رأي
يلعب العامل الخارجي دور بارز في رسم سياسات الدولة العليا واتباعها نهج معين في التعامل مع القضايا الداخلية او القضايا الخارجية نتيجة ترابط السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية لدولة.
لعب العامل الخارجي دورا هاماً وحساساً في رسم عراق ما بعد 2003، على الصعيد السياسي، الاقتصادي، العسكري، الدبلوماسي وحتى على الجانب الاجتماعي والديني – المذهبي، لذا فاعتبر العامل الخارجي احد العوامل الرئيسية التي يتم النظر اليها في القضايا الحساسة والعليا في الدولة العراقية واهمها قضية تشكيل الحكومة في الدولة وكذلك شكل وطبيعة الحكومة ولاسيما للقوى الاقليمية بالدرجة الاولى فضلا عن القوى الدولية وذلك لاعتبارات عديدة منها:
1- سياسياٍ : يقع العراق جغرافيا وسط مثلث التنافس الاقليمي (ما بين تركيا، السعودية، ايران) ويعتبر الخط الرابط بين زوايا مثلث التنافس الاقليمي هذا فمنذ اليوم حاولت كل دولة من هذه الدول الثلاث وضع موضع قدم لها في العراق الجديد وان يكون لها دور مؤثر وتكون محل انظار صانع القرار العراقي بغض النظر عن الطريقة المتبعة لتكوين هذا الدور لتحقيق استراتيجياتها ومصالحها التنافسية الاقليمية من جانب، ومن جانب اخر الفراغ السياسي الذي ولده الاحتلال الامريكي للعراق سمح لهذه الدول التغلغل الى الساحة السياسية العراقية الداخلية لضمان استقرار الانظمة السياسية لهذه الدول وعدم الاخلال بها او تشكيل تهديد لها نتيجة تغير النظام السياسي آنذاك وما يشكله النظام الجديد من تهديد لبعض الانظمة السياسية في الدول المجاور مثل السعودية او فرصة جيدة لبعض الانظمة الاخرى مثل ايران وتركيا.
2- اقتصاديا : للعراق اهمية اقتصادية كبيرة جدا لما يمتلكه من موارد اقتصادية طبيعية كالنفط، الغاز الطبيعي، الزراعة (التربة) وكذلك موارد غير طبيعية كالموانئ والطرق البحرية الرابطة والاماكن السياحية الدينية والأثرية، الامر الذي شكل هاجس لهذه الدول للتدخل لتحقيق امرين مهمين جدا الاول ؛ رفد اقتصاد هذه الدول من خلال اعتبار العراق سوق لتصريف منتوجاتهم الوطنية ولا سيما بالنسبة لتركيا وايران، والثاني ؛ الخوف من النمو والتفوق الاقتصادي للعراق الذي يشكل خطر على اقتصاد هذه الدول مثل السعودية.
3- دينيا: يتميز العراق بالتنوع الديني والمذهبي والعرقي وتعدد الطوائف المجتمعية الامر الذي وفر لقوى اقليمية ودولية مساحة من التدخل بحجة الحفاظ على الطوائف، فالعراق يشكل لإيران اهمية استراتيجية وحيوية لا يمكن التخلي عنه ضمن استراتيجيتها القائمة على مبدأ (تصدير الثورة) وذلك باعتبار ان الاغلبية السكانية للعراق هم من الطائفة الشيعية التي تطرح ايران نفسها كحامي لهذه الطائفة، كذلك الحال بالنسبة لسعودية بالدرجة الاساس التي تعتبر نفسها راعي لطائفة السنية والتي تشكل المرتبة الثانية بالتسلسل المجتمعي في العراق الامر الذي يدفعها لحمايتهم ولاسيما بعد الاحداث الطائفية الذي شهدها العراق في سنوات سابقة، ليس القوى الاقليمية فقط فوجود ديانات وطوائف اخرى كالمسيحية، الايزيدية، الصابئة، الشبك والتركمان وغيرها شكل حافز لقوى دولية لتدخل سوى بشكل مباشر من قبل الدولة او من قبل منظمات دولية ترعاها دول ولا سيما في قضية الديمقراطية والحرية والتعايش السلمي وضمان حقوق الاقلية.
