ثقافة

الفضائيات.. والعقل المركزي للصورة

الفضائيات.. والعقل المركزي للصورة

قاسم حول

في أمسية المحاضرة التي القيتها في جامعة طهران خلال العام 1998، وقبل أن أبدأ محاضرتي رفع أحد الطلبة الحاضرين يده وطلب الكلام. قال: أنا طالب جامعي مسلم ومؤمن أؤدي فرائض الدين وأصوم وأصلي، لكنني وبعد الساعة الحادية عشرة لا أستطيع مقاومة رغبتي في البحث عن القنوات الفضائية التي تعرض الأفلام الجنسية الإباحية “البورنو" وأريد نصيحة المحاضر العراقي السيد قاسم حول. فطلب رئيس الجامعة الكلام نيابة عني وقال لقد وضعنا قانون منع استعمال الصحون الفضائية على سطوح المنازل، والقانون أمام البرلمان وسوف يصادق عليه هذا الأسبوع، وبالتالي سوف لن يتمكن الطالب من البحث في القنوات الفضائية ومشاهدة الأفلام الإباحية المعادية للقيم الإسلامية.

 

وقبل أن أبدأ محاضرتي قلت بأنني سوف أبدي وجهة نظري في هذا التساؤل.  وفي رد السيد رئيس جامعة طهران:

إن منع استعمال الصحون الفضائية التي تلتقط البث الفضائي العالمي سوف يشجع على انتعاش السوق السوداء التي تبيع الأشرطة الجنسية الإباحية وهذا الأمر سوف لن يحل المشكلة بل سوف يعقدها. فإذا منعتم هذا الطالب من مشاهدة الأفلام الجنسية الإباحية، فهل تستطيعون منع طالب مسلم آخر في المملكة العربية السعودية من التقاط القنوات الجنسية الإباحية، وهل تستطيعون منع طالبة مسلمة في الكويت من البحث عن القنوات الجنسية الإباحية ومشاهدتها، وهل تستطيعون منع أبنتي وزوجتي وهما مسلمتان من مشاهدة الأفلام الجنسية الإباحية وهما يعيشان في أوربا في هولندا وكل القنوات متاحة للمشاهدة. أصارحكم انني لن أحجب هذه الأفلام على أسرتي ,ولن أشطبها من برامج تلفزيون البيت، ولكن أسرتي لم تشاهد هذه الأفلام ولا أنا أشاهدها لأنها تتنافى مع حرية الحياة التي تتسم بالوعي والذوق والجمال وأسرتي تتمتع بهذا الوعي. إن أيران بلد الحضارات العظيمة والتاريخ العريق والجميل لا توجد  فيه، قنوات فضائية تعكس هذا الواقع الثقافي الثري الموسيقى الساحرة الإداء والشعر الخالد والعادات والتقاليد التراثية، فلو تأسست قنوات فضائية تستقي برامجها من هذا التاريخ العريق، لما صار هذا الطالب الصريح والشجاع من أن يعيش حالة الهوس بالبحث عن القنوات الجنسية التي تتنافى من الحس الجمالي والوعي المثالي. فأرجوكم أن تنشروا وعي التلقي وتقضوا على الأمية الثقافية والإعلامية وبذلك تساهمون في نشوء المجتمع السليم، وأتمنى ألا يصادق البرلمان على قانون منع الصحون الفضائية على المنازل بل وشطب المحرمات الثقافية من الأعلام والثقافة والبث التلفزيوني، وثقوا سوف تنشئون ثقافة بصرية يطمح الغرب وإنسان الغرب في متابعتها. وأشكركم والآن سوف اقدم محاضرتي وعنوانها " الفضائيات والعقل المركزي للصورة".

 

نص المحاضرة             

إن تعبير "العقل المركزي" استخدمه الماديون، كبديل عن وجود الخالق "الله سبحانه"، فاستعار الماديون تعبير "العقل المركزي" كدلالة على وجود قوة خفية تدير شؤون الكون والطبيعة، لا يستطيعون، أو لم يكتشفوا بعد ماهيتها، فأطلقوا عليها تسمية "العقل المركزي" ونحن هنا نستعير هذا التعبير، لأن ثمة قوة غير مرئية أيضا بشكل واضح، أو غير معلن، تدير شؤون الصورة والإعلام، واستخدامها لأغراض سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية. هذه القوة لها مؤسساتها وتنظيمها المرتبط بذلك العقل المركزي الذي يدير شؤونها.

 

دعونا نسافر باتجاه ذلك العقل المركزي للصورة، ومن ثم سنعود إلى الأقمار الاصطناعية وشبكة القنوات الفضائية وارتباطها بذلك العقل المركزي وأهدافه في العالم وفي عالمنا العربي والإسلامي وصراع الحضارات.

