رأي

تاريخ الموانئ العراقية.. ميناء المعقل والإدارة البريطانية في العراق

تاريخ الموانئ العراقية.. ميناء المعقل والإدارة البريطانية في العراق

د. حسن فلاح محسن جبار العبادي

احتلت القوات البريطانية البصرة في 5 تشرين الثاني 1914 حيث كان السير برسي كوكس المقيم السياسي في الخليج العربي رئيسا لادارة الاحتلال في البصرة وباقي المحافظات .

 

واصبح فيما بعد المندوب المدني وقد حشد عدد كبير من السياسين والادارين لادارة شؤون البصرة والعراق انذاك.أسس الاحتلال البريطاني الانضمة القضائية والسياسية واستندوا الى مجموعة  القواعد الهندية وطبقوا قانون دعاوي العشائر على غرار ما كان في الهند وفرظوا الظرائب الباهضة على الشعب العراقي لتغطية نفقات جيشهم . كل ذلك جاء لتحقيق الحلم البريطاني عن طريق البصرة في منطه شط العرب لاقامة وكالة تجارية لها في البصرة وتامين الطرق المارة من العراق الى الخليج العربي فالهند . ومن اجل ادامة المجهود الحربي للقوات البريطانية في الاندفاع نحو اكمال احتلال العراق لذا بدؤا بالبحث عن مكان لاقامة ميناء.

 

 فقد وقع الاختيار على منطقة المعقل في البصرة على الجانب الغربي من شط العرب، وقد عينوا (جورج لوكانانا) مديرا عاما للميناء في 10/3/1916بموجب امر عسكري صدر بذلك وقد قسم اعمال الميناء الى ثلاثة اقسام هي:

 

1. قسم السيطرة البحرية وهو باشراف ادارة الميناء ومهمته السيطرة على تحرك البواخر في الارصفة ومسؤول عن نصب العوامات والفنارات ومراقبة عمل الادلاء.

 

2.ادارة النقل ومهمتها السيطرة على عمليات الشحن والتفريغ وتوفير العمال والسيطرة على عمل جميع الزوارق التابعة لادارة الميناء.

 

3. اعمال الميناء وكانت تحت اشراف مهندس الميناء ومهمته بناء الارصفة والمراسي وبناء المرافق التي يتطلبها توسيع الميناء.

 

شهدت البصرة اجتياح الفيضانات على ضفتي شط العرب مما اضطر القوات البريطانية بالانسحاب من القرنة الى المعقل، تسبب ذلك بزيادة حجم البواخر الواردة للميناء كان لابد من توسيع مرافقه مما ادى في سنة 1917 الى انشاء مرسى في منطقة نهر عمر شمال المعقل التي تبعد مسافة 35 كم تقريبا عن الميناء لتخفيف الضغط الا ان ذلك المرسى اغلق في نيسان 1919، كما تم انشاء رصيفين عائمين فيه وسط شط العرب، كما انشات ادارة الميناء مراسي اخرى في (الجبيلة) واخر قرب دائرة الكمارك في العشار وثاني بجزيرة ام الفحم (السندباد).

 

مراحل انشاء ميناء المعقل

اول خطوة قامت بها والادارة البريطانية لميناء المعقل هي تعلية الارض فوق مستوى الفيضان لان الاراضي في المعقل كانت عبارة عن مستنقع يكثر فيه النخيل والجداول والقنوات الاروائية وكانت الالة المستخدمة في ذلك الحفارة (كراكة) جلبت من ميناء (رانكون) وبدات عملها بحفر النهر بجانب الشاطئ ورمي الطمي في المستنقع لردمه، والخطوة الثانية بعد تسوية الارض تم انشاء الارصفة من خشب الصاج الذي تم جلبه من بورما حيث نشأت خلال الحرب ستة ارصفة في المعقل بمساحة 650000م2 واربعة مراسي بمساحة 1972056م2 واربعة جسور عائمة ومرسى شمال المعقل استخدم مركزا للإطفاء ورصيف للزوارق الحربية، ثم جلبت رافعات كهربائية بعد اكمال الارصفة للإسراع بعملية التفريغ عام 1919 (العام الذي شهد مولد ميناء البصرة الذي وضع حجر الاساس له العقيد هاملتون عام 1914، وقد كان في بداية الامر منطقة عسكرية محاطا باسلاك شائكة (REF – وتعني القوة الجوية الملكية ) كونها كانت ملجأ للطائرات المائية التي تتكون من سقيفة كبيرة ثم زودت بسكة حديد خاصة تبدا من الساحة المواجهة للسقيفة نزولا الى الماء في شط العرب والغرض من ذلك هو رفع الطائرات المائية من الشط بعدها الى الساحة ومن ثم ادخالها الى السقيفة للصيانة ثم تحولت هذه السقيفة الى معمل لصناعة السفن التابعة لقيادة القوة البحرية (معمل التصليح الرئيسي للقوة البحرية العراقية)، كما انشئ الانكليز وحدة اتصالات صغيرة، ثم تم تزويد المعسكر بالكهرباء من وحدة البورهوس (القوة الكهربائية).

