رأي

متابعات: إحراق البنك المركزي وجديد مجازر التفجيرات ونقد البابا فرانسيس للديموقراطية "الطائفية"

متابعات: إحراق البنك المركزي وجديد مجازر التفجيرات ونقد البابا فرانسيس للديموقراطية "الطائفية"

علاء اللامي

  اولا: بالريش بالريش .. سلامات : الحريق الذي شبَّ في الطابق التاسع من مبنى البنك المركزي العراقي حدث بسبب تماس كهربائي عميل يستهدف العملية السياسية ولحسن الحظ فإن الحريق حدث في الطابق الذي يقع فيه المطعم كما قالت وزارة الداخلية!   غدا سيقول أحد المدسوسين والمعادين "للديموقراطية الطائفية والشركة الوطنية للنهب العام " وللدين الحنيف إنَّ ملفات صفقات المتاجرة بالعملة الصعبة والعراقية وقوائم أسماء العتاوي السمان ومصارفهم الخاصة التي "تمليرت وتكرشت " منها قد اختفت أو احترقت فالسبب - يا هذا (أو يا عدو الله والوطن) - هو أن تلك الملفات كانت تستعمل في مطعم البنك المركزي للفِّ سندويجات الفلافل أحيانا بسبب التقشف..و... بالريش بالريش .. جروا صلوات !   ثانيا: تاه الحساب مع دماء مجزرتي مدينة الثورة والشعب : يا جماعة، يا جماعة .. والله ملينا وملَّ الملل منا : ما يحدث في مدن العراق وبخاصة بغداد وأحيائها الفقيرة من تفجيرات بشعة ليس حربا، ولا علاقة له بالحرب من بعيد أو قريب !   الحرب كما يعلم حتى المعتوهين تنشب بين طرفين، دولتين، عشيرتين، جيشين، فيشتبكان و ينتصر أحدهما ويهزم الثاني، وبعض الحروب تطول بسبب توازن القوى ورغبة طرف ثالث في دوامها فتتحول الى حروب منسية لتتحول الأوطان عندها إلى أرض خراب وذكريات .. الصومال مجرد مثال!   لكنَّ ما يحدث في مدن العراق من تفجيرات وهجومات غادرة ضد الناس العزل ليست حربا، بل هي إبادة ممنهجة وقذرة وبلا حرمة ولا أخلاق والقتلة فيها معروفون ويفاخرون بجرائمهم وحتى لو كان هناك من يعينهم أو يحتضنهم أو يشارك معهم من ساسة النظام الحاكم في العراق فهذا لا يغير من هذا الواقع الصادم والمقرف شيئا .. ولكن لبَّ القضية ليس هنا بل في استمرار هذه الإبادة طوال أكثر من 13 عاما دون هوادة أو توقف مع بقاء النظام بزعمائه وأحزابه و مؤسساته ودستوره وحلفائه كما هو دون تغيير أو تعديل فماذا يعني هذا؟!   طيب : سأبرئ النظام ومؤسساته كافة من تهمة الاختراق الداعشي والتواطؤ والفساد!   سأبرئ الذين يعوون ليلا وليلا بأصوات الحقد والثأر والانتقام الطائفي والعرقي من الاحتضان والتواطؤ والمشاركة !   سأبرئ الساسة رغم أزماتهم وسرقاتهم وفضائحهم من أي علاقة بهذه الإبادة، ولكنني لا يمكن إلا أن أطرح سؤالا واحدا، سؤالا واحدا فقط :   لو أن ما حدث ويحدث في العراق من مجازر منذ 2003 وحتى تفجيرات اليوم الشنيعة، لو أنه حدث في غابة تسكنها الحيوانات العجماء فقط، ولا وجود للبشر العاقلين فيها، أ لن تبادر هذه الحيوانات فتهاجم وتفترس ملك الغابة وتحوله إلى إرب شذر مذر لأنه عجز ويعجز يوميا عن حماية المخلوقات التي في عهدته؟   دعونا من السياسة والتحليلات والثرثرة الفارغة، لنتخل عن الذكاء والألمعية التي ما قتلت ذبابة ونسأل هذا السؤال فقط :   لماذا تبقى هذه الطغمة الفاشلة والمؤلفة من بضع مئات من اللصوص والمأفونين وحلفاء الغزاة الأجانب على رأس مؤسسات الدولة العاجزة عن حماية الناس حتى اليوم بعد كل هذه الدماء التي سفكت من المدنيين العزل؟!   إلى متى يبقى هذا السؤال دون جواب عملي يطيح بهؤلاء وينهي حرب الإبادة على الشعب العراقي؟!   إنَّ دماء الذين قتلوا اليوم في رقبة من أسس وساعد وأفتى ودَسْتَر و رسخ نظام حكم الطوائف ودستوره وبرلمانه وأحزابه وزعمائه و مثقفيه أولا، وفي رقاب مسعوري داعش ثانيا، فلولا فشل النظام الشيطاني لهؤلاء لما استطاع أولئك المجرمون من تفجير سيارة مفخخة واحدة بين أجساد الفقراء العزل!   قولوا لهم : يا عمي ، فشلتوا بحمايتنا ففكوا ياخة عنا، وحلوا عن سمانا لخاطر الله وإذهبوا الى الجحيم !   