 

تنتشر القنوات الفضائية التلفزيونية في العالم بشتى الاختصاصات وشتى اللغات، ومنها اللغة العربية والفارسية التي جاوزت حتى الآن الف وخمسمائة فضائية. وأصبح المشاهد في العالم محكوما بذلك الإطار الذي يبث الصورة إلى عينيه. فجهاز التلفزيون، وهو الذي جاء بديلا عن السينما أو هكذا كان يسود الاعتقاد منذ اختراع هذا الجهاز، بأن العلم قد نقل السينما إلى البيت. وحقيقة هذا الجهاز "التلفزيون" تكمن في الحيثيات التالية:

 

أولا – إن شاشة السينما هي شاشة عريضة تتيح مشاهدة أوسع وأكثر غنى من الشاشة التلفزيونية الصغيرة، ولذلك فإن القيمة الجمالية للصورة السينمائية هي أفضل بكثير من القيمة الجمالية للصورة التلفزيونية، كما أن الشاشة السينمائية العريضة تتيح استخداما أكثر للقطة البعيدة وما تقتضيه ضرورة استخدامها، فيما يعتمد العمل التلفزيوني على اللقطات القريبة والمتوسطة الأحجام.

ثانيا – إن الضوء في السينما يسقط على الشاشة من ماكنة العرض السينمائية، وتتم المشاهدة من مسافة بعيدة عن الشاشة، وفي ذلك راحة للعين في استيعاب للقيمة الفكرية والفنية الجمالية، فيما الضوء يبث من الشاشة التلفزيونية على عين المشاهد ومن مسافة قريبة، وفي ذلك تأثير مرضي على عين المشاهد، بسبب قرب المسافة وبسبب الموجات الكهرومغناطيسية التي تدفع بها شاشة التلفزيون، إضافة إلى النقص في استيعاب الصورة وبالتالي المضمون بسبب قرب المسافة. وهي حقيقة فيزيائية.

ثالثا – إن مشاهدة السينما تتم في الظلام ووسط طقوس الصمت، مما يخلق حالة من التركيز في المشاهدة وهو ما يؤثر على عملية التلقي، أيضا، من الناحية الجمالية والفكرية، فيما يشاهد التلفزيون في الضوء وانعدام طقوس المشاهدة الصامتة ومع انشغال البيت في الحركة والرد على المكالمات الهاتفية، مما يلغي حالة التركيز والإنصات والاستيعاب. فالإنصات غير الاستماع.  والتركيز هو وعي التلقي. جاء في القرآن الكريم في سورة الأعراف، الآية 204 "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون" فالإنصات هو غير الإستماع.

رابعا – إن برنامج المشاهدة السينمائية يقع بحدود الساعتين من الزمن، وهو زمن مدروس بدقة، كفسحة من المتعة الذهنية والعاطفية للمتلقي، فيما تقدم البرامج التلفزيونية على مدى أربع وعشرين ساعة أحيانا، مما يخلق حالة من التخمة تفقد المتلقي تلك المتعة الذهنية والعاطفية، سيما وأن حجم الوقت المخصص للبث يفرض على التلفزيون تقديم البرامج دونما تدقيق في المستوى الفني الجمالي والمضمون الاجتماعي والإنساني.

خامسا – ولعل حرية الاختيار تشكل أهم عامل في تفوق السينما على التلفزيون، إذ أن المتلقي يذهب برغبته واختياره للفلم والموضوع الذي يرغب التزود منه بالمتعة الذهنية والعاطفية، فيما يفرض التلفزيون نفسه كضيف ثقيل على المتلقي وعلى العائلة، وبوجوده الثقيل هذا فانه يخلق مشكلات كثيرة داخل الأسرة الواحدة لتباين المستويات في الأعمار والثقافة والوعي والجنس.

سادسا – الشاشة التلفزيونية هي شاشة صغيرة يحس الإنسان بضآلتها أمام عينيه، وإن بصره يتبعثر خارج إطار الصورة بشكل تلقائي، سيما وإن هذه الشاشة تعرض في البيت المضاء والغرف المضاءة ووسط لغط العائلة، وكل ما تحتويه الحياة العائلية يوميا. هذا النوع من العلاقة بين جهاز التلفزيون والمشاهد يحتم على كاتب الدراما التلفزيونية وعلى كاتب البرامج أن لا يذهب بعيدا في تحليل الواقع، وأن يعمد إلى كتابة موضوعات ذات قيمة التسلية المجردة ، لأن المشاهد إذا ما فاته مشهد ما أو مقطع من حوار ما، فانه سيتابع مشاهدة البرنامج دونما ندم، لأن ما يقدم ليس سوى محض تسلية تقدم لجمهور متباين المزاج والثقافة والمستوى الاجتماعي، فيما الشاشة السينمائية أكبر من حجم المتلقي ويتطلع إليها المشاهد ونظره مركز على تفاصيلها ويستوعبها استيعابا جماليا وتحقق له متعة المشاهدة، الذهنية والعاطفية، وسط تجلي الصمت والتركيز والمتعة الذهنية والحسية.

