أعمدة رئيسية

الفتية المؤمنون بالحياة!

الفتية المؤمنون بالحياة!

واثق البيك

هل سأل أحدنا يوما نفسه ماذا فعل؟ ماذا صنع حيال الواقع الذي يرفضه؟ هل تجاوز ذلك الى فعل حقيقي ما؟ هل حاول صنع الحياة بيديه؟ أم اكتفى بالسخرية والتهكم، والصراخ والعويل، وكتابة البوستات الباردة، والشعارات الممتلئة بالفراغ، الشعارات التي لا يمكن ان تنبض بالحياة من دون أن تصنع بأنامل مطلقها؟!   بالنسبة لي، أنا اكتفيت بكل هذا، بالصراخ والعويل والشعارات والتهكم والسخرية، لذا، أجد نفسي عاجزاً عن صناعة الحياة التي أريد، بينما أجد آخرين، يعملون بصمت هائل، صمت تترجمه الكلمات المشعة، النابضة بالحياة، هؤلاء الذين يفترشون أرض القشلة في شارع المتنبي كل يوم جمعة، هؤلاء هم صانعو الحياة، شئنا أم أبينا، هؤلاء الشباب الصغار، والنساء والرجال، هم من يخلقون الواقع الذي نريد، والذي نحلم به، والذي نتمناه من دون أن نخطوا خطوة واحدة باتجاهه، متعللين ومتذرعين بشتى الذرائع والحجج والتبريرات عندما انظر إليهم وإلى اصرارهم، وهمتهم العالية، أشعر أنهم تمكنوا من تجاوزنا الى حد بعيد، قفزوا فوق المراحل، وهم بحق فعلوا ذلك.   الحملات التي نبصرها، والتي يجتمع عشرات وربما مئات الشباب من أجل اقامتها وانجاحها، هي تعبير حي، حقيقي، صادم، لإرادة لا تقبل الموت في بلد يحتضر فيه كل شيء، وهو الأمر الذي تحسدهم عليه مؤسسات لديها ميزانيات هائلة بامكانها أن تجعل من أنشطتهم صفرا على اليسار، لكنها لا تمتلك إرادة الفعل، وإرادة تحقيق الهدف، خير مثال على هذه الأنشطة حملة (أنا عراقي.. أنا أقرأ)، وحملات (داري)، وحملة (غوث)، و(دفيني)، وحملات أخرى كثيرة حفرت نجاحها حفراً في ذاكرة الوجع العراقي اليومي.   كنا لا نستطيع ايجاد حياة حقيقية، تليق بنا، فهناك من يستطيع خلق هذه الحياة، إنهم هؤلاء الشباب الصغار الذين يستحقون أكثر من هذه الساعات التي ينعمون بها بإنسانيتهم التي تقارع شتى أشكال التحديات والموت المجاني اليومي.. مرحى لنا جميعا بهم.. لأنهم فعلوها.. لأنهم صنعوا الحياة.  

مقالات أخرى للكاتب