رأي

سوف يلفت نظرك، أيها القارئ، أن أساليب قتل المرأة تتنوع في كتاب (أخبار النساء) لابن الجوزي المتوفى في القرن السادس الهجري، وستعجب منها، ففي كل قصة من قصص خيانة المرأة في الكتاب ستجد أسلوبا مختلفا. ودعنا من السبب الذي تقتل من أجله المرأة، فهي تقتل بلا سبب نهائيا، أو لسبب يحتمل النقاش!   ومن اللواتي يقتلن بلا سبب ابنة لقمان، وتسميه القصة حكيم العرب، وهذه يقتلها أبوها بأن يهشّم رأسها بحجر. وماذا فعلت؟ لاشيء! هو التقى بها صدفة، وكان انتهى توا من قتل زوجته، التي اكتشف أنها تخونه بحيلة مبتكرة، فبعد أن بنى لها صرحا لا يصله إنسان، تسلل إليها رجل، ساعده قومه على ذلك، بأن خبئوه بين سيوف لهم، وأمنوها عند لقمان. وفي غياب الأخير يخرج الرجل من السيوف إلى الزوجة. إلى أن اكتشف لقمان الخيانة من أثر تركه وراءه الرجل وعرفه لقمان، فقتل المرأة. وفيما هو خارج من عندها مرت به ابنته فأخذ حجرا وهشّم به رأسها. وقال: وأنت امرأة أيضا!   في أسلوب آخر، يتكرر في قصة ثانية، يقتل القائد الفارسي، الذي فتح أحد الحصون العصية عليه، ابنة صاحب الحصن، التي ساعدته على النفاذ إلى القصر، فقد عشقته، بأن يربط كل طرفين من أطرافها (رجلها ويدها) إلى حصان من حصانين متعاقبين ويدفعهما إلى الجري لتنخرق المرأة إلى نصفين. وهو يقتلها لأنه خشي أن تخونه كما خانت أباها، أي أنه قتلها لذنب لم يقع بعد.   وفي قصة ثالثة يجعل الرجل في عنق امرأته حبلا، ويعلقها في سقف القصر، الذي بناه لها هاربا بها من الناس خوفا من خيانتها له، فاضطربت حتى ماتت. ذلك بعد أن يعرف من ضيفه أنها حدّثته ودعته إلى نفسها، أي بعد أن اتضح له أنها تخونه في تشديد على موضوع أساسي تدور عليه الكثير من قصص النساء هو أنها، أي المرأة، ستخونك إن أرادت مهما بالغت في إخفائها وإبعادها عن الناس. وسبق للقمان أن بنى لها بناء عاليا، لا يصله إنسان، ولم ينجح في مسعاه. وهذا الرجل في هذه القصة يبني لها قصرا في الصحراء، ولا يستطع أن يمنعها من خيانته.   وعليك، أيها القارئ، وعليّ، أن نسأل عن سبب هذا التقييد للمرأة، ثم أليس سوء الظن بالإنسان، وحبسه، يدعوه إلى كره سجانه، وإلى البحث عن أي مُنقِذ له من عناء الحبس والوحدة والموت البطيء؟! وإذا كنا نحن بوعينا الحالي نسأل مثل تلك الأسئلة، فالقدامى لم يكن يهمهم إلا المبالغة في تخويف الرجل من خيانة المرأة، وإلا المبالغة في تخويف المرأة من عقوبة الخيانة. وما من سبيل إلى هذه الأخيرة أفضل من ذكر أساليب متنوعة ومبتكرة لقتلها في القصص.  

مقالات أخرى للكاتب