 

لقد كان التلفزيون في بداية اختراعه يبث في الفترات المسائية حيث يعود الناس من أعمالهم، ثم بدأت ساعات البث بالتزايد حتى أصبحت تبث من الصباح حتى منتصف الليل، ثم صار البث على مدى الأربع والعشرين ساعة لليوم.

 

وكان البث يتم داخل البلد الواحد، ولكن بظهور الأقمار الاصطناعية وصحون البث والاستقبال، صارت الصورة حرة في سماء الكون يمكن التقاطها في شتى أنحاء العالم، فاندحرت أجهزة الرقابة للأنظمة التي تحكم العالم، وأصبحت موضوعات الجنس والعري والعنف والدين موضوعات سهلة التلقي وسهلة التأثير، لما للصورة من تأثير على وعي المشاهد. والأخطر من كل هذا فإن الدخول إلى غرف نوم الناس أصبح متيسراً عبر برامج الحواسيب والأقمار الاصطناعية!

 

إن كلمة الصورة لا تعني الفيلم السينمائي بمجمله أو البرنامج التلفزيوني بمجمله، لأنهما عبارة عن كم هائل من الصور الثابتة تختزنها الذات البشرية وتؤثر فيها بقدر يتناسب وخصوبة الأرض التي تستقبلها ممثلة بالوعي والسن والثقافة والجنس. إن تعبير الصورة المتحركة هو تعبير مجازي، إذ لا توجد صورة متحركة، إنما هناك صورة ثابتة فقط، وكما هو معروف فإن فسلجه العين هي التي تحرك الصورة، لأن العين تحتفظ بكل صورة بأقل من عشر الثانية قبل إرسالها للذاكرة، ثم تستقبل الصورة التي تليها وبذلك تقوم العين بعملية التوليف التي تشاهد بموجبها الصور الثابتة صورا متحركة. بدليل أن أفلام الرسوم المتحركة هي عبارة عن رسوم ثابتة تمر بسرعة أربعة وعشرين إلى خمسة وعشرين صورة أمام شباك الكاميرا ومن ثم أمام شباك جهاز العرض السينمائي أو البث التلفزيوني وتقوم العين باستقبال تلك الصور وتراها متحركة. وهذا هو المبدأ الذي تم بموجبه تم اختراع فن السينما. فالعين السينمائية إذاَ تستقبل أرقاما فلكية من الصور الثابتة من شاشات التلفزيون وتخزنها، وتلعب تلك الصور دورا سلبيا أو إيجابيا في الذات البشرية وحسب حجم الوعي للمتلقي. فالصورة إذاً هي سلاح خطير جدا يفوق في خطورته كافة أسلحة الدمار الشامل، كافة الأسلحة البيولوجية والكيمائية وغاز الأعصاب. فإذا كانت هذه الأسلحة تسبب في موت الإنسان، فإن سلاح الصورة في جانبه السلبي يخلق النموذج البشري غير السوي الذي يلعب دوره في تشويه المجتمع الإنساني. وهذه الفكرة هي التي يستخدمها ما نسميه "العقل المركزي" الذي يرتبط بتأريخ الصورة واستخدامها.

 

قبل أن يخترع الأخوين لومير في فرنسا فن السينما عام 1894، مر تحريك الصورة بمراحل متعددة، وإن فإن تحريك الصورة يعود إلى العالم البلجيكي "جوزيف بلاتو". جاء في كتاب "بلخمار" الكاتب البلجيكي، وتحت عنوان اكتشاف الحركة وميلاد الرسوم المتحركة "يرجع الفضل في اكتشاف الحركة حسب المعطيات التاريخية الرسمية إلى العالم الفيزيائي البلجيكي "جوزيف بلاتو 1801 – "1883 الذي أفنى عمره في علوم البصريات وفقد بصره من جراء الأبحاث والتجارب التي كان يقوم بها باستعمال عينيه. ناقش هذا العالم أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه شرحاَ وقدم خلالها لأول مرة نظريته المتعلقة بالانطباع البصري التي تفيد بأن أي شيء تشاهده عين الإنسان تبقى صورته مسجلة وراسخة في شبكيتها مدة تساوي  أقل من عشر الثانية. وتجب الإشارة إلى أن بعض المؤرخين ينسبون اكتشاف هذه النظرية لعلماء آخرين من بينهم البريطاني "بيتر مارك روحيت" الذي أعلن عنها بلندن سنة 1824".