4- كذلك الحال بالنسبة للقوى الدولية التي تعتبر العراق نقطة ارتكاز قوتها ومد نفوذها السياسي او الاقتصادي او حتى الامني في المنطقة او حتى على صعيد عوامل التنافس والصراع الذي تمارسه هذه الدول، فالولايات المتحدة الامريكية ادركت الامر وتدخل بالعراق بشكل مباشر في احتلالها عام 2003 واستمرت في ذلك من خلال التواجد العسكري والتمثيل الدبلوماسية والارتباط السياسي لتحقيق مصالح لها اهمها منع النفوذ الايراني وممارسة سياسة الاحتواء اتجاه ايران.
هذه العوامل وغيرها لعبت دور في تدخل القوى الخارجية بالساحة السياسية العراقية وعلى الرغم ان هذا الامر يشكل خرقاً للسيادة العراقية بالشكل الرسمي الا ان هذه الدول تمارس هذا الدور عن طريق الادوات والطرق غير الرسمية مثل الدفع بأشخاص واحزاب سياسية لتولي مناصب حساسة ومهمة في الدولة وخصوصا الرئاسات الثلاث تكون قريبة من السياسة الايرانية والتوجهات الفكرية الايرانية بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة وعدم وقوع خلاف ممكن ان يضر بالسياسة الايرانية، كذلك الحال بالنسبة للسعودية الذي لعبت على هذا الجانب من خلال دعم جماعات واشخاص لتولي مناصب سيادية قريبة من توجهاتها بما يضمن مصالحها ولا يتخلف الامر كثيرا بالنسبة لتركيا وامريكيا.
شكل العرف السياسي العراقي لتشكيل الحكومة واختيار الرئاسات السيادية الثلاث عنصر مهم لتدخل القوى الخارجية في رسم السياسات العامة، حيث جرى العرف السياسي على ان يكون منصب رئيس الجمهورية من حصة المكون الكردي، ومنصب رئيس مجلس النواب من حصة المكون السني، ومنصب رئيس مجلس الوزراء من حصة المكون الشيعي، الامر الذي دفع كل قوة من هذه القوى الخارجية العمل على دعم احزاب وشخصيات موالية او قريبة لها لتولي هذه المناصب بما يضمن المصالح ويحقق التوازن الدولي والاقليمي.
الا ان نتائج انتخابات تشرين 2021، قد غيرت الموازين السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي نتيجة تشرذم القوى السياسية وخلق عملية تفاوت كبيرة جدا في تقسيم القوى السياسية العراقية (الشيعية، السنية والكردية) الامر الذي عقد المشهد كثيراً، نقسمت القوى الشيعية الى محورين وفقا لنتائج الانتخابات (الكتلة الصدرية، الاطار التنسيقي) والقوى السنية (تقدم، عزم) والقوى الكردية (الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني) فضلا عن وجود احزاب ناشئة مثل (حراك الجيل الجديد) الكردي واحزاب جديدة ظهرت نتيجة احتجاجات تشرين 2019 في العراق ومنها (حركة امتداد) وبعض المستقلين الذي فازوا في الانتخابات وايضا يحسبون على خط قوى احتجاجات تشرين، اعلنت الاحزاب والحركات الناشئة والجديدة وبعض المستقلين انفسهم كمعارضة سياسية منذ الايام الاولى لإعلان النتائج لينحصر موضوع تشكيل الحكومة ما بين القوى السياسية التقليدية الثلاث.
