رأي

من أسس لثقافة الكراهية قبل "المحتوى الهابط"؟

من أسس لثقافة الكراهية قبل "المحتوى الهابط"؟

سيف الكرعاوي

اتفق في جزء من الذي تداوله السيد احمد البشير في برنامجه الأسبوعي "البشير شو"، وكنت قد ناديت قبل حملة الاعتقالات، بضرورة معرفة معنى "المحتوى الهابط" ومعاييره، حتى لا يصل الامر الى اعتقال الأشخاص دون معرفة الأسباب، الا انني اختلف معه في ان الجمهور أصبح يتغنى بـ"الكراهية"، ومن هذه الاسطر أود ان اشير الى مجموعة من النقاط تتحدث عن البرامج السياسية الساخرة:

 

ان اول من سن سنة تناول الأشخاص "من غير العاملين في السياسية" هي البرامج السياسية الساخرة، وأنها أسست لثقافة تناولهم والتعدي عليهم بطرق مباشرة وغير مباشرة، في حين ان مطالبة الأشخاص باتخاذ مواقف تجاه الأشخاص وتمرير رسائل بطرق غير مباشرة، هي الأساليب الخفية للكراهية والتي كانت تعمل عليه البرامج السياسية الساخرة.

 

اتفق في ان للناس حق التعبير عن ارائهم من حيث انهم يظنون ان هذه المحتويات "هابطة" او لا، كذلك اتفق في ان "السجن" لا يحل "المشاكل"، فسلوك الافراد يعتمد على عوامل مختلفة، في بلد يحتل مراتب متقدمة في "الفقر، المجاعة، سوء الأوضاع الاقتصادية، فساد..الخ"، لا يمكن ان ننتظر منه ان يتحدث عن "الذكاء الاصطناعي"، بالرغم من وجود طاقات "تستحق كل الاحترام".

 

المفارقة العجيبة ان البرامج السياسية الساخرة "توبخ" وتؤجج الجمهور في فترات سابقة، وتعمل اليوم بدور "المدافع" عنهم، في حين انها لم تسلط الضوء على من استطاعوا ان يرفعوا اسم العراق عالياً، او الذين ساهموا بتثقيف او تعليم الجمهور.

 

اخيراً لا تدفعوا الجمهور وأنتم خارج اسوار الوطن، ولا تدفعوا الجمهور وأنتم محصنون بالأحزاب والأموال؛ الشباب الذين يتأثرون بخطابكم علموهم كيف يكونون قادة، كيف تسير الأمور في هذا البلد، لا كيف تحصلون على الأموال أكثر عن طريق مشاكلهم.

 

ان ارتباط السخرية بالحياة العامة للافراد لم يكن شيء حديث العهد، ويمكن ملاحظة الامر منذ القرن السابق في بداياته والصحف العراقية "الساخرة"، التي كانت تتحدث عن سوء الخدمات وصعوبة العيش، مثل "حبزبوز" وغيرها من الصحف الساخرة، ومع ظهور التلفاز أصبح يأخذ الحيز الأكبر من السخرية عبر ما يبث من برامج، للحديث عن مشاكل الجمهور وتحدياتهم.

 

يمكن ان لا تسع السجون في قادم الأيام للوافدين اليها من أصحاب المحتوى "الهابط"، الامر الذي يمكن ان نتداركه بالاهتمام "بالتعليم"، وإمكانية تدريس مادة "المسرح" كما فعلت دول أخرى، حتى يكون الناس أكثر نضجاً، في التعبير عن مشاكلهم وتحديات الحياة.

 

[email protected]

 

مقالات أخرى للكاتب