 

لو رجعنا إلى العبقرية العربية والعراقية على وجه التحديد فإن الفضل في اختراع العدسات ومعرفة أسرار الصورة والتصوير، تعود إلى العالم البصري "أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم المولود سنة 965 ميلاديه والمتوفى سنة 1040 وهو عالم موسوعي قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم التشريح وعلم الفلك والهندسة والطب وطب العيون والفلسفة وعلم النفس والإدراك البصري مستخدما المنهج العلمي. وقد سأل بن الهيثم نفسه يوما: إذا كان للإنسان عينان اثنتان فلماذا يرى الشيء واحدا ولا يراه شيئين. وقاده تساؤله هذا إلى الإجابة العلمية من خلال تشريح العين والدماغ، واستنتج بأننا نرى الأشياء ليس بسبب سقوط الضوء على الأجسام إنما بسبب انعكاس الضوء منها، وهو ما عرف لاحقا بالخطوط المستقيمة والنقاط والخطوط المتقطعة والدوائر البيضوية الوهمية "والمادية " التي تنعكس بين الجسم والعين ولا حقا بالعدسة!  وتنسب إلى أبن الهيثم مبادئ اختراع الكاميرا مما قدمه من الإسهامات في البصريات والرياضيات والفيزياء وطب العيون والإدراك البصري!

 

في العام 1872  أجريت تجربة بالكاميرا الفوتوغرافية على حركة حصان وهو يجري،  حيث تم ربط ثمانية عشر كاميرا فوتوغرافية مع بعضها بحيث يتم فتح غالق العدسة لكل كاميرا بالتتابع،  فتم تصوير 18 لقطة ثابتة لحركة الحصان، وعندما وضعت الصور متسلسلة فوق بعضها وتم تحريكها بأصابع اليد أمام العين بدت وكأن الحصان يجري، وبذلك اكتشفت القدرة الفسلجية للعين في تحريك الصورة الثابتة، وجاء اختراع توماس أديسون الذي يطلقون عليه قديس أمريكا، لجهاز "الكنتوسكوب" الذي شاهد الإنسان الصورة من خلاله عام 1889 وبعد خمس سنوات من اختراع أديسون أنجز الأخوان لومير اختراعهم في مشاهدة الصورة المتحركة على الشاشة السينمائية، وكان ذلك عام 1894 .

 

في عام 1897 انعقد المؤتمر الصهيوني الأول بقيادة "ثيودور هرتزل" في مدينة "بال أو بازل" السويسرية. في ذلك المؤتمر وبعد ثلاث سنوات فقط من تحريك الصورة الثابتة، أدرك المؤتمرون أن اختراع فن السينما هو اختراع خطير ويمكن استثماره لخدمة هدف المؤتمر وهو إقامة وطن قومي لليهود. فأقرت توصية في استثمار هذا الفن "إستراتيجية صهيونية" تدعو إلى تطوير اللجان السينمائية مع تطور الحركة الصهيونية والدعوة إلى إقامة الوطن القومي لليهود في دولة إسرائيل التي يجب أن تمتد حدودها بين النيل والفرات، أي بين حدين مائيين، وهو تصميم العلم الإسرائيلي الذي يمثل هذا الشعار وهو عبارة عن خطين زرقاوين يمثلان النيل والفرات وفي وسطهما نجمة داود، وهو نفس الشعار المحفور في الكنيست الإسرائيلي "دولتك يا إسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات" ومعروف أن المؤتمر الصهيوني الأول وفكرة دولة إسرائيل، قد جاءت على أثر الأزمة الاقتصادية الأولى التي تمثلت بتركز وتمركز رأس المال في المصارف، وحاجة الاحتكارات إلى مصادر الثروة وإلى الأسواق أيضا، ولأنهم يدركون أن مصادر الثروة والطاقة والسوق أيضا موجود في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط والثروات الطبيعية، فإن استخدام فكرة اليهود في إنشاء وطن قومي وديني لهم على أرض فلسطين والأبعاد التاريخية والدينية التي يمكن استثمارها لأهداف الاحتكارات الصهيونية التي تهيمن على اقتصاد الغرب وأمريكا بالذات، يساعد على إنشاء دولة قوامها اليهود تكون بمثابة الثكنة العسكرية التي تؤمن حماية المنطقة واستثمار ثرواتها النفطية والطبيعية لصالح الرساميل الصهيونية. وكانت الصورة وفن السينما السلاح الهام الذي أستخدم لهذا الغرض من قبل القوى الصهيونية الاحتكارية. وكان استخدام الصورة يسير في خطين متوازيين، الأول، الهيمنة على وسائل الإنتاج والتوزيع السينمائي في العالم لخدمة الاحتكارات الاقتصادية، والثاني خدمة إقامة ما يسمى بالوطن القومي لليهود بشكل مباشر.

