رأي

الرمز في المنظور المجتمعي

الرمز في المنظور المجتمعي

د. رؤى الدرويش

الرمز هو نتاج ثقافي يندرج ضمن اطار التعبير والتفسير الحاصل بالمجتمعات, وهو جزء من الوصوفات الشكلية التي تخلق الرمز وفق جوهر محدد تمليه الضرورات والمحددات الاجتماعية. وعلى هذا تخلق الرموز الدينية او الوطنية او الاجتماعية.

 

ويعتبر الرمز ( الفرد) عامل مؤثر في حياة الانسان وطريقة عيشه وتفكيرة وتفاعله مع ما يحيط به من احداث ومتغيرات، الى حيث ما يخلق له احساسا بالسعادة تتمثل في الراحة والطمأنينة المادية والمعنوية. لذا تدفع التفاعلية الرمزية الربط بين الحياة الداخلية للفرد ( الذات والعقل) وبين المجتمع وما ينطوي عليه من نظام قيمي واخلاقي, يمكن اعتبارها كمعايير تقييم من قبل الاخرين بصيغ ايجابية او سلبية تحدد طبيعة تفاعله المستقبلي مع ذلك الشخص ( الرمز).


يعتقد جورج هربرت (عالم الاجتماع الامريكي) ان الذات هي حصيلة تفاعل عاملين النفسي الداخلي الذي يعبر عن خصوصية الفرد , والعامل الاجتماعي الذي يجسد مؤثرات البناء الاجتماعي المحيط به.

 

ورغم ان الفرد ( الطفل) من الوهلة الاولى يبدأ بتقليد ادوار الاخرين , الا انه حينما ينمو يتولد لديه احساس نحو الاخرين، وهذا الاحساس هو ما يجعلهم رمزا لعالمه، وما ينطوي عليه من قيم معينة تشكل طبيعة التفاعل بين الفرد والمجتمع.

 

كما يعتقد فيكتور تيرنر, بان العلاقات الاجتماعية تتاثر بالرموز المحيطة بها ايجابية او سلبية تبعا لما تخلقه صورة الرمز من مؤثر في حركة المجتمع.

 

وبما ان الرمز هو نتاج ثقافي للمجتمعات , لذا تتباين المجتمعات في خلق نماذجها تبعا للتفاعل المعرفي والثقافي الحاصل بين افرادها . فنجد ان الشعوب المتحركة تخلق صورا رمزية لعلماء حققوا قفزات نوعية في تطورها فتخلد اسمائهم على مباني مؤسساتها ومدارسها وشواهدها المدنية، اما المجتمعات التي لا زالت غير مستقرة من الناحية السياسية والاجتماعية، ولم تتمكن من وضع الحلول التي تجعل مجتمعها يميل نحو التسامح والاستقرار والتعايش، فانها تخلق رموزا هم ضحايا لصراعاتها واقتتالها مع بعضها، ذلك لانشغالها بطبيعة الصراعات السياسية او العسكرتارية، فتراها تضخم الادوار التضحوية لدفع المزيد من اعضاء المجتمع للاندفاع نحو الاقتتال الذي تقوده النخب السياسية للوصول الى غاياتها وهذا ما هوملاحظ من تخليد الاسماء في الشرق والغرب.

 

مقالات أخرى للكاتب