رأي

الدانمارك أحلام الماضي وطموح المستقبل

الدانمارك أحلام الماضي وطموح المستقبل

جمال الخرسان

بتقديمها للأمم المتحدة يوم 15 / 12 / 2014 تقريرا يدعي ملكيتها لـ900 الف كيلو متر مربع من القطب الشمالي بعد حدود المياه الإقليمية لمنطقة غرينلاند التابعة لها فان الدانمارك تكون اول دولة تدعي علنا ملكيتها لأغلب مساحة القطب الشمالي بعد مرور عشر سنوات على توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.   في السنوات الاخيرة تصاعد الاهتمام بالقطب الشمالي بشكل ملحوظ نظرا للاكتشافات النفطية والغازية الكبيرة في تلك المنطقة، حيث تقدّر الثروة النفطية بحوالي تسعين مليار برميل، أما الثروة الغازية فتقدر بحوالي خمسين مليار متر مكعب، وهو ما يوازي ثلث حجم الاحتياط العالمي، بالإضافة الى زيادة استخدام الممرات الملاحية، خصوصا في فصل الصيف، لذلك اخذ الاهتمام الدولي يتزايد بشكل ملحوظ في منطقة القطب الشمالي.   تلك الموارد الضخمة دفعت بلدان اخرى واقعة في الدائرة القطبية لخوض سباق محموم من اجل الظفر بأكبر كمية ممكنة من المساحة القطبية، الولايات المتحدة الاميركية، وروسيا، وكندا، والنروج والدانمارك يبذلون الكثير من الاموال من اجل انضاج بحوث علمية تثبت امتدادات عميقة لجرف كل من تلك البلدان باتجاه القطب الشمالي.   ذكريات الماضي تراود الساسة الدنماركيين كثيرا، والطموح بتوفير الطاقة والثروة للأجيال القادمة يدفعهم لمزيد من الامتداد باتجاه الشمال. للدانمارك تاريخ عسكري واستعماري كبير، وموقع الدانمارك الاستراتيجي في عنق البلطيق جعل منها دولة مهمة. قبل حفر قناة "كيل" الالمانية في القرن الثامن عشر كانت الدانمارك المتحكم الأساسي ببحر البلطيق. وفترة نشاط الفايكينغ بين التاسع وحتى القرن الثاني عشر للميلاد تمثل سيطرة للدنمارك على تلك المنطقة، وبعد تلك الفترة وابتداء من القرن الرابع عشر بدأت مرحلة توسعية جديدة للدانمارك إذ  حكمت اجزاء كبيرة في شمال اوروبا.   أشهر وأكبر الممالك الاسكندنافية تشكلت باقتراح من ملكة الدانمارك الشهيرة مارغاريتا الأولى "Margareeta I" حيث شكل اتحاد كالمار "Kalmarunionen" في حزيران عام 1397 وكان تحت حكم الملكة مارغاريتا الأولى، وضم ذلك الاتحاد الدانمارك، والسويد، والنروج، إضافة بالطبع إلى الجزر والدوقيات.   بعيدا عن ذلك الاتحاد الشهير، أيضا، خاضت الدانمارك طيلة الألفية الثانية للميلاد سلسلة من الحروب مع مختلف بلدان المنطقة من أجل بسط نفوذها وسيطرتها على اجزاء من المانيا وبولندا، حيث توسعت حتى احتلت اجزاء من انجلترا وخاضت حروبا من اجل السيطرة على لندن.   ذلك العنفوان الدانماركي القديم يدفعها للبحث عن مجد جديد، وبعد خسارتها لمنابع النفط في بحر الشمال لصالح النروج في الستينات من القرن الماضي، لذلك فإن الدانمارك لا تفرط بثروة القطب الشمالي الهائلة، نعم هي تملك أكبر جزيرة في العالم "جزيرة غريلاند" القطبية، لكنها تريد رفع سقف المطالب من أجل الحصول على قدر كبير من الكعكة، خصوصا وأن تلك المنطقة تشهد سباقا كبيرا بين بلدان الدائرة القطبية.  

مقالات أخرى للكاتب