على الرغم من ايران على مدار السنوات السابقة دعمت جميع القوى الشيعية السياسية مجتمعتاً وحاولت رسم الطريق السياسي لهم ولا سيما في مسألة اختيار رئيس مجلس الوزراء الذي اعتبر من حصة الشيعة وذلك لاعتبارات كثيرة منها الترابط الديني ما بين القيادات الشيعية وايران والاثر التاريخي كون اغلب القيادات الشيعية كانت في ايران واحزابهم السياسية قريبة على فكر الثورة الايرانية وكذلك الترابط بمسألة مقاومة الاحتلال الامريكي، الا انها في الآونة الاخيرة فضلت ووسعت نطاق الدعم الى الاشخاص والكتل السياسية ضمن محور الاطار التنسيقي على حساب كفة الكتلة الصدرية بزعامة السيد (مقتدى الصدر) بسبب تبي الاخير بعض السياسات التي لا تتناغم من السياسة الايرانية كثيرا وايضا تشنج الخلاف ما بين الصدر وبعض قوى الاطار التنسيقي وخصوصا السيد (نوري المالكي) ودعم القبول بالوساطة الايرانية وكذلك تبني الصدر علاقات سياسية مع دول مجلس التعاون الخليجي في فترة اشد الخلاف مع ايران الامر الذي يقلل ايران من رغبة ايران الدفع باتجاه تشكيل حكومة من قبل الصدر دوناً عن قوى الاطار، كذلك الحال بالنسبة لأمريكا التي تتخوف من امكانية مضي الصدر بتشكيل حكومة بمفرده الامر الذي يهدد المصالح الامريكية في العراق نتيجة الخلاف ما بين الامريكان والصدر في سنوات ما بعد الاحتلال والاعمال التي قام بها الصدر آنذاك وملاحقة وتصفية الامريكان لكثير من القيادات في التيار الصدري، وعلى الرغم من كلا الطرفين الصدر والاطار التنسيقي يتبنون سياسات مضادة لأمريكا الا ان امريكا ترى التعامل مع قوى الاطار اكثر استقراراً وضماناً والتزام بالاتفاق والمعاهدات على عكس التيار الذي يغير من سياسته سريعاً ويتبنى موقف اخر تمامً ولاسيما بعد مضي الصدر بإصدار قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني (اسرائيل) الامر الذي ثار حفيظة امريكا، وفي ذات الوقت لا ترغب امريكا بانفراد الاطار التنسيقي بتشكيل الحكومة وذلك لكي لا يكون هناك اندفاع قوي جدا لتبني سياسات موالية لإيران، لا يتعلق الامر في الشيعة فقط وانما لسنة والكرد دور في ذلك على الرغم من الصفة العامة لإيران دعمها للقوى الشيعية الا انها في الآونة الاخيرة وسعت جذور العلاقات حيث كونت علاقات مع القوى السنية فضلا عن القوى الكردية ونجح الفريق الدبلوماسي الايراني في كسب الود، فرغم دعم ايران لرئيس تحالف تقدم حالياً السيد (محمد الحلبوسي) لتولي رئاسة مجلس النواب لدورته الرابعة (2018-2021) الا انها في الفترة الاخيرة تميل الى شخصية السيد (خميس الخنجر) رئيس تحالف عزم، لسبب تقرب الحلبوسي من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير جدا وتذبذب العلاقة مع ايران على عكس الخنجر الذي يميل الى خلق التوازن في علاقاته الخليجية – الايرانية، اما القوى الكردية التي تعتبر قوى قريبة من الجميع وصاحبة العلاقات الواسعة والقادرة على تكيف وضعها مع طبيعة مجرى العلاقات الخارجية بمنحى اخر عن طبيعة النهج المتبعة من قبل الحكومة الاتحادية في السياسة الخارجية.
