رأي

صراع مجلس الأمن في امبراطورية الفيفا

صراع مجلس الأمن في امبراطورية الفيفا

جمال الخرسان

ما إن اقتربت انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" حتى تسارعت أحداث كبرى تتجاوز بكثير دائرة المنافسة على زعامة اتحاد الكرة المستديرة، وفجأة كادت الأمور تخرج تماما عن السيطرة داخل أروقة الفيفا وقفزت الى السطح مواقف متباينة جدا بين أكبر الزعامات السياسية لهذا العالم!   واذا ما تم ايجاد مبرر مقنع الى حد ما لحملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات السويسرية والتي طالت سبعة من ابرز وجوه الفيفا قبل بضعة ايام فقط من اجراء الانتخابات وذلك لأنها مسؤولة عن تنفيذ القانون هناك فما الذي يدفع القضاء الامريكي لحشر نفسه بما يحصل في مؤسسة مقرها الرئيس في سويسرا؟! وما الذي يدفع مكتب التحقيقات الفدرالي "FBI" الى زرع أجهزة تنصت والتنسيق مع بعض الاعضاء المهمين في الفيفا من اجل تمرير المهمة؟! ثم ما الذي يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى ادانة حملة الاعتقالات التي جاءت بتدخل امريكي واتهام واشنطن باستخدام أساليب غير شرعية لتحقيق أهدافها، جاء هذا الموقف قبيل الانتخابات، اما بعد نجاح بلاتر في الحصول على ولاية جديدة فكان بوتين من اوائل المهنئين له. وما الذي يدفع مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا الى الدخول على الخط بقوة ومراجعة ملفات الفيفا؟! ذات السؤال ايضا يطرح على اطراف اخرى كثيرة تدخلت رغم انها مبدئيا ليس لها علاقة مباشرة بالشأن الرياضي.   ليس جديدا ان الفيفا مؤسسة فاسدة، وهذا ما يؤكده جميع المتابعين لهذه المؤسسة ولا ينكره احد فيها. منذ فترة طويلة ترشحت اتهامات عن ابتزاز، وتزوير، وغسيل أموال طالت كبار مسؤولي الفيفا، لكن ما الذي فجر جميع تلك الملفات في وقت واحد ودخلت على الخط جميع تلك الاطراف؟!   ان الصراع الحثيث في مجلس الامن للقوى الكبرى انتقل بشكل جنوني الى الصراع على امبراطورية الفيفا. محاور "سيارياضية" تشكلت بهدف الانحياز لصالح كل مرشح على حساب الآخر، وتوزعت بين كتل مؤيدة لإعادة انتخاب السويسري جوزيف بلاتر المدعوم من روسيا وحلفائها او لانتخاب المرشح الجديد الأمير علي بن الحسين المدعوم من امريكا واوروبا.   الصراع السياسي واضح وجلي، وان كان توزيع اللاعبين مختلفا قليلا هذه المرة عن طبيعة الصراع التقليدي المعهود في السنوات الاخيرة، فقطر مثلا وجدت في المحور الروسي ملاذا آمنا للحفاظ على ملف كأس العالم 2022، وكما انقسم العرب في الصراعات الدولية الاخرى انقسموا ايضا في ازمة الفيفا بين مؤيد لبلاتر كما هو الحال مع الكتلة العربية التي اسس لها الكويتي احمد الفهد، وبين الكتلة الاخرى التي وقفت لصالح الاردني علي بن الحسين.   ان امبراطورية الفيفا التي تدير وترعى كل ما يتعلق بشؤون اللعبة الاكثر جماهيرية في العالم ليست في منأى عن اولويات الحرب الباردة والصراع المحموم بين كبار هذا العالم، ونوافذ الفيفا مطلة على جميع البلدان، ولها اذرع ممتدة في جميع الاتجاهات، ولهذا وصفها ذات يوم الامين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بقوله: "ان دولة الفيفا اقوى من الأمم المتحدة".  

مقالات أخرى للكاتب