رأي
كتبت قبل ايام مقالا عن السيناريوهات المتوقعة للاستفتاء الكردي ذكرت فيه ثلاثة سيناريوهات محتملة ورتبتها بحسب امكانية التحقق من وجهة نظري فكان السيناريو الاول يتمثل بتأجيل الاستفتاء الى اجل محدد مقابل الحصول على مكاسب لصالح الاقليم، أما السيناريو الثاني فتمثل بتنفيذ الاستفتاء على الرغم من المعارضة الكبيرة التي يواجهها، وتمثل السيناريو الثالث بإلغاء الاستفتاء وهو الأضعف والابعد.
وقد ذكرت عددا من الحقائق التي تؤيد كل واحد من تلك السيناريوهات، وكانت النتائج الموضوعية تصب في صالح تأجيل فكرة الاستفتاء، وعلى الرغم من اعتقادي بان سيناريو التأجيل سيبقى قائما الى اخر يوم من موعد تنفيذ الاستفتاء الا انني اود التركيز في هذا المقال على السيناريو الثاني الذي يصر عليه السيد مسعود البرزاني على الرغم من الضغط الكبير الذي تعرض له.. وهنا لا بد من إثارة عدد من التساؤلات المنطقية بهذا الشأن اهمها:
١. لماذا هذا الإصرار الكبير من السيد مسعود البرزاني وحزبه على تنفيذ الاستفتاء؟
٢. هل ان تنفيذ الاستفتاء يعني بالضرورة انفصال إقليم كردستان عن العراق؟
٣. ماذا يمكن أن يحصل فيما لو اجري الاستفتاء في ظل الظروف الراهنة؟
وقبل الإجابة عن تلك الأسئلة لابد من معرفة أهمية عاملي الوقت والظروف في حسابات السيد مسعود البرزاني؛ إذ أنه أدرك تراجع قبوله الشعبي في إقليم كردستان لاسيما بعد الخلافات الحادة بين المكونات الكردية وتعطيل برلمان الاقليم والأزمة الاقتصادية الخانقة هناك، مما جعله امام تحد كبير لإثبات جدارته بتحقيق الدولة الحلم بالنسبة للأكراد وقد شجعته على ذلك الظروف الحرجة التي يمر بها العراق ومكنت البيشمركة الكردية من السيطرة على عدد من المناطق المتنازع عليها وفي مقدمتها كركوك الامر الذي يعد فرصة تاريخية للأكراد قد لا تتكرر مستقبلا هذه الأمور وغيرها جعلت السيد البرزاني ومن يؤيده يضغط باتجاه إجراء الاستفتاء كمقدمة للانفصال عن العراق.
ومع كل ذلك فان إجراء الاستفتاء في ظل الرفض الشديد الذي يلاقيه على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي يمكن أن يكون خطوة عديمة الجدوى ولا تمكن السيد البرزاني من اعلان الدولة الكردية لان اعلان الدولة يتطلب اعترافا محليا وإقليميا ودوليا وهو ما لم يتحقق الى الان لذا فإن إجراء الاستفتاء لا يعني الانفصال بالضرورة بل إنه سيكون أداة ضغط على الحكومة للحصول على مكاسب جديدة.
الا ان اكثر ما يقلق المتابعين لهذا الإجراء هو انعكاساته المحتملة على الأمن الوطني العراقي لاسيما في ظل اصرار السيد البرزاني على إجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها الامر الذي يدخل في إطار الاستفزاز لبعض المكونات العراقية الرافضة للاستفتاء في تلك المناطق كالعرب والتركمان وغيرهم؛ مما يمكن ان يمهد لإحداث تغيب فيها لغة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية.
لذا أقول أن اصرار السيد البرزاني ومن يؤيده على إجراء الاستفتاء في ظل الظروف الحالية قد يدخل العراق في نفق مظلم لا يمكن التكهن بنتائجه الكارثية على الشعب العراقي بكل مكوناته وقومياته.