اما السعودية التي تحاول الحفاظ على نهج السياسات الاخيرة المتبعة من قبل كلا الطرفين السعودي والعراقي في انجاح العلاقات الثنائية من جديد واعادة ربط المصالح العراقية بالمنظومة الخليجية ولا سيما على الصعيد الاقتصادي فهي تتعامل مع الموقف من محورين ؛ الاول، عدم تولي شخصية تتبنى مواقف عدائية مع الدول الخليجية الامر الذي يضر بالمصالح، والثاني، ابقاء خط العلاقات مع القيادات السنية وزيادة الدعم وعدم انفراد طرف دون طرف اخر الامر الذي انعكس على طبيعة الاتفاق مع تحالفي (عزم وتقدم)
هذا يعكس ان هذه القوى لا تفكر بالشكل الخارجي للحكومة (توافقي او اغلبية) بقدر ما تفكر بالمضمون الفعلي لهذه الحكومة، فهذه القوى لا تريد ما يضر بمصالحها داخل العراق وكذلك مصالحها التنافسية او الصراعية، فهي تحاول ايجاد نمط حكومي يضمن مصالح كل منها دون الاضرار بالأخر، الا ان الامر معقد وذلك لعدة اسباب:
1- امريكا ترغب بحكومة تكون قادرة على منع النفوذ الايراني في العراق ومنع التغلغل الايراني ومحاولة تقليص الدور الايراني، الا ان هذا الامر قد يتغير بمجرد ان يتم انهاء ملف الاتفاق النووي الايراني واتفاقيات فيينا بين ايران والولايات المتحدة حول الاتفاق النووي، حيث ستستطيع امريكا من ضبط القوى الموالية لإيران داخل العراق عن طريق التفاوض المباشر مع ايران، وكان العراق وما يدور في ساحته احد نقاط المفاوضات وان لم تكن اساسية الا انها اخذت حيز من المفاوض الامريكي والايراني، كذلك انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان ومن ثم احتجاجات التيار الصدري في مجلس النواب وما رافقه من احداث ودعوات لتغير النظام وتغير الدستور ثار قلق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ـ اذ تعد الولايات المتحدة هي الضامن للنظام السياسي العراقي الديمقراطي الحالي بشكله الحالي واي تغير في شكل هذا النظام لن يكون محل ثقة وقد لا يحظى بالشريعة الدولية لهذا النظام السياسي الجديد الذي قام على اساس التغير الثوري والتعصب الفردي لشخصية معينة، وبالتالي على رغم انشغال امريكا في مجريات العالم من حرب روسية _ اوكرانية، ومواجهة المد الصيني والمشاكل الداخلية في امريكا وقضية علاقات التعاون ما بين اسرائيل والدول العربية والمفاوضات النووية مع ايران الا انها ليس بعيدة عن الواقع العراقي وتراقب وتلوح بين فترة واخرى بالتدخل متى ما اقتضت الضرورة ـ لذا تعتقد امريكا ان اي الحكومة القادرة على منع التغلغل الايراني العراق ستعمل على تخفيف الهجمات والضربات المتكررة لبعثتها الدبلوماسية في بغداد او للقواعد العسكرية الخاصة بالتحالف الدولي بالعراق، وهذا مرحب لها، الا انها في ذات الوقت لا ترغب بوجود حكومة يسارية دينية مذهبية شيعية وانما تحاول ان توجد حكومة محافظة من المذهبية الشيعية، وعلى الرغم من امريكا ترى من الضروري ايجاد اصلاحات بنيوية في النظام السياسي العراقي الحالي الا انها لا ترغب ان تتم هذه الاصلاحات بالطرق الثورية المتشددة وانما من خلال التتبع التدريجي لهذا التغير.
2- السعودية تحاول اعادة العلاقات العراقية– العربية ولاسيما مع مجلس التعاون الخليجي ومحاولة ايقاف النفوذ الايراني وقطع اذرع ايران في العراق التي تستخدمهم في تنافسها الاقليمي الامر الذي يشكل تهديد للسعودية وخصوصا في اجواء الحرب على اليمين حيث تعتبر الاخيرة دولة قريبة من السياسات الايرانية وكذلك في ظل وجود اشخاص متشددين داخل الاطار التنسيقي ضد سياسات السعودية الامر الذي يقلقها، فعلى الرغم من مد جسور العلاقة ما بين ايران والسعودية الا ان قضية (المعضلة الامنية) ما بين الطرفين لا تزال قائمة، لذا فهي لا تهتم كثيراً لشكل الحكومة ومن يقود وقد لا يوجد خلاف مع حكومة الاطار التنسيقي على اعتباره الكتلة الشيعية الاكبر والرسمية المكلفة في تشكيل الحكومة بعد انسحاب الكتلة الصدرية، على ان تضمن هذه الحكومة خطوط العلاقات مع السعودية وهذا ما تكشفه زيارة القيادي في الاطار التنسيقي السيد (عمار الحكيم) للسعودية.
