رأي
منذ ان وصل فلاديمير بوتين الى السلطة عام 2000 شرع بترميم البيت الروسي من الداخل بعد ان تهرأ نتيجة سقوط الاتحاد السوفيتي مطلع العقد التسعيني من القرن الماضي وكذلك ايضا بسبب سياسات الرئيس الروسي الذي سبقه يلتسن، رتب بوتين اوراقه الداخلية وهيكل صفوفه الخلفية للمناصب المهمة في الدولة الروسية، قوة شوكته وشوكة الحكم في روسيا، بحذر رجل المخابرات المتمرس كان ينظر بوتين لتوسع حلف الناتو في بحر البلطيق خصوصا بعد عمل الحلف على ضم مجموعة كبيرة من بلدان اوروبا الشرقية كذلك استونيا، لاتفيا وليتوانيا عام 2004، الحلف يقترب من روسيا دون مبررات منطقية لذلك التوسع بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فدفع ذلك بتوين الى الاعداد لمرحلة جديدة من التعامل مع اوروبا والمعكسر الغربي بشكل عام، حرص بوتين على عدم الاكتفاء بالامتعاض ورفع سقف التسليح ووقوف الند للند من خصومه في المؤسسات الدولية خصوصا في مجلس الامن بل اكثر منذ ذلك، شرع باستعادة ما يمكن استعادته للاراضي الروسية، وهكذا اخذت روسيا بالتوسع جغرافيا منذ مجيء بوتين الى السلطة وحتى في فترة تبادل الادوار بينه وبين ظله ميدفيديف الذي اصبح رئيسا للجمهورية عام 2008، ففي تلك الفترة استحوذت روسيا اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، بعد حربها مع جورجيا، على مرأى ومسمع الجميع.
ذات القضية استثمرها بوتين في عودته مرة اخرى الى هرم السلطة الروسية واستعاد جزيرة القرم ذات الموقع الاستراتيجي على البحر الاسود، اثر سلسلة من الاجراءات اهمها الاستفتاء الذي اجري يوم السادس عشر من اذار عام 2014 عادت شبه جزيرة القرم الى روسيا، واصبحت جزءا من الدولة الروسية بعد مرور يومين فقط على الاستفتاء. و بعد ستين عاما على تنازل الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف عنها الى اوكرانيا عام 1954.
"اندريه إيلريونوف" كبير المستشارين الاقتصاديين السابق لبوتين في الفترة من عام 2000 وحتى عام 2005 في مقابلة مع صحيفة “سفينسكا داجبلات” السويدية قال: "أن بوتين يسعى إلى خلق ما يمكن وصفه بـ (العدالة التاريخية) التي تقتضي العودة إلى أيام اخر القياصرة الروس نيكولا الثاني والاتحاد السوفيتي في عهد ستالين، مما يعني ضم مجموعة من الجمهوريات في بحر البلطيق ومنها فنلندا التي استقالت عن روسيا عام 1917.
بوتين الذي يهوى الجغرافيا كثيرا حاول التوسع ايضا باتجاه القطب الشمالي ايضا واستثمر لذلك وسائل علمية اكثر اقناعا، حاولت روسيا مرات عديدة اقناع الامم المتحدة بان جرفها القاري يتصل بسلاسل جبلية تحت الماء مما يسمح لها بالحصول على مساحة جغرافية اكبر تجاه القطب الشمالي مستفيدة من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار الموقعة عام 1982.
روسيا في عهد بوتين لا تعترف كثيرا بفواصل الجغرافيا، ولها من القوة ما يسمح بتعديل الخرائط، اوكرانيا لم تتّعض مما حصل في القرم فاصبح شرقها بكامله مهددا بالانفصال وهذه رغبة روسية ليست بعيدة المنال!