رأي
من قرأ اتفاق سنجار والنقاط التي تضمنها الاتفاق سيدرك ان هناك عدة خلفيات لهذا القرار، منها محلية وأخرى دولية، والمصيبة تكمن في أن الاتفاق الأخير تم توقيعه بين بغداد وأربيل دون أخذ اهل الشأن وهم السنجاريون بكل مكوناتهم، لكن النقاط التي تم الإعلان عنها جيدة نوعا ما وقد تسهم في تعزيز الأمن بعض الشيء، وتفتح باب العودة للنازحين الذين بدأوا فعلا بالعودة إلى مدينتهم بعد أزمة كورونا، حيث عادت أكثر من 500 عائلة حتى الآن، فضلا عن تضمين فقرة إعادة إعمار المدينة التي شهدت إبادة ابنائها الايزيديين في حزيران 2014. لكن الاتفاق تضمن ايضا عدة نقاط تظل بحاجة إلى تفسير، لان ما تمت كتابته في الورقة المعلنة هو شيء ضبابي، وغير واضح:
1- لم يحدد فترة تنفيذ الاتفاق ولم يذكر اية توقيتات زمنية لتنفيذ البنود.
2- الية تنفيذ الاتفاق لم توضح، وما ذكر هو تشكيل لجان لتنفيذ بنود الاتفاق، دون تحديد أعضاء اللجان بشكل واضح، ولم تحدد ما إن كان سيتواجد أشخاص من المدينة المعنية بالاتفاق ام لا.
3- تحديد عديد القوات الأمنية التي ستعمل على حفظ الأمن في سنجار بـ2500 عنصر، وهذا العدد هو أقل من عدد مقاتلي الفصائل المتواجدة في القضاء المنكوب، إذ على سبيل المثال هناك قوات حماية ايزيديخان المنسوبة إلى وزارة البيشمركه، حيث تضم 1500 شخص من اصل 5000، فلم يوضح الاتفاق ماذا سيفعلون مع البقية من هذه القوات على سبيل المثال.
4- الاتفاق على إخراج حزب العمال الكردستاني والفصائل التابعة له امر صعب التحقق، لان أغلب المنتمين لهذا الحزب أن وجدوا وهم يقصدون وحدات مقاومة سنجار هم من ايزيدية العراق ويحملون الجنسية العراقية وتم ضمهم إلى قوات الحشد الشعبي العراقي في نهاية 2017 وهذا يعني مواجهة مع الحشد الشعبي العراقي لأنه لم تحدد آلية إخراج هؤلاء ولم تحدد الحلول لذلك وهل هم قادرين على إخراجهم؟
5- لم يحدد الاتفاق ما هي التشكيلات العسكرية الأخرى بالرغم من تطرقه لتشكيلات عسكرية غير PKK في سنجار.
6- لم يحدد الاتفاق القوات التي ستتولى مسؤولية مسك الحدود العراقية السورية على طول حدود سنجار.
7- لم يحدد الاتفاق الية اختيار القائممقام بعيدا عن رغبة الأحزاب لان الاهالي يرفضون اي شخص مرتبط باي حزب سبق له حكم سنجار ويفضلون شخصية مستقلة.
8- إعادة إعمار سنجار أمر مهم جدا، ولكن بغداد وأربيل لا تملكان رواتب موظفيهما، فكيف سيوفرون الأموال لاعمار مدينة مدمرة بنسبة 85 بالمئة؟
9- الاتفاق كان برعاية دولية بحتة وهو اتفاق دولي واضح قبل أن يكون محليا شاركت فيه امريكا وفرنسا لأهداف مخفية، فالأولى ترمي لإيقاف التمدد الإيراني، أو ما يسمى بمشروع الهلال الشيعي، وقطع الطريق بين إيران وسوريا ولبنان والتي تستخدم مدينة سنجار كحلقة وصل، أما فرنسا فتهدف للحفاظ على مكانتها كراعية للأقليات الدينية في الشرق الأوسط، والوقوف بوجه تركيا، أما هذه الأخيرة فقد كانت طرفا غير مباشر في رعاية الاتفاق من خلال بند لإخراج القوات التابعة لحزب العمال الكردستاني من سنجار، ولكنه أمر سيفقدها أي حجة بالتدخل العسكري مستقبلا.
تظل الشكوك حاضرة حول قدرة الحكومة العراقية على مواجهة غضب فصائل الحشد الشعبي العراقي القريبة من ايران، والرافضة للاتفاق، في ظل شكوك أخرى بشأن قدرتها على إخراج حزب العمال الكردستاني الذي عجزت الدولة التركية بكل قوتها ونفوذها في القضاء عليه منذ 40 عاما.