3- تحاول ايران زيادة النفوذ في العراق وزيادة الترابط المصلحي سوى بالطرق الرسمية من خلال الاتفاقيات والمعاهدات والتبادلات المشتركة او الطرق غير الرسمية من علاقات سياسية وترابطات دينية وذلك من اجل ضمان وصولها للأحلاف الاقليمين الاخرين وضمان استمرار الدعم المالي والعسكري عن طريق العراق الى هذه الدول الحليفة لها واعتبار العراق المنفذ الاستراتيجي لها في ظل حصار اقليمي وعقوبات امريكية مفروضة عليها، كذلك تحاول ايران ان تحافظ على المد الديني – العقائدي ما بين البلدين من خلال الاشخاص، وعزلة السيد (مقتدى الصدر) عن ايران وعدم قبوله الوساطة الايرانية طيلة فترة مفاوضات تشكيل الحكومة اشعر ايران بقلق حكومة الصدر في حال تشكلت على المصالح الايرانية في العراق، لذا كان انسحاب الصدر عامل مرن لإيران ان تتدخل بدعم قوى الاطار التنسيقي لتحقيق امرين الاول المضي في تشكيل حكومة والثاني عزلة السيد الصدر، لحين اعادة تقييم العلاقات مع السيد الصدر من جديد، الا ان ايران فشلت بكلا الامرين نتيجة، عدم اقتناع اطراف داخل الاطار التنسيقي بهذه الرؤية وكذلك مواجهة السيد الصدر لهذا الامر عن طريق ورقة الجمهور في محاولة منه لكسر العزلة.
4- عزلة السيد (مقتدى الصدر) بعد انسحابه من مجلس النواب ودعوته انصاره للقيام بثورة شاملة تطيح بالنظام السياسي اجمع، وعدم استقباله اي شخصية سياسية داخلية او بعثة اجنبية او وسيط خارجي، جعل المجتمع الدولي في قلق متزايد من خطوات الصدر في شكل النظام السياسي ولم يكن احد يعلم ما هي الخطوات الا عن طريق صفحة وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي قريبة من الصدر تصدر التوجيهات، وهذا لا يتعاطى معه المجتمع الدولي وهو يحاول ان يجد رؤية وخطوات واضحة من الشخص المعني، لذا اصبح تعامل المجتمع الدولي مع الاطار التنسيقي اكثر رسمية من خلال خطوات الاطار المعلنة حول ضمان الدولة وشرعيتها وضمان الدستور وصون العملية السياسية من جهة، واللقاءات والزيارات وتبادل وجهات النظر مع عناصر المجتمع الدولي من جهة بشكل مباشر اعطى المجتمع الدولي هاجس من الراحة في شكل الصورة لتعامل مع الطرفين.
5- بالرغم من تشكيل العامل الخارجي دور ضعيف في حل الازمة او تشكيل الحكومة في التفاصيل الدقيقة كما كان في السنوات السابقة الا انه اخذ يلعب دور الموجهة للعملية السياسية بصورة عامة وشاملة وضامن لاستمرار النظام السياسي الحالي وفق الشرعية الدولية، اذ اي نظام السياسي جديد لابد ان يحظى بالشرعية الدولية ومن دون الشرعية لا يمكن لنظام الجديد ان ينجح لذا اصبح المجتمع الدولي الضامن لوجود الشرعية الدولية ولا تحاول ان تسحب هذه الشرعية عن هذا النظام لاعتبارات تتعلق بالمرحلة الزمنية والتفاعلات الاقليمية والدولية وحسابات المصلحة والتنافس الداخلي،
فالعامل الخارجي له دور كبير جدا في طبيعة تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات الثلاث وطبيعة تكوين التحالفات السياسية وضمان سير الحكومة وتحقيق برامجها، الامر الذي كان ومازال عقبة في طريق الحكومات العراقية السابقة جميعاً، ولا يمكن ازاحة هذه العقبة الا عن طريق تكوين حكومة قادرة على فهم هذه التوازنات الخارجية والعمل على خلق توازن المصالح دون توازن العواطف لتحقيق النفع الاكبر للعراق والاستفادة من عناصر القوة التي تمتلكها هذه الدول لتحقيق النفع الداخلي للعراق وبناء شبكة مصالحة متفرعة تضمن استقرار العراق وذلك نتيجة عدم تضارب مصالح هذه الدول المتنافسة الامر الذي يجنب الردود السلبية على الساحة العراقية.
مصطفى السراي: باحث في الشأن السياسي