ثالثا: آل ‫#‏فليس : عائلة كاملة استشهدت في تفجير حي الشعب/ قرأت هذا الهشتاك على الفيسبوك، وليس هناك سبب واحد يجعلني أشكك في صحته فالفقراء هم طعام النار الداعشية التي يسعرها عجز دولة المحاصصة الطائفية (الشيعية السنية الكردية) التابعة لواشنطن وطهران عن حمايتهم، أعيد نشره بتصرف طفيف للتوضيح : ( آل #فليس في حي الشعب هم [جبار وفاضل وعواد وجعفر ورحيم بن عواد وأمهم و الطفلين حاتم وعقيل ]   عائلة كاملة عندهم محل لبيع الرگي "البطيخ الأحمر" و الدجاج بسوق "الأربعة آلاف"في حي الشعب ببغداد، استشهد خمسة منهم بينهم اثنان من أطفالهم وأمهم في لحظة التفجير الإجرامي، و يرقد حالياً اثنان منهم في صالة العمليات الجراحية.)   بعد قراءة هذا الهشتاك ازددت اقتناعا أن الاكتفاء بتكرار عبارة وكيل السيستاني القائلة "المشتكى إلى الله"، سيعني حدوث تفجيرات أخرى تسقط فيها جثث أخرى وتزهق فيها أرواح بريئة أخرى...   بداية الحل الحقيقي والنهائي هي في كنس النظام الطائفي من أجل سحق وإبادة عصابات داعش، أما بقاء هذا النظام فيعني بقاء داعش بنسخ جديدة و متجددة!   رابعا: الكارثة هنا يا بابا : البابا فرانسيس ليس على حق، الحق مع بوش والسيستاني :   في لقاء صحافي مع صحيفة "لاكروا" الفرنسية انتقد البابا فرانسيس القوى الغربية لمحاولتها (تصدير انموذجها من الديمقراطية إلى دول مثل العراق وليبيا دون احترام الثقافات السياسية لتلك الدول). وقال البابا (ينبغي أن نشكك في الطريقة التي جرى بها تصدير أنموذج من الديمقراطية يحمل بصمة غربية كبيرة إلى دول كانت بها سلطة قوية... كما في العراق أو ليبيا... حيث كان يوجد هيكل قبلي، لا يمكن أن نحقق تقدما دون وضع تلك الثقافات في الاعتبار.)!   البابا – هو بالمناسبة يعبر هنا عن رأيه الشخصي كمواطن لجريدة لا أكثر، فليس من حقه التدخل في الشأن السياسي العام بصفته الدينية، كما تقتضي قوانين دولهم العلمانية، وأتذكر أن أحد أسلافه وهو البابا يوحنا بولص الثاني، تدخل ذات مرة تدخلا صغيرا في الشأن الإيطالي العام حين أصدر بيانا هنأ فيه العمال الإيطاليين بعيدهم العالمي وتحدث عن مشاكلهم المحلية، فقامت قيامة الأحزاب والنقابات الإيطالية بسبب هذا التدخل وطالبوه بالاعتذار عنه وعدم تكراره ففعل، ولكنه لم يكف عن التدخل في شؤون دول الكتلة الاشتراكية كبولونيا والاتحاد السوفيتي كما هو معروف حتى تمكن هو وريغان وآل سعود وحلفاؤهم من تدميرها)، أقول : البابا فرانسيس كان محقا في نقده للقوى الغربية فشرورها على البشر والحجر والشجر أكثر من أن تحصى، ولكنه ليس محقاً في تعليله لهذا النقد وخصوصا في قوله أن القوى الغربية بقيادة بوش الصغير (فرضت النموذج الغربي من الديموقراطية على العراق وليبيا ولم تحترم الخصوصيات والثقافات المحلية وتأخذها بنظر الاعتبار!)   على العكس من ذلك تماما، فلم يفرض بوش وجيوشه على العراق والعراقيين النموذج الغربي لدولة المواطنة والمساواة المنفصلة تماما عن المؤسسات والشخصيات والرموز الدينية بل تم بناء "دولة مكونات طائفية" كسيحة وفاسدة يروج لها ويدافع عنها ويدعوا إلى تأييد دستورها وانتخاباتها مراجع دينية عليا كالمرجع علي السيستاني.   الكارثة هنا يا بابا – أقصد يا حضرة البابا - والحق ليس معك في قولك إن بوش ومن معه لم يحترموا خصوصيات العراق وليبيا المحلية وتكوينهما القبلي بل هم فعلوا ذلك الأمر تحديدا ولا شيء سواه،وبشكل مبالغ فيه عن سابق قصد وتصميم، فأنشأوا دولة يتنازع على أسلابها بالمفخخات وكواتم الصوت زاعمو تمثيل الطوائف والعرقيات والعشائر والمواكب حتى وصلنا إلى درجة تنسف فيها أجساد المدنيين الأبرياء وهم يمشون في الأسواق والمستشفيات و الشوارع ويُقتل الناس ويهجرون على الهوية الطائفية والقومية، أما الذين ورطوهم في هذا الجحيم فقد نفضوا أيديهم منهم ومن مأساتهم فإما أنهم اعتكفوا أو انهم أوصوهم بالتوجه إلى الله والدعاء إليه ( فالمشتكى إلى الله !) كما قال وكيل المرجعية النجفية، وفي هذا تطبيق لقول الشاعر القديم عبد الغني النابلسي :   ألقاهُ في البحرِ مكتوفاً وقالَ لهُ ...... إياكَ إياكَ أنْ تبتلَ بالماءِ.  

مقالات أخرى للكاتب