 

في الخط الأول، تم في البداية إنشاء مملكة هوليوود، والشركات المنتجة للأفلام وبرساميل كبيرة جدا، وكانت جميعها بتمويل من الرأسماليين اليهود الذين يهيمنون على المصارف وهم أصحاب فكرة إنشائها، فـ "مترو جولدين ماير- مائير" هو اسم أكبر الشركات المنتجة والموزعة والتي أسسها ثلاثة من كبار الرأسماليين اليهود وسميت الشركة بأسمائهم، قد رسمت الخطوط الأولى للسياسة السينمائية التي تمثلت في:

1 – تجميل صورة المجتمع الأمريكي، من خلال إظهار الحياة المرفهة السعيدة للعائلة الأمريكية، والفرص المتاحة أمام الموهوبين من البشر في ظل النظام الرأسمالي.

2 – تشويه صورة حركات التحرر في التأريخ القديم والحديث، وإلغاء دوافع تلك الحركات والثورات على أنها دوافع اجتماعية واقتصادية ووصفها بالدوافع الذاتية والإرهابية والانتحارية أو العبثية لقادة ومفكري تلك الحركات. وفي السياق تصوير الهنود الحمر كعينات من شعوب متأخرة، ما يبرر الغاءهم تمهيدا لانقراضهم في تقادم الزمن.

3 – تجسيد الحيف والقمع الذي يقع على الإنسان في ظل المجتمعات الاشتراكية، وبشكل خاص الاتحاد السوفيتي، بسبب التناقض السياسي والاقتصادي بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.

4 – ولاحقا تقرر تجسيد الحيف الذي وقع على اليهود من قبل النازية والنظام الألماني في فترة حكم هتلر. ومنح الجوائز لكافة الأفلام التي تتعرض لموضوع اضطهاد اليهود تشجيعا لإنتاج هذا النمط من الأفلام.

3 – تقديم الفنانين من اليهود إلى الواجهة، وخلق النجوم منهم وتسليط الأضواء على شخصياتهم ومنحهم الجوائز ووضعهم دائما في الصف الأول وإعطائهم الفرص قبل غيرهم مخرجين وممثلين ومصورين ومهندسي صوت.

 

 وعندما فرزت حركة السينما والثقافة شريحة من الكتاب والفنانين في هوليوود ترفض صيغة الإنتاج الهوليوودي وتعالج الواقع على أساس التناقض الاجتماعي وتنتصر للمبادئ والقيم الإنسانية والشعوب التي يقع عليها الحيف مهما كان شكله ومصدره، سارع "مكارثي" مسؤول الأمن القومي إلى تصفية هذا التيار، وما سمي "بالتصفية المكارثية، وقد لعب الممثل رونالد ريغن سابقا ، أحد رؤساء أمريكا لاحقا، لعب دورا سيئا في التجسس على الفنانين والكتاب ونشاطاتهم وكان أحد أهم شهود المحكمة المكارثية" التي فصلت وعزلت أهم الكتاب والفنانين في هوليوود وحرمتهم من العمل والإبداع. "يمكن مشاهدة فيلم "الجبهة – The Front " الذي يصور محاكمة فناني أمريكا بتهمة الشيوعية، وكان شارلي شابلن أحد الضحايا وقد طرد من أمريكا وقال كلمته الشهيرة "إن وطني هو هذا الوادي الذي تحيا فيه البشرية" كان الممثل رونالد ريغن أحد شهود الزور في محاكمة الفنانين والكتاب اليسارين.

4 – امتلاك صالات السينما والهيمنة على شركات التوزيع لإتاحة الفرصة للفيلم الهوليوودي بالانتشار وعدم فسح المجال لأي فيلم يتعارض والفكر السياسي لسينما هوليوود ومن يقف وراءها.

5 – إنشاء شبكات وشركات توزيع أفلام وامتلاك دور سينما في أنحاء العالم بنفس أسماء شركات الإنتاج ضمن مناطق كبيرة في خريطة العالم، وقد اختيرت بيروت مركزا لمنطقة الشرق الأوسط.

6 – محاربة أية محاولة للصناعة السينمائية الوطنية، وذلك أما بتملك ستوديوهات سينمائية، أو إنتاج الأفلام ضمن النمط الهوليوودي شكلا ومضمونا، في تلك البلدان التي تتشكل فيها نهضة سينمائية مثل إيطاليا والهند ومصر.

 

ولو أخذنا مصر على سبيل المثال، نجد أن النمط الهوليوودي في السينما قد تم استنساخه شكلا ومضمونا. أساليب الإنتاج. شكل الفلم. وحتى صدور مجلة الكواكب المصرية هو استنساخ لمجلة هوليوود السينمائية، ومجلة الصوت والصورة.

