض الأطراف المهمة والفاعلة في التيار الصدري لكي تشق طريقها بعيدا عن الحنانة.   لن أضيف الكثير لما قيل في سبب الخصومات، ولكن من الجيد الانتباه الى ان تعدد عناوين جمهور الصدريين كان تضخما للظاهرة لا توهينا لها او ضعفا. لو راجع المتتبع اليوم مرجعيات الفصائل المسلحة في العراق التي تؤثر بشكل لا يقبل النكران في القرار السياسي لوجد انها تعود الى التيار الصدري أولا وأخيرا، والتوتر المستمر منذ سنوات بين شرائح الصدريين تجعل المتابع متحفزا لمعرفة الخيار السياسي لكل شق منهم، كما ان افتراقهم يشكل هوة كبيرة في اتساعها شر عظيم.   لم يفقد الصدريون زخمهم في النفي والهروب القسري خارج العراق، كما حدث لغيرهم من الأحزاب الشيعية، كما ان امتدادهم في الطبقة الفقيرة، وهي كبيرة وفاعلة في الزمن الديمقراطي، جعلهم أقوياء دوما، كما انهم يعتبرون خروج الأمريكان نصرا لهم، ولأنهم رجحوا كفة من فاز برئاسة الوزراء دائما فانهم استشعروا أهمية وجودهم السياسي وقادوا التغيير الذي طال المالكي على الأقل.   كل المعطيات السابقة تجعل مؤتمرا عاما لجمهور آل الصدر في العراق أمرا مهما ومفيدا للجبهة المؤمنة بالعملية السياسية، والتي تملك إيمانا بعراق موحد على الأقل، وموقف رافض للتبعية لطهران كذلك. المؤتمر الذي أتخيله لا يأتي من الصدريين أنفسهم بلا شك، واعتقد ان القيادات الشيعية الكبرى التي تهتم بقوة الجبهة العراقية وتحمي الدولة والتجربة الديمقراطية هي المسؤولة عن تقريب الفرقاء وإقامة هكذا لقاء. سيعتقد البعض ان هذه التخيلات واهنة وليست واقعية، ولكن اشارات نسمعها هنا وهناك تشير الى ذلك التقارب الحتمي، فالصدريون اقرب الى تجربة آل الحكيم السياسية، وليسوا أقرب الى تجربة الدعوة من وجهة نظري.  

مقالات أخرى للكاتب