رأي

وأصبح الطبيب قاتلا

وأصبح الطبيب قاتلا

د. فراس مصطفى

  للعام الخامس على التوالي ومسلسل الموت اليومي بلا توقف, موت لا يميز بين شاب وشيخ وامرأة وطفل,  فالكل تحت رحمة الموت, ربما لا تتناسب كلمة الرحمة مع الموت من الجانب المنطقي, لكنها أصبحت الأمل لمن يتمنى الرحمة بالموت!!   مئات الألوف من المدنيين في انتظار الموت وبلا طابور أو موعد مسبق, مجرد توقيت غير محسوب, ينتظرون متى سيسقط البرميل الملغم أو الصاروخ الموجه عن بعد على رؤوسهم, إن نجوا من هذا وذاك فالرشاش والسكين الأعمى بالانتظار!! وإن سلموا من هذه وتلك أيضا، فالجوع والمرض نتيجة الحرب لهما نفس الفرصة في حصد الأرواح, المعادلة واحدة وطرفها الثاني هو الموت أيا كان طرفها الأول. هل عزرائيل هو الذي يسخر كل تلك الظروف لحصد الأرواح الحائرة؟   أنا لا أعتقد أن ذلك بيد عزرائيل! وأجزم بأن الله هو الآخر لا يقتل بهذه البشاعة لأنه رحمن رحيم و رؤوف بالعباد ,فلا يمكن أن نتصور أن يحصد الله أرواح ما خلق في أحسن تقويم قبل الأوان ودونما ذنب أو سبب؟! إن من يقف وراء ذلك هو الإنسان نفسه حتى وإن كان نبيا!! موسى النبي وكز رجلا فقتله وطلب المغفرة من الله لأنه ظلم نفسه بقتل الرجل, فلم يأمره الله بالقتل بل أمرته نفسه!! وقابيل ابن نبي قتل أخاه هابيل لأن نفسه طوعت له قتل أخيه ولم يأمره الله بذلك!! وإخوة يوسف الأسباط, أبناء نبي وأحفاد أنبياء وأخوة نبي رموا يوسف في البئر لغاية دونية هي قتله والله هو الذي نجاه !! وكذلك فعل من أدعى خلافة الله في الأرض, فالقتل حرصا على الخلافة والسلطان شاع بين خلفاء بني عثمان!! محمد الثالث قتل تسعة عشر أخا من إخوته خوفا على سلطانه!! ومراد الثالث قتل إخوته لنفس السبب, و سليمان القانوني قتل ابنه خوفا على سلطانه أيضا!! والمئات من القصص المشابهة التي كان وراءها الإنسان ولم يكن ورائها الله. أليست النفس هي الأمارة بالسوء؟!! وكأن الإنسان خلق ليقتل؟! كل أنواع الموت تلك ورائها إنسان, فلم العجب إن كان بشار الأسد يقتل وهو طبيب؟! أليس هو إنسان كغيره؟! هو اليوم يعيش ليموت الآخر, لا يهمه أن من يموت هو إنسان لديه مشاعر ولديه عواطف ولديه مشاريع مستقبلية ولديه أحلام ولديه أولاد.. ووالخ. لأن الأنانية غمرته بنشوتها, يقول اوسكار وايلد - ليست الأنانية أن يعيش المرء كما يهوى، بل يطالب الآخرين أن يعيشوا كما يريد أن يعيش – أراد بشار الأسد للناس أن تعيش كما يهوى هو لكنهم سأموا الحاكم الأوحد فثاروا وظنوا أن الطبيب له من الإنسانية ما يمنعه من سحق نملة وأنه سينسحب بهدوء مثلما فعل بن علي في تونس!! لكنه نزع قناع الإنسان وأظهر وجه الذئب المسعور الذي يهجم على الحملان ليمزقها دون رحمة ودون أن يأكل إلا واحدا منها أو قد لا يأكل, فالغريزة هي التي تدفع للقتل!! وغريزة بشار الأسد دفعته للقتل دونما رحمة وجينات الأب انتقلت للابن, فهو نسخة مطابقة لأبيه قتل الأب الآلاف في حمص وحماه وغيب الآلاف خلال حكمه, فهل غريب على الابن إن فعل ضعف ما فعل الأب؟   ولو أن بشار قد نافس حافظ الأسد في الحكم لقتله!؟ يقول الرشيد لابنه المأمون "اعلم يا بني أن الملك عقيم ولو نازعتني فيه لأخذت الذي فيه عيناك" أي قطعت رأسك!! وقد فعلها المعتضد بن عباد حاكم الأندلس حين أراد ابنه الإطاحة به فقطع رأسه وجعل من جمجمته أصيصا للورد مع آلاف الجماجم لمن قتلهم وجعل منها أصصا لورود حديقة قصره!!   لا غرابة يا سادتي أن يقتل بشار الأسد كل هؤلاء ولا عجب لو قتل الشعب السوري بأكمله, فسيبقى الملك عقيم وسيبقى بشار حاكما ولو على الحجر, فهو وفي للقول المأثور (فيا حبذا الأمارة ولو على حجارة). سيبقى التاريخ يتحدث عن ذلك الطبيب الذي قتل وشرد وهجر وجوع الملايين في الوقت الذي أقسم فيه قسم أبقراط لصون حياة الإنسان وحماية الأرواح وحفظ الكرامة.  

مقالات أخرى للكاتب