رأي

السيادة والتقدم... ومصالح الآخر

السيادة والتقدم... ومصالح الآخر

سامان نوح

تدوينة الحلبوسي عن القصف التركي تخريجة "معيبة" سياسيا، وتصريح الخنجر وحديثه عن خديعة يشكل "فضيحة"، إذ من الواضح أن الأول وهو رئيس تحالف (تقدم) ورئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد، لا يمكن أن يتقدم خطوة واحدة تزعج السلطان ورعاته الأتراك، حتى أنه لم يذكر اسم تركيا في تغريدته التي ظهرت أقرب الى الأحجية.

 

والثاني هو رئيس تحالف "السيادة" يا لله على تصريحه كم يجسد "عمق السيادة"، فهو يتبنى وبكل وطنية وايمان رؤية رعاته الأتراك ويُغلبها على وقائع الأرض وعلى إعلان وزير خارجية العراق، أن التحقيقات أثبتت ان القصف تم من قبل الأتراك.

 

حسنا.. يا قادة التقدم والسيادة والوطنية ومصلحة البلد، لنترك واقعة القصف التركي في زاخو جانبا، وعمليات القصف المتكررة وشبه اليومية في إقليم كردستان وفي قرى سنجار ومخيم مخمور بنينوى، ولنترك الحقيقة المرة والتي يسكت القادة الكرد عنها (بسبب ضعفهم وقيود عقود النفط المشؤومة)، أن أكثر من 100 كردي قتلوا على يد الجيش التركي في السنوات الأخيرة، وأن القصف بات يوميا وأحيانا في مناطق لم يعد حزب العمال يتواجد فيها. ولنترك حقيقة أن تركيا تتدخل عسكريا في ليبيا وفي قبرص وفي أرمينيا وفي شمال حلب وادلب وتحتل أجزاء من سوريا التي ليس فيها حزب العمال، وهي ذاتها تهدد يوميا بالسيطرة على الجزر اليونانية ويتحدث زعيمها عن الحدود التاريخية لتركيا وعن الحدود الثقافية (التي ليس للعمال علاقة بها)، ويرفع قادته القوميون في كل مناسبة خريطة جديدة تبتلع أجزاء من دولة اخرى.

 

أتركونا من كل هذه الحقائق، لكن أليست تركيا هي ذاتها التي سهلت دخول عشرات آلاف الإرهابيين من كل دول العالم الى سوريا، ومن ثم الى العراق لتدميره، أليس هؤلاء هم ذاتهم من عاثوا في المدن السنية خرابا وحولوا لسنوات أهاليها إلى عبيد لا يحق لهم حتى الكلام في ظل حد السيف، وسجلات آلاف المفقودين الذين انتهوا الى "الخسفة" وشاكلاتها من حفر الموت التي تشهد على حجم الجريمة. اليست تركيا هي ذاتها التي قتل ثلاثة من زعماء داعش على بعد أمتار من حدودها.

 

أتفهم تماما محاولات نفي التهمة عن جهة تتلقون منها الكثير من تعليماتكم وتحركاتكم، لكن خففوا علينا "شوية" وطنيات ومصلحة شعب وسيادة وتقدم، واتركوا أسطوانة أن تركيا نفت القصف التركي، فهي منذ 100 عام والى اليوم لا تعترف بإبادة مئات آلاف الأرمن، وهي تقول إنها جاءت لإغاثة السوريين، فيما ساهمت بقتل عشرات الآلاف منهم وحولت مدنهم الى خراب وفككت حتى مصانعهم وخطوط سكك الحديد وحتى عواميد وأبراج الكهرباء هناك وحملتها الى تركيا.

 

أتركونا من الماضي القريب ومن القصف واختلاف أسبابه ومبرراته، فحتى قبل أيام كانت الإهانات في معبر الخابور تنهال على العراقيين الراغبين بالسفر الى تركيا وقضاء عطلة العيد.. تأخير يمتد الى تسع ساعات، وتعامل غير إنساني، تعالٍ وغطرسة، لا يمكن ان يصدر من جار وصديق.

 

بهذه المواقف لا يمكن ان تصبحوا قادة يعتمد عليكم.. وبهذه المواقف لا يمكن أن تكسبوا احترام أحد، حتى الأتراك أنفسهم!

 

مقالات أخرى للكاتب