رأي

ترجمة داعش

ترجمة داعش

زاهر موسى

ها نحن نفشل في ايصال صرخاتنا على الأقل، موتنا يفشل في إعلان عزائه بشكل يليق بنا، بقعة الضوء التي تحيطنا لم تكن عادلة في النهاية بل انها تتضاءل، لماذا لم نستطع ايضاح الحقيقة التي كسرت معاولها جماجمنا؟ نحن الذين استنزفت حروب الآخرين أكفنا لم نمنح حرب وجودنا ما يكفي من الأصابع التي تشير. نشهد ارتيابا مخيفا يخيط الوجوه رغم أن ملامحها على خط النار. سابقا كان الحديث عن القيد يثقل الحوار بالصرير، وكانت السلطة تقمع وجعنا في سياق ما تقمع من احتجاجات ورؤوس وأفكار، ولكن ما عذرنا اليوم ونحن نهتف لكل شيء إلا دمنا المسفوك. كم واحد منا عبر بسطره الى لغة أخرى ليوصل طعم الماء الذي تسبح فيه الجثث دون روؤس؟ كم واحد منا أراق من قلمه دمعة يعلم أنها ستتبدد من عينه دون فائدة؟ هل صرخنا أبعد من صورة جثثنا الخرساء؟ هل تحدثنا مع الآخر عن سماء تتجعد فوق أعوامنا السريعة؟ هل مددنا ألسنة نحو شاشات بعيدة وعلى أطرافها لغة دكناء لا تشبه غير الدم؟   لا واعية أكثر غيابا من شبابنا ممن يخنقهم العلم وهم في طريقهم لهويتهم الرمادية. نحن نقتل والعالم يفكر بنا كخصم يواجه ظله الملون رغم أن الحقيقة غير هذا. نكتب رأيا سياسيا وآخر عن الحب والزمن وكأننا نطير فوق القبور. هويتنا على محك من نار، ورغم ذلك يرتاب من يرتاب خائفا من تشتيت وطنيته التي بدأ في خياطتها منذ عقود ونقضها مرارا وكأنه بنلوب ولكن مع يولسيس يستخدم البحر عظامه كناي، كاتب كلما قادته حرارة الوجد في صدره الى البكاء بالحروف ارتعشت سلامياته البالية لانه يخشى ان تتفتق الهوية رغم أن انفاسه تذروها، هل اعتدنا أن نُقتل؟ هل يصعب وصل الفجيعة بأختها عبر الجدران؟ هل يستحيل تكويم الأسماء الذابلة بسبب النسيان السريع وعرضها كإحصائية أو نافذة على الخراب؟ عمّا تبحث الكاميرا؟ هل تسجل جسدا لقاتل كنصر متباعد وتترك هزائم متراصة؟   لما نعتب على الآخر القريب أو البعيد وهو لم يرنا عراة أمام جراحنا؟ لم يسمع صدى شظايانا في مراياه؟ لم نكتب فجيعتنا فلماذا نطالب الآخر بتدوين جرح نتركه على الرف؟   مرّت السنوات والحديث في الحل أو المشكلة يغيّب الضحايا، ودليل من له الحق يجف في انتظار نهاية الكذب وعقائد التخوين او ملاذات الجبناء المتوسعة. لمن سنطالب بالسلام ونحن ندفنه مع الجثث ونمنح للأكفان غلظة قلوبنا كدعم؟ لن يستمع أحد ما لنا ما دمنا لا نخزه في قلبه.  

مقالات أخرى للكاتب