رأي
لو سألنا أي مواطن:
هل تفضل العيش بسلام فوق الدستور أم بالحرب تحت سقف الدستور؟
الجواب بديهي لأن النفس البشرية توّاقة للعيش بسلام وواجهت عنف الطبيعة وكوارثها بالبحث عن السلام الروحي والإنساني بما فوق الطبيعة فابتكرت ملاذاتها الآمنة.
الدستور العراقي ليس قرآناً لنطبّق عليه مقولة "لاإجتهاد في النص ولا تحوير".
الدستور صنعناه بأفكارنا، ولو وقف الدستور حائلاً دون تحقيق السلم المجتمعي فبإمكاننا أن نغيره وأن نبدلّه وحتى أن نلغيه لصالح السلام في مواجهة طبول الحرب واحتمالاتها القائمة الآن.
والدستور الذي تتشدق طبقتنا السياسية بالإلتزام به وجعله المرجعية لحل الازمة الحالية، تم خرقه لمئات المرّات من قبل الطبقة نفسها بكل تلاوينها دون استثناء، وفصّلت نصوصه وفسرتها بما يتماشى مع مصالحها الفئوية والشخصية حتى، والأدلة لا تعد ولا تحصى كما يقال.
وأمامنا اليوم أزمة تقترب من تخوم الكارثة إن لم تكن على تماس بها ، وكارثة اليوم تختلف عن سابقتها ذلك انها ستحدد مستقبل هذا البلد، إن كان سيبقى عراقاً أم سيتشظى بين القبائل والمذاهب والقوميات، وليس من حلول ناجزة أمامنا ولا توجد ملائكة للرحمة ستنزل الينا حلولاً يرضى عنها الجميع!
الحكومة الاتحادية تريد حواراً مع حكومة الإقليم تحت سقف الدستور، وحكومة الإقليم تريد حواراً تحت سقف الدستور أيضاً! لكن لا حوار ولا حلول حتى الآن!
وليس أمامنا في مثل هذا المأزق، إما أن نذهب للحرب تحت سقف الدستور أو البحث عن حلول مبتكرة من أجل السلام والسلم المجتمعي خارج "بعض" الدستور، خصوصاً وأن من كتب الدستور يقول بان فيه الغاماً ومن عارضه يقول فيه افخاخاً والقابل والرافض والكاتب يقولون بضرورة تعديله وسمكرته بما ينزع فتيل الألغام والأفخاخ ويجعله مناسبا للسلم المجتمعي بين المواطنين العراقيين.
الخيار ليس صعبا أن نضع كل شيء خلف ظهورنا ونكون أولاداً لأزمة في طريقها لتفتيت البلاد فنصبح " قشامر" المنطقة بلا منازع.. ولاشيء مستحيل في مواجهة جعجعة السلاح ونباح تجّار الحروب والخسارات الكبرى التي ستصيب الجميع.
لن ينتصر أحد في الحرب بين أبناء الوطن الواحد، لأن الحرب ستفضي في النهاية الى طاولة تفاوض واحدة بشروط "محسنة"!
فهل ستكون هذه "المحسّنة" من أي طرف كان مساوية القيمة أمام الدم العراقي الذي سيراق من العراقيين.
ألم يقل الرسول محمد "إن هدم الكعبة مائة مرّة أهون عند الله من قتل انسان"!
وعليكم أم تقارنوا بين عدم حرق الدستور وحرق الكعبة أمام فيالق الابرياء الذين سيتساقطون بسبب مواد في الدستور كتبها سياسيون يحملون بنادقهم اليوم في مواجهة أحدهم للآخر، لكنهم للأسف لن يدفعوا ضريبة الدم المجانية، لانهم سيلقون باسلحتهم جانبا ويجلسون على طاولة واحدة ليقتسموا الوطن من جديد!!