رأي

إنقلاب في داعش؟!

إنقلاب في داعش؟!

جمال الخرسان

تكاد تجمع المصادر المختلفة من الدوائر الضيقة بتنظيم داعش الدموي على أن التنظيم انقسم على نفسه من الداخل انقساما حادا أدى في نهاية المطاف إلى اتخاذ الخليفة قرارا بإعدام ثلة من أبرز القيادات المهمة في التنظيم اثر توجيه اتهام لها بتدبير محاولة إنقلابية.   هذه التسريبات الموثوقة تؤكد للمرة الألف ان هذا التنظيم الدموي وفيٌ لأدبيات البعث وحكم العسكر بشكل مذهل. ان الهوس بتدبير الانقلابات من جهة، وتصفية الخصوم والمنافسين بحجة تدبيرهم للانقلابات من جهة ثانية ظواهر تكشف عن هوية أصحابها بشكل صارخ وتكشف عن الأطراف التي كانت تتبعها وخصوصا في بلد مثل العراق.   التنظيمات الارهابية المتطرفة ذات الطابع الديني المتشدد لا تعبر عن انقساماتها وخلافاتها بهذه الطريقة التي اتخذها أبو بكر البغدادي، بل لا يوجد في أدبيات تلك التنظيمات مفاهيم دينية على شاكلة الانقلابات البعثية والعسكرية. لقد اعتدنا ان تنقسم التنظيمات الارهابية حينما تختلف، ثم تأتي مرحلة التراشق بالفتيا حتى يكفر بعضها بعضا، ثم لاحقا قد يترجم ذلك الخلاف الى قتال على الارض بين الاطراف المتصارعة. أما ان يتخذ البغدادي وهو رأس الهرم في تنظيم داعش بين ليلة وضحاها قرارا بتصفية المحيطين به بهذه الطريقة الصادمة لجمهور التنظيم فهذا يعني ان ذلك التنظيم في جوهره ليس تنظيما جهاديا متطرفا، بل بعثيا عسكريا دمويا تجلبب بجلباب تلك التنظيمات من أجل أهداف سياسية ليس إلا.   لا أريد تبرئة التنظيمات الجهادية من الإجرام والدموية ولا تنظيم داعش من الفكر الظلامي، ولكن أقصد ان إرهابية ودموية داعش في جوهرها مختلفة عن إرهابية ودموية التنظيمات الجهادية الأخرى، وان هذا التنظيم على خلاف منهجي وفكري عميق مع الوريث الروحي لتنظيم القاعدة جناح أيمن الظواهري ومن يرتبط به، فالقاعديون المخضرمون لا ينظرون الى تنظيم داعش إلا انه تنظيم هجين لا يحمل فكر القاعدة في جذوره وعقيدته الدينية خصوصا في صفوف قياداته البارزة.   ما حصل من نحر لمجموعة من أبرز قيادات التنظيم ينعش ذاكرة العراقيين ويذكره بأدبيات قديمة بائسة تجسدت بشكل واضح في سلوك حزب البعث طيلة النصف الثاني من القرن العشرين.  

مقالات أخرى للكاتب