 

وقبل اجلاء القوات البريطانية اقامت هذه القوات نصبا تذكاريا تخليدا لقتلاها حيث قاموا بكتابة اسمائهم عليه الذين قضوا عند احتلال البصرة في المكان الشرقي للقاعدة البحرية عند الضفة الغربية لشط العرب والذي تم نقله الى مكان اخر بالبصرة نتيجة الدمار والتخريب الذي طال النصب، وبعد الاجلاء قام بعض الاهالي بالسكن بالمنطقة المحصورة بين القوة النهرية ومخازن ميناء المعقل الا انه تم ازالة هذا الحي في نهاية الستينات من القرن العشرين من قبل القوة البحرية وتوسعة رقعتها في المكان ثم تم تغيير اسمها الى القيادة البحرية واستلم مهامها السوري عبدو الديري في بداية السبعينيات.

 

وشهد الميناء العديد من التطويرات واعمال التوسعة، إلا أن الحرب العراقية الإيرانية تسببت في وقف نشاط الميناء بالإضافة إلى السفن والمراكب التي غرقت في مياهه.

 

مراحل تطور ميناء المعقل

أبان الحرب العالمية الاولى وبعد دخول قوات الاحتلال البريطاني للبصرة تطور الميناء انشائيا وخدميا من خلال:-

1.قامت القوات البريطانية بانشاء بعض الارصفة الخشبية في المعقل والمراسي .

2.في 8/1/1919 اصبح جاهزا وتحت قيادة السلطة العسكرية ميناء البصرة الوقتي.

3.في 1/1/1920 اصبح تحت سلطة الادارة المدنية البريطانية.

4.في 1921 وبعد تاسيس الحكومة العراقية المؤقتة بقيت الموانئ تدار من قبل الجيش البريطاني تحت اشراف وزارة التجارة العراقية.

5.في 1922 وبعد الغاء وزارة التجارة نقلت ادارة الميناء الى وزارة المالية واسست دائرة الميناء في البصرة في نفس السنة واصبح يعرف ب(مديرية الموانئ العامة).

6.في 17/3/1931 افتتحت البناية الجديدة في المعقل لمقر الميناء بعد ان كان مقرها في التنومة/ قضاء شط العرب بحضور الملك فيصل الاول ومتصرف لواء البصرة انذاك رؤوف الكبيسي.

7.في 1939 سلمت وزارة المالية مسؤولية الاشراف على الميناء الى وزارة المواصلات والاشغال.

8.في 1956 صدر قانون مصلحة الموانئ العراقية بحيث اصبحت ادارة مستقلة بموجب قانون رقم (40) وعهد بادارتها الى مجلس ادارة تمثل فيه ممثلين من وزارات (المالية – الدفاع – الاقتصاد – النفط – مصلحة السكك).

9.في 1976 تحولت الى مؤسسة الموانئ العراقية بموجب قانون رقم (7).

10-في 1987 تحولت الى المنشاة العامة للموانئ العراقية.

11-في 1997 وبموجب قانون الشركات رقم (22) تحولت الى الشركة العامة لموانئ العراق بموجب شهادة التاسيس الصادرة من وزارة التجارة مسجل الشركات برقم (م.ش.ع-114) في 24/3/1998.

علما ان خلال فترة الستينات وماتلاها بدأت انشاء الموانئ الاخرى مثل ام قصر –ابوفلوس– خور الزبير – الفاو- العمية – البكر).

 

المواصفات الهندسية لميناء المعقل

يبعد ميناء المعقل كم ذكرنا ذلك سلفا مسافة 135 كم عن الخليج العربي على ضفاف شط العرب ذو غاطس لايتجاوز ( 9 ) متر , ويتكون من ( 14 ) اربعة عشر رصيف تجاري بطاقة تصميمية تصل الى ( 250 ) الف طن سنوي، والواجهة الامامية للارصفة ( 2,5 ) كم، ومرسى الجنائب بطول ( 505 ) متر، والمساحة التقريبية المغطاة تبلغ  ( 115000 ) متر مربع والمساحة المكشوفة ( 105000 ) متر مربع، وتحتوي الارصفه على 45 رافعة كهربائية.

 

 يعتبر ميناء المعقل منشأة متكاملة تحتوي على كافة مقومات الميناء العامل الناجح ولكن بسبب الاهملت تضررت بعض المنشات ونتيجة الحروب وتقادم الزمن بدون صيانة. لا خلاف بين اثنين بان ميناء المعقل منشأة صالحة الان يمكن استغلالها بصورة تجارية وبصيغة استثمارية لجلب مردودات اقتصادية . هناك بعض المعوقات التي يمكن تذليلها بتشغيل اكبر عدد من المنشآت الصالحة واستغلالها بصورة صحيحة . ان جميع الارصفة متوقفة عن العمل بصورة تامة رغم صلاحية بعضها للاستغلال، ماعدا رصيف رقم ( 14 ) شغالا ومستثمرا من قبل شركة نواه وفق  للتشغيل المشترك، والان يعاد تأهيل رصيف ( 13 ) وفق تشغيل مشترك ايضا .

مقالات أخرى للكاتب