رأي

حكومة الاشتراكيين، رئاسة الاتحاد الأوروبي والمياه المعدنية

حكومة الاشتراكيين، رئاسة الاتحاد الأوروبي والمياه المعدنية

جمال الخرسان

كما هي العادة أقوم بتغطية الاحداث المهمة المحلية والدولية التي تحدث في فنلندا وخصوصا اذا كان الامر يتعلق بمؤتمرات ومهرجانات تخص رئاسة فنلندا للاتحاد الأوروبي والتي بدات منذ تموز هذا العام وتنتهي بنهاية العام الجاري. في هذا الاطار وعلى مدار يومين كنت متواجدا في المركز الصحفي بمقر انعقاد مؤتمر وزاري للاتحاد الأوروبي في هلسنكي يخص مناقشة التنمية المستدامة والاقتصاد الصديق للبيئة. وحينما سمح لنا المنظمون تصوير القاعة الأساسية التي يجتمع فيها الوزراء شاهد الاعلاميون جميعا عدم وجود قناني المياه المعدنية واستبدلت عوضا عن ذلك باوعية زجاجية ملئت من مياه الصنبور، هذا التقليد لا يخص هذا المؤتمر فقط بل يشمل 90 مؤتمرا تخص الاتحاد الأوروبي من المقرر ان تقام في فنلندا خلال النصف الثاني من العام 2019.

 

الحكومة الفنلندية التي يقودها الاشتراكيون ويشارك فيها الوسط والخضر وأحزاب صغيرة أخرى قررت تقليص نفقات ميزانية رئاسة فنلندا للاتحاد الأوروبي بعشرين مليون يورو عما كانت عليه الحال في الدورات السابقة، اذ تقرر ان تكون التكاليف بحدود 70 مليون يورو بدلا من 90 مليون عامي 1999 و 2006. والسبب بناءا بناءا على ما أعلنته الحكومة هو توفير بعض النفقات من اجل الايفاء بوعود انتخابية تستهدف الطبقات المحدودة الدخل، كذلك جزء من المبالغ المستقطعة سوف يتم تخصيصها لتحسين المناخ نتيجة زيادة الرحلات الجوية خلال النصف عام المقبل فترة رئاسة فنلندا للاتحاد. هكذا على الأقل بررت الحكومة تلك الخطوة. احدى مظاهر التقشف في الصرف كانت الاستغناء عن علب المياه المعدنية، ومن جهة أخرى تريد التأكيد بان مياه الصنبور في فنلندا نقية جدا وترتقي لكي تقدم في محفل من هذا النوع، انسجاما مع ذلك الطموح كتب على الوعاء الزجاجي "انها مياه الصنبور الأفضل في العالم". التقشف كان باديا أيضا على الضيافة التي تقدم عادة للصحفيين او أي مظاهر ترفية تحيط بالمؤتمر.

 

في مناسبات سابقة حينما كان اليمين والوسط يقودون الحكومة كانت الأمور مختلفة كثيرا، احزاب اليمين ابدت شيئا من السخرية حيال خطوة من هذا النوع واعتبرتها تقشفا تكلفيا في غير محله. فنلندا سوف تستضيف خلال الأشهر المقبلة 90 مؤتمرا وحدثا له علاقة بالاتحاد الأوروبي وحوالي 40 مؤتمرا وورشة في بروكسل تحت اشرافها أيضا. والقصة سوف تستمر بذات النمط من التقشف. ان الاقتصاد الفنلندي ليس سيئا جدا لكن توفير النفقات قدر المستطاع بهدف صرفها في أبواب أخرى حالة صحية جدا، فما بالك اذا كانت الميزانيات تقشفية كما هو الحال في بلدان أخرى. ان النجاح في تنظيم المناسبات الدولية لا يتلخص في مظاهر الترف بل في دقة التنظيم، الالتزام بالتوقيتات وانسجام فرق العمل التي تدير المهمة في حلقات مختلفة، وهنا تحاول بعض البلدان المضيفة اظهار مهارتها وفنونها بدلا من المظاهر الشكلية.

 

مقالات أخرى للكاتب