رأي
من يشاهد الانقسام السياسي داخل واشنطن، وتحديدا بين جمهوريي الكونغرس وديمقراطيي البيت الأبيض، يشعر وكأنه يشاهد صراعا سنيا شيعيا. لقد بات من اليسير توقع مصطلحات من قبيل "تقية" او "فتوى" او "تكفير" او "اقامة حد" في الكابيتال او البنتاغون، حتى دون ان يثير ذلك استغراب أحد.
ان الإعلام السعودي والقطري والاماراتي تحديدا هو المسؤول بشكل مباشر عن تصدير الصراع الطائفي الى العالم وتحديدا الى واشنطن على انه خطاب سياسي، والسبب الرئيس في هذه المسؤولية هو قرب هذه المؤسسات واللوبيات التي صنعتها هناك من دائرة صنع القرار في ظل انقطاع او ضعف الطرف الايراني والعراقي والسوري.
ايران أيضا ليست بريئة تماما من تصدير هذا الخطاب التالف، فلقد أصر المفاوضون الايرانيون على ان السيد الخامنئي أصدر فتوى بتحريم الأسلحة النووية او استخدامها حسب مصادر الفتوى، وكأن السيد الخامنئي سيبقى أبدا. الفتوى الذي تحدث عنها أوباما بايجابية أوجدت نقمة في صفوف الكثيرين من التابعين ماليا لدول مجلس التعاون الخليجي فبدأت حرب تصدير الخلافات الفقهية الطائفية إلى الغرب.
اشتغل الإعلام السعودي والقطري والإماراتي عن طريق لوبيات إعلامية أميركية على تصدير مفهوم يتعلق بالتفاوض الأميركي الإيراني، والتأكيد على ان ما تقوم به إيران هو "تقية" وهذه التقية هي نفاق وضحك على الأميركان. صحيفة واشنطنية اسمها "The Hill" نشرت دراسة بعنوان غريب هو "هل استخدمت ايران التقية في توقيعها للاتفاق النووي مع الغرب؟" كاتب الدراسة Dan Perkins ليس بالنكرة على كل حال، فهو مؤلف له شهرة جيدة، وهو متخصص بالشرق الأوسط من ناحية أخرى.
الأكثر خزيا هو الحديث المتواصل عن شيعية أوباما. لقد كان هذا مضحكا في البداية على لسان محيي الدين اللاذقاني المثقف السوري المعروف، لكن أن يتوسع الأمر حتى يصل الى الفضاء العالمي فذلك من المبكيات. تحدث Michael W. Chapman وهو صحفي أميركي معروف في تقرير رفعه إلى موقع CNS News عن حزمة الفرضيات التي قال بها مجموعة من العقول الاسلامية التي يجب احترامها بخصوص شيعية أوباما وللقارئ ان يتخيل ما يمكن تخيله هنا.
اللوبيات ذاتها تحدثت عن بهروز ناهد الإيراني وزوج فانيسا بنت وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وعن مقدار تأثيره في سير المفاوضات والتنازلات الأميركية لإيران، فيا للعجب من هذا الهراء الذي تتم ترجمته للغة الانجليزية وتصديره الى الرأي العام الأميركي من اجل اقناع الشعب الأميركي "الساذج!" بهيمنة الشيعة على البيت الأبيض.