 

عندما بدأ رجل الاقتصاد المصري طلعت حرب باشا رئيس مجلس إدارة بنك مصر استثمار السيولة النقدية لإنشاء صناعة سينما حيث وجد أهمية هذا الاستثمار لصالح العمل المصرفي وتحقيق الأرباح، وقام بإنشاء ستوديو مصر وأرسل البعثات السينمائية للتدريب في إيطاليا سارعت شركة مترو جولدين ماير إلى الاستثمار السينمائي في مصر، واستطاعت أن تؤثر على نمط الإنتاج وشكل الفلم والمعالجة الفكرية للواقع المصري في السينما. وحتى أن الجريدة السينمائية الإخبارية المصورة التي أنتجتها السينما المصرية، كانت الأخبار المصورة فيها تقتصر على الطبقات الأرستقراطية ورجال الحكم، من منطلق أن الفقراء والفلاحين غير جديرين بتصويرهم على الشاشة السحرية، شاشة السينما. لقد بقي الفيلم المصري حتى اليوم هو النمط الذي أرادته هوليوود. لقد بقيت السينما المصرية "في إنتاجها العام" سينما بعيدة عن الواقع، سينما تضليلية توحي بأن المجتمع المصري هو مجتمع مرفه من خلال تصوير حياة الفئة الاجتماعية المرفهة الغنية والمتوسطة، وعدم الاقتراب من الطبقات الفقيرة والفلاحية، وإن تم الاقتراب منها، فأما للسخرية من سذاجتها أو عدم التوغل في العمق في أحسن الأحوال. وهذا هو النمط الهوليوودي في الإنتاج السينمائي الأمريكي. في حين لم تتأثر إيطاليا بالنموذج الهوليوودي وأنتجت سينما إيطالية واقعية. ولذلك حاولت السينما الأمريكية إغراء الطاقات الفنية الإيطالية لإبعادها عن السينما الإيطالية ونجحت في استقطاب "دي سيكا، برتو لوتشي، صوفيا لورين، جينا لولو بريجيدا، مارشيلو ماستروياني، فيتوريو غاسمان، وغيرهم".

 

ولا شك، أن إنتاج الفيلم الأمريكي بالتقنية العالية، ودراسة أساليب العمل السينمائي وعلاقتها بمزاج المتلقي وطريقة التأثير عليه بكل مفردات لغة السينما، كان إحدى صيغ الإقناع التي أدت إلى تعميم النموذج السينمائي الهوليوودي للعالم.

 

في الخط الثاني لتوصيات مؤتمر بال الصهيوني، هو العمل الإعلامي المباشر للحركة الصهيونية  في استثمار الصورة المتحركة لصالح إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين، فلقد تشكلت لجان إعلامية سينمائية وبعد ذلك تلفزيونية في الفترات التالية بعد اللجنة الأولى لمؤتمر بال عام 1897 "لجنة عام 1917 بعد وعد بلفور ، لجنة عام 1936 على أثر الانتفاضة الفلسطينية، لجنة عام 1948 بعد إنشاء دولة إسرائيل، لجنة عام 1967 بعد حرب حزيران، ولجنة عام 1973 بعد حرب تشرين" وهذه اللجان تتدارس أساليب الهيمنة على وسائل الإعلام المرئية والهيمنة عليها في أنحاء العالم، وكذلك وسائل توجيه الإعلام العربي باتجاه زرع حالة الإحباط في النفس العربية. في البداية عملت الحركة الصهيونية ولجانها الإعلامية على زرع عناصرها في كافة مؤسسات التلفزيون في العالم، بحيث تحول دون عرض أي برنامج يتعرض للدولة اليهودية، وتقديم البرامج التي تصب في خدمة إسرائيل، أو تتعرض للعنصر العربي أو للبلدان العربية. وكل هذه اللجان الإعلامية مرتبطة بما أطلقنا عليه "العقل المركزي" ويلاحظ المشاهد، عندما تقوم إسرائيل بعمل إرهابي كمجزرة قانا أو مجزرة صبرا وشاتيلا أو أي هجوم تتعرض له غزة أو يتعرض له جنوب لبنان مثلا، تعرض محطات التلفزيون في العالم الأفلام التي تصور المجازر النازية لليهود، وبشكل منظم، لكي تبعد المجازر التي تقوم بها إسرائيل عن الرأي العام الغربي. إن تلك اللجان وتنظيمها الدولي، خاضع لدراسات خبراء واختصاصين في علم النفس وفي وسائل الإعلام، ولها برنامجها ووسائل تحقيقها.

 

