رأي
بعد مرور اكثر من عشرة ايام على حادثة الطائرة الروسية المحملة بالأسلحة والتي تم التحفظ عليها في مطار بغداد الدولي إلا ان اسرار ذلك الموضوع لم تتكشف خيوطها بشكل تام بعد. يوما بعد آخر تظهر تفاصيل جديدة عن الموضوع تزيده غموضا اكثر مما سبق. اللجنة التي شكلت من اجل متابعة الموضوع لم تقدم تقريرها المفصل بعد لكنها ألمحت إلى ان الشحنة ليست لداعش، أما وزير الدفاع العبيدي فقد اكد ان الشحنة تتبع لعصابة تعبث بالعراق. تسريبات من هنا وهناك تذهب الى ان الذي يقف وراء الشحنة تاجر كردي كان تعامل في السابق مع وزارة الدفاع العراقية.
التصريحات من المسؤولين على هذا الملف او القريبين منه متضاربة ومختلفة الى حد كبير، وهذا ما يدفع للتصور بان هناك الكثير مما تم السكوت عنه في موضوع تلك الشحنة من الأسلحة. المعلن ان تلك الشحنة كانت متوجهة الى مطار السليمانية ولكنها منعت من الهبوط هناك ما اضطرها لاختيار مطار بغداد بسبب نفاد الوقود.
ملابسات الموضوع توضح ان الصدفة وحدها كشفت القصة، ولو لم يضطر طاقم الطائرة للهبوط في مطار بغداد من اجل التزود بالوقود لربما سارت الأمور كما تشتهي الجهات التي استوردت الأسلحة! وعلى غرار تلك الشحنة كم يا ترى نحن مكشوفون أمنيا أمام الآخرين؟! وكم شحنة من الأسلحة مرت عن طريق الجو البحر او البر دون متابعة مطلوبة من قبل الجهات المسؤولة؟!
تصريح اللجنة المعنية بالتحقيق في تلك الشحنة بانها ليست لصالح داعش مثير للاستغراب، فان لم تكن تلك الشحنة لصالح الجماعات الخارجة عن القانون اذن لصالح من تكون؟! الإقليم يستورد الأسلحة بشكل معلن بعدما حصل في الموصل في حزيران الماضي ولا يوجد مبرر لكي تتنكر سلطات الإقليم بمختلف أطرافها عن تلك الصفقة.
ان تلك الشحنة المثيرة للجدل والمنقولة جوا يجب أن تأخذ حيزا كافيا من الاهتمام، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التسويف او حتى التقليل من اهمية ما حصل. ان متابعة ذلك الملف خيط رفيع يمكن ان يعيد النظر بعشرات الحلقات المفقودة، حول سيل من الخروقات الأمنية والتي يقف الفساد الاداري والاهمال بالدرجة الأولى وراءها.
حتى الآن لم يأخذ ذلك الملف استحقاقه الكافي لا في وسائل الإعلام ولا حتى في أروقة الجهات المعنية بملفات حساسة ومهمة كما هو الحال مع هذا الملف. في الحقيقة لم تتراكم الأزمات وتتفاقم الا بعد ان جوبهت بالإهمال والتقصير تحت ذرائع شتى. من هنا فان المساهمة بإهمال هذا الملف وعدم تحمل المسؤولية من قبل الجميع يعني تهيئة الظروف لأزمة خانقة في المستقبل القريب.