رأي
كم أردنا ذاك الزمان بمدح
فشُغلنا بذم هذا الزمان.
المعري
الجن أنواع، منهم المؤمن ومنهم الكافر، بيد أن أردأ انواعهم، هو ذاك الذي سكن جسد الدولة العراقية بعد 2003، وبما ان اخراجه منه بات صعباً لاعتبارات ما ورائية ودولية واقليمية، فلا اقل، والحالة هذه، من استخدام انواع اخرى من التعازيم المدنية السلمية- كما يتوهم البعض!-، لاقناعه بكف يده الخفيفة عن الاستحواذ، الذي بات علنياً، ومفضوحاً، على ارواح الناس وممتلكاتهم. نحن- دوماً- معه اسرى روايات رهيبة نعلم متى بدأت، ولكننا، نجهل كيف ننهيها معه. أما عنه هو، نفسه، فله منطق آخر، خفي، وعجيب، فهو ان جلس على كرسي، صارا هو والكرسي قطعة واحدة، لا تقوى كل اعاصير الكون على اقتلاعه منه، وان دخل سوقاً اباح لنفسه شراء كل ما تشتهيه.. بالدين، على أنه لا يترك السوق إلا بعد اشعال حريق يختلط فيه لحم واوراق (ام شعر بام صلعة)، لإضاعة كل دليل على مروره المشؤوم بالسوق.
وهو لن يدخل بيوت الناس إلا من ثقوب ابوابها، أو جدرانها، وربما دخل، لشعوذة عجيبة فيه، من اذني فتى من فتيان العائلة اللاهين في شارع او مسجد، وتعال (يا عمي وخلصنا من مسودن العائلة!). هو بين اللاجئين موزع الارزاق، وفي الحشد تاجر الاسلحة. السؤال، هو: جدوا لي، رعاكم الله، وأطال في اعماركم، جنياً ترك النعمة التي هو آكل شارب شاخرٌ فيها بـ(العيني واغاتي؟؟!).
لا بد، أقول لكم، من رجل مجربٍ، عارفٍ باحوال الجن، وتقلباتها، مؤمن بالله، بحق، خبير بقرآن ربه، مدرك لمحكم آياته، وخصوصاً، منها، تلك الكفيلة بافزاع الجني عن مكمنه في جسد الدولة، ومفاصلها التي تورمت من كثرة الكسل، وكثرة الأكل بلا جهد، ولا تعب تستحق معه الراحة، جسوم الكادحين من البشر وسائر مخلوقات الله، بعد كدح وعناء. فيا مراجع ديننا الكبار، والناس مزمعون على مزيد من التظاهرات، نتمنى عليكم الفتيا بحرمة دماء المتظاهرين، وكف ايدي جن دولتنا الكافر، دولة الفساد والاستبداد، عن مواصلة سرقة مستقبل الناس، وعن العبث الدنيء والمشين بمصائرهم، وبمصائر عوائلهم.
تُرى! ألن يكتشف سلميو تظاهرات ساحة التحرير، حقيقة ان لا سبيل إلى إخرج الجني من الشعب المعذب به، إلا بالعصا، مضافا إليها ما اتفق عليه العالمون بامور الجن، من تعازيم؟. خوفنا كله من أن تتجه الأمور اتجاهاً"عصوياً" مستعصياً على أهل الحل والربط، في بلاد استأجرها جني محلي من محتل منحطٍ، دنيءٍ، وكوني!.