قبل أن ينطلق القمر الاصطناعي إلى الفضاء الخارجي ليسهل الاتصالات، ويساعد على نشوء القنوات الفضائية. وقبل أن نتحدث عن هذه المرحلة من مراحل الإعلام عبر القنوات الفضائية أذكر، أنني في عام 1979 كنت أعمل في إيطاليا في ستوديو سينمائي إيطالي هو ستوديو ميكرو ستامبا الذي يعتبر ثاني ستوديو سينمائي في ايطاليا بعد المدينة السينمائية "جينا جيتا" أطلعني مدير الأستوديو بدافع الاستفسار عن بعض المعلومات الفنية العربية أطلعني على مشروع تقدمت به ثلاث دول خليجية العراق أحدها. وطبيعة هذا المشروع يتلخص في إقامة جزيرة سينمائية تلفزيونية حرة. يتم إنشاء مدينة سينما داخل هذه الجزيرة على غرار هوليوود أو مدينة السينما الإيطالية. ويتم إنشاء ستوديوهات للعمل التلفزيوني، وشركات توزيع. وتقوم هذه المدينة السينمائية بشراء كافة صالات السينما في الوطن العربي وإنشاء صالات نموذجية للعروض السينمائية وفنادق وكافة وسائل الراحة والترفيه، وتقوم الشركة بتشغيل كافة الفنيين والفنانين العرب في هذه الجزيرة التي لم استطع معرفة موقعها، لأنني دهشت من تسمية المشروع بالجزيرة والذي يوحي بإنشائه في إحدى جزر دول الخليج العربي، لأن الجزيرة لا تصلح مكانا للسينما والتلفزيون، بسبب الرطوبة حيث يحتاج الشريط السينمائي والتلفزيوني الضوئي والمغناطيسي إلى المكان الجاف والبارد. كان الهدف من إنشاء ما أسموه بالجزيرة السينمائية هو الهيمنة الكاملة على وسائل الإعلام المرئية العربية، وتوجيهها بما يتناسب وصيغة الأنظمة العربية، تماما على غرار تجربة هوليوود في الإنتاج. لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية. ثم جاءت حرب الخليج التي غيرت معادلات وخرائط جغرافية سياسية وثقافية وكان من نتائجها شبكات الإعلام الفضائية ومدن الإعلام والسينما.

 

يبدو للوهلة الأولى أن وجود هذا الكم من الفضائيات العربية هو دليل عافية ودليل حضاري، لكن ينبغي التأمل مليا إزاء هذه الظاهرة سواء من ناحية تأسيسها أو من ناحية نوع وكم برامجها.

 

أولا، لماذا تعمل هذه المحطات التلفزيونية الفضائية من خارج بلدانها، وتستقبل داخل بلدانها، ذلك يعني وبشكل واضح انعدام الحرية داخل تلك البلدان وتوفرها في بلدان البث، وهي عادة تبث من أوربا أو من دبي. وهي بذلك تمنح منذ البداية الشرعية الغربية للثقافة العربية.

 

لقد استطاعت الفضائيات العربية أن تهيمن على العقل العربي، وهي ستنشئ جيلا عربيا شكلا وغربيا مضمونا، وستلغي من الذاكرة كل ما يتعلق بعمق الحضارة والتأريخ، من خلال تقديم النموذج الغربي للثقافة. يلاحظ أن طريقة تقديم البرامج ونوعية تلك البرامج هو استنساخ لصيغ تقديم البرامج في فضائيات الغرب.

 

هذه المحطات الفضائية العربية التي تبث على مدى يوم كامل تهيمن على المتلقي العربي، وتقدم له النموذج الغربي والثقافة الغربية. قد يقول البعض هناك العديد من البرامج ذات القيمة الثقافية التراثية، ولكن للرد على هؤلاء، لا يمكن لهذه القنوات أن تبدو مرة واحدة صورة للغرب، إنما يجري ذلك على مراحل. إن "العقل المركزي" الذي يدير شؤون الثقافة والإعلام، ويتابع تطور الصورة وتأثيرها على عقل وعاطفة المتلقي ضمن مخطط علمي ودقيق لم يعد يدير شؤون الثقافة من خارج منطقتنا العربية، فأولا نحن اقتربنا منه جغرافيا، وهو لم يعد بعيدا عنا، فإن له مؤسسات في وطننا العربي تهيمن على الثقافة العربية وتدفعها باتجاه التخلص من ملامحها وإبقاء المواطن العربي بلا هوية بلا انتماء، وبالتالي تسهل عملية إلغائه.

 

إن الفضائيات العربية والذي يراقبها جيدا، يرى أنها بدأت في بث البرامج ذات الطابع العنيف. برامج الخيانة الزوجية. المشاهد التي كانت ممنوعة عربيا. أصبحت مسموحة بنفس هذه القنوات التي تمولها دول إسلامية. أما البرامج العربية ذات المضامين الإنسانية والمثل الصحيحة، فإنها معدومة. أغلب برامج هذه الفضائيات هي برامج مشتراة من الغرب. إذاً نحن نساهم بتعميم القيم الغربية التي تعب منها الغرب نفسه وصار يتطلع إلى الشرق بمثله وتأمله، فيما يفرض علينا "العقل المركزي" شكلا من الصورة لا تنتمي إلينا ولا ننتمي نحن إليها.

 

إن الواقع يحتم علينا أن نضع الأسس والضوابط التي تحكم العملية الإعلامية وبشكل خاص الإعلام الفضائي. هذا إذا لم يكن ثمة وعي وقصدية في إنشاء هذه الفضائيات تحت تأثير ما أسميناه بالعقل المركزي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر!

