رأي
شهد العالم في الاشهر الماضية والى يومنا هذا نوبة هلع وخوف بعد ان انتقل فايروس كورونا او الفايروس الصيني كما وصفه الرئيس الاميركي دونالد ترمب بإحدى خطابته الى دول مختلفة ليضرب جميع القارات الا القطبية الجنوبية مسجلا اعلى الارقام بالإصابات وهو يصل الى اعتاب نصف المليون مصاب.
لقد رافق ظهور فيروس كورونا الكثير من السلوكيات في المجتمع وخصوصا الدول التي بدأ فيها هذا الفيروس بالانتقال من شخص الى اخر عبر طرق انتقاله المختلفة ومن اهم هذه السلوكيات هي الوصمة التي يتعرض لها المصابون بهذا الفيروس.
فالوصمة أو السمة هي الرفض الاجتماعي الشديد لشخص أو مجموعة من الناس وذلك لأسباب اجتماعية مميزة مقبولة عند الغالبية، بحيث أن فاعل الأمر المسبب للوصمة يكون موسوماً بها، ومميزاً عن باقي أفراد المجتمع, حيث ظهر مفهوم الوصمة في نظرية التسمية labeling لغوفمان في كتابه الوصمة عام 1963والذي اشار في وقتها الى تدني في العلاقة من اهلية قبول الفرد في المجتمع بعد وصمه بأمر ما.
وبناء على التعريف اعلاه نجد ان الاشخاص الذين اصيبوا بالفيروس اصبحوا يتعرضون وبشكل كبير جدا الى وصمة تعزلهم عن المجتمع وتلازم هذه الوصمة الاشخاص من لحظة الاشتباه بإصابتهم ومن ثم نقلهم الى المشفى وتلقيهم العلاج وصولا الى شفاءهم بالكامل او الوفاة لا سمح الله.
تتحمل اليوم وزارة الصحة والقوات الامنية الجزء الاكبر من عملية الوصمة التي يتعرض لها الافراد المصابون بالفيروس او ذويهم لعدة اسباب اهمها ان عملية تصويرهم المستمرة ومن ثم المجيء بدوريات الاعتقال وكأننا نتعامل مع ارهابي خارق للقانون، محققين النصر بالقاء القبض عليه، جعل من الناس يخافون حتى من التصريح بإصابتهم بالفيروس.
إن الكثير من الناس صار يخشى زيارة المشفى خوفا من الوصمة التي يمكن ان يتعرض اليها من المجتمع في حال تأكد اصابته بالفيروس وكأنه فرد منبوذ , وهذا الخوف وراء دافع الكثير من الناس لإخفاء اصاباتهم فنموذج لينك وفيلان للوصم باجزاءه الاربع يعتقد في احدى نقاطه بان الاشخاص الموصومين يُوضعون في مجموعات مميزة تعمل على إنشاء شعور بالانفصال بين (نحن وهم).
حيث نجد عالم النفس "بيكر"، يتحدث بكل صراحة عن الامر واصفا الانحراف بأنه من صنع المجتمع, اي أن الاصابة بفيروس كورونا امر اعتيادي والاصابة به كالإصابة بباقي الامراض، ولكن عملية الترويج على أن المصابين بهذا الفيروس منبوذون مجتمعيا امر مؤثر للغاية.
على الجهات الصحية برغم الجهود الكبيرة التي تبذلها في عملية اعطاء كافة الخدمات لشفاء المرضى متحملين كل المخاطر ان يتعاملوا بسرية تامة مع المصابين والذين تماثلوا للشفاء فبدل تقطيع الحلوى والاحتفالات التي تقام ظنا منهم بانها طريقة للتعريف بجهودهم يمكن اخفاء صور الذي تماثلوا للشفاء احتراما لخصوصياتهم وتقديرا لمشاعرهم، خوفا من اصابتهم بالوصمة من المجتمع فالشفاء من المرض ممكن، ولكن الشفاء من الوصمة قد يكون مستحيلا, ان خير مثال على هذا الالقاب التي اطلقناها في طفولتنا على الاشخاص وبقيت تلازمهم حتى مع تقدمهم بالعمر.
ان القوات الامنية لا يختلف الامر معها كثيرا، فلا حاجة الى فرق كبيرة مدججة بالسلاح تجوب المنطقة التي يشتبه بإصابة احد فيها او النقل الى حجر الملامسين للمصاب، فهذا سوف يولد خوفا مستقبليا من عملية ابلاغ السلطات عن اصابتهم حتما، وربما الاعداد سوف تزداد بعد ان يتواصل المصابون مع اشخاص اخرين.
واذا اردنا ان نخاطب المجتمع، فالكلام لا يختلف كثيرا وخصوصا بعدما صنف منظمة الصحة العالمية الفيروس كوباء وهذا يعني احتمالية اصابة الافراد ممكنة جدا، فليس هنالك داع للانتقاص من المصابين او نشر (التحشيش) بفديوهات او منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فلا تدري متى يطرق بابك الفيروس او قد يكون طرق بابك وانت في فترة حضانة واحتواء له.