ثقافة

الحائز على جائزة ابن رشد يدعو لتغيير تقاليد الكتابة في العالم العربي

الحائز على جائزة ابن رشد يدعو لتغيير تقاليد الكتابة في العالم العربي

برلين (المانيا) - العالم الجديد

خلال تسلمه جائزة ابن رشد للفكر الحر في برلين الخميس الماضي، دعا الدكتور سعد سلوم، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة المستنصرية، الى تغيير تقاليد الكتابة عن التنوع في العالم العربي.

 

وقال سلوم في خطابه بمناسبة الجائزة، الذي تم في إحدى قاعات متحف برلين، وحضرته "العالم الجديد"، إنه "لم يعُدْ هناك مكانٌ لتاريخٍ انتقائيٍ مُؤَدْلجٍ، لا سيما مع مخاطرِ نهايةِ التنوع في الشرق الأوسط. لذا، أدعو الباحثينَ العربَ إلى التخلِّي عن حذرِهم اللاعقلاني وإبرازِ أهميةِ التنوع وسبلِ إدارتِهِ الرشيدة. وبعد أن حاولتُ خلال ثمانية عشر مؤلَّفًا إثارةَ الاهتمامِ بالتنوع، كمَصدر غنًى وعامِلِ وَحْدةٍ وسطَ سياساتِ الانقسامِ السائدة، أتمنَّى أن أرى اهتمامًا مُماثلًا، يشملُ المنطقةَ بأسرِها".

 

ودعا سلوم لـ"النضال من أجل توسيعِ دائرة الاعتراف بالأقليات الدينية غير المعترف بها"، وأشار الى "الحاجةٍ لثورةٍ ضدَّ النهجِ الحصريّ لحريةِ المعتقد، والذي يتعارضُ مع روحٍ عالميّة لحقوق الإنسان، تقومُ على احترامِ الكرامة الإنسانية للجميع. إذ يبقى الفهمُ الواسعُ لحريةِ المعتقد خِيارًا قادرًا على إنصافِ التنوعِ الغني في بلدان المنطقة، والذي يُعَدُّ أفرادُهُ جميعًا أصحابَ حقوق متساوية."

 

كما ناشد المثقفين في العالم العربي للتَّفكير المتواصل في بديل يقدِّم الخِيار الثَّالث بين "القوميَّة العربيَّة" و"الإسلام السِّياسيّ". وهُما خِياران سيطرا على خيال النُّخَب الشَّرق أوسطيَّة خلال القرن الماضي". وأضاف "لا بدَّ من تقديم نموذج بديل يقوم على رابطة "مُوَاطَنِيّة"، وبشكل خاصٍّ نموذج "مُواطَنة حاضنة للتَّنوُّع الثقافي أو باعثة له"، بكلِّ ما ينطوي عليه المفهوم من إبداعٍ خلَّاق واحترام الخصوصيات الثقافية القائمة على المساواة بين الافراد".

 

وعرج سلوم على قضية التمييز العنصري في العالم العربي، منبها الى ضرورة "إعادةُ النظرِ في ممارساتِنا العنصرية تجاهَ الأقلياتِ العرقية، وبضمنِها التمييزُ الراسخُ ضد سودِ البشرة في بلادِنا".

 

وفي نقد للسلوك الازدواجي السائد في الثقافة العربية، أشار الى أنه "لا يمكن أن نتعاطفَ مع ضحيةٍ في الخارج وننكرُ وجودَ المئات في مجتمعاتنا"، مشددا على "تجريم العنصريةَ بكافة أشكالِها وعلى رأسِها العنصريةُ العرقيةُ وخطاباتُ الكراهيةِ بمنصاتِها ومنابِرها المختلفة، كخطوة أولى، تليها إعادةُ النظرِ في المناهج الدراسية للتأكد من خلوِّها من أيّ خطابات كراهيةٍ وإن كانت غيرَ مقصودة، مع رفدِها بما يعزز ثقافةَ التنوعِ والمساواة وتقبلِ الأخر والتي من دونِها لا يمكن إحرازُ تغيير حقيقي في مسارِ بناء دولة المواطنة".

 

ومن الجدير بالذكر، إن جائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2022 قد منحت للدكتور سعد سلوم، الخبير بشؤون التنوع في العراق، والمدافع عن الحريات الدينية، وهي جائزة سنوية تمنحها مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في برلين منذ 1999. وتمنح "لمن قام بدور في دعم ونشر الفكر الديمقراطي الحر والديمقراطية والإبداع في البلاد العربية".

 

وكانت الجائزة قد منحت هذه السنة لصالح شخصية أو مؤسسة ساهمت في تعزيز وحماية الحريات الدينية، ومقاومة النزعة الطائفية والتمييز بين المواطنين على أساس ديني، ودعم الاعتراف بالتنوع من اجل بناء مجتمع يسوده السلم الاجتماعي.

 

ومن أبرز الشخصيات الفائزة بالجائزة في الأعوام الماضية من المفكرين والمثقفين العرب : محمد اركون، محمد عابد الجابري، نصر حامد أبو زيد، سمير امين، محمود أمين العالِم، عزمي بشارة، صنع الله ابراهيم، راشد الغنوشي، ويعد سلوم أول مثقف عراقي يفوز بالجائزة.