 

إن كثيرا من القنوات الفضائية في كثير من البلدان العربية تستعمل الصحون الفضائية العملاقة للبث لأغراض هي غير أغراضها وأهداف غير أهدفها لذلك فإن كثيرا من البلدان صارت تؤسس مدنا إعلاميا كي تعزل القنوات الفضائية.

إن للصورة التلفزيونية سبعة مخاطر

1 – التأثير السياسي

2 – التأثير الإقتصادي

3 – التأثير الاجتماعي

4 – التأثير الثقافي

5 – التأثير السيكولوجي

6 – التأثير الأمني

7 – التأثير الفيزيائي

 

وقد لعب التأثير السيكولوجي والتأثير الفيزيائي دورا في قلق هذا الطالب الشجاع الذي اعترف أمام الجميع بأنه يبحث عن الأفلام الجنسية في آخر الليل.

إن سماعة الأذن التي يستخدمها الشخص الثقيل السمع تحتوي على جهاز استقبال بحجم رأس الدبوس، وصاحبها يستطيع التقاط المكالمات اللاسلكية بين أجهزة الأمن والاستخبارات فكيف بألف وخمسمائة صحن فضائي عملاق يتم نصبه في مراكز المدن وقريبا من وزارات الأمن والدفاع ومكاتب الوزارات؟ وكل تلك الصحون وصحون الهواتف النقالة تحتوي على أجهزة استقبال وبث يمكنها التقاط الأسرار في تلك البلدان، لذا عمدت بعض بلدان المنطقة على إنشاء المدن الإعلامية بعيدا عن مراكز المدن وعواصم البلدان لإبعادها عن الراكز الحساسة لبلدانها.

 

إن ملفات الأمن في كل أنحاء العالم تحتوي على حكايات كثيرة من الجرائم والسرقات والعنف نتيجة التأثير الفيزيائي على المتلقي من خلال تمركز الصورة في شبكية العين وانتقالها إلى الوجدان الذاتي، هذا إضافة إلى التأثير السيكولوجي على المتلقي. إن كل فضائيات العالم وبشكل مركز فضائيات منطقة الشرق الأوسط تخضع الآن للعقل المركزي للصورة وتهيمن على سياستها شركات الاحتكار العالمية يديرها الشخصية البريطانية اليهودية من الأصول العراقي والمدعو " ساجي ساجي" وهو لقب معناه "الساعجي" وهو المكلف من قبل شركات الاحتكار العملاقة بإدارة شؤون التلفزة الفضائية في العالم وهذا هو الهدف من القول "الفضائيات والعقل المركزي للصورة" لقد منحت الشركات العملاقة من بنود الدعاية والإعلان التي تقدر بالمليارات جزء من هذه البنود تحت تصرف ساجي ساجي لتغذية القنوات الفضائية بدعم البرامج فكثيراً ما نشاهد بأن برنامج الرياضة على سبيل المثال برعاية شركة كوكا كولا أو ميكروسوفت أو سيارات فورد أو شركات أدوية، وبهذا يخضع سياسة الفضائيات لذلك العقل المركزي، وفي حال تخلت الفضائية عن الرعاية الإعلانية أو الإعلانات فإنها ستنهار.

 

إن كثيرا من الجرائم التي تحصل، فإن منفذيها متأثرين ببرامج تلفزيونية وملفات الأمن غزيرة بمثل هذه الجرائم. ولهذا فإن الطالب الجامعي الذي لا يستطيع مقاومة رغبته في مشاهدة أفلام البورنو الإباحية هي من نتائج هيمنة العقل المركزي للصورة.

قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: 

أعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية.

 فإن رواة الخبر كثير ورعاته قليل..!

 

هذه المقولة للأمام علي عليه السلام هي دعوة للوعي في الاستماع قبل أن يتحول الإعلام إلى صورة وإلى مشاهدة. وهنا فإن وعي التلقي هو الذي يشكل الضمانة لمعرفة الموقف الصحيح، وسيادة الجهل في المجتمعات تؤدي إلى التأثر بالصورة ومخاطرها على كافة المستويات وفي المقدمة منها التأثير السيكولوجي والتأثير الفيزيائي.. هذه الثقافة البصرية ثقافة الصورة التي تبثها القنوات الفضائية قد هيمن عليها العقل المركزي  وعلينا الانتباه وإعادة النظر في سياستنا الإعلامية  والتعليمية بما يشكل حماية لجيلنا والأجيال القادمة من مخاطر العقل المركزي للصورة.

أشكركم والسلام عليكم

 

* ألقيت المحاضرة على هامش مؤتمر القمة الاسلامية في طهران عام 1998 على مدى سبعة أيام، وشارك فيه عدد من المحاضرين الدوليين، بينهم السينمائي والكاتب العراقي قاسم حول

مقالات أخرى للكاتب