رأي

سوريا عراقيا

سوريا عراقيا

زاهر موسى

يبدو موقف العراقيين تجاه النظام السوري الحاكم اليوم ضبابيا الى حد ما. أغلب الادانات خافتة الصوت، وربما ادانة المعارضة السورية بكل صنوفها وأسمائها، خارج الشام وداخلها، أسهل للسان البلاغي تحت افتراضات ان لا بديل للأسد غير الطائفيين الاسلامويين التكفيريين، غير ان على المحك قضية لا تحلّ عقدها ببساطة. مجمل الحقائق التي أدانت نظام صدام حسين تتصدرها قضية ان أقلية (بعثية او سنية او تكريتية) حكمت الأغلبية العراقية من واقع كونها مصدر صناعة القرار والأكثر إثراء والأقسى قمعا على بقية المكونات التي تشكل الأغلبية المسحوقة، وهذه الحقيقة هي الشعار الذي أسقط النظام عام 2003 في حال لم نتفق على بقية الأسباب.   الأمر في سوريا مشابه لما عشناه في العراق قديما وحديثا، وفي حال كان قرارنا ان ندين صدام ونظامه لأنه تفرد بالسلطة دكتاتوريا وحكم البلد بالقمع، فعلينا أن ندين عائلة الأسد بالحجة ذاتها إذا ما احتكمنا للضمير. ما من نظام جمهوري ورّث الحكم أبا لابن في العالم غير نظام البعث في سوريا، ومما يدعم فكرة ادانة النظام السوري عراقيا ان المشتركات الفكرية بين نظام صدام ونظام الأسد واحدة، ومن مصدر مشترك كان يقرب الدكتاتورين دائما. مثلا يُشار دائما الى ان فكرة الحملة الإيمانية الصدامية كانت بتوجيه من رجل مخابرات سوري يُطرح على انه رجل دين اسمه عدّاب الحنش وقد أصبح مستشارا لصدام في مرحلة ما، دعم الارهاب على انه مقاومة، وكان من ثوابت النظام السوري منذ 2003 حتى ان الإعلام السوري لم ينقطع عن استخدام مصطلح المقاومة العراقية يوما واحدا حتى في أحلك أيام العراق تفجيرا وموتا ودمارا. كان قادة الفصائل المسلحة المتمردة على التغيير في بغداد تلتقي في دمشق، وكان أيمن السبع الجنابي أمير الجيش الإسلامي يدير اجتماعات تمهيدا لإدارة المناطق السنية عام 2003 بحضور كبار قادة الفصائل. وصل الأمر الى تدريب المقاتلين وتجهيزهم بالمواد المتفجرة، وتحديد بؤر آمنة على الحدود لهم لتأمين عبورهم الى العراق.   أعتقد ان ما من أحد سيقتنع بحجج العراقيين الصادقة بعد اليوم ما داموا لا يدينون المآسي التي تشبه مآسيهم. لقد ذهبت محاولات بعض الشخصيات المعارضة لصدام في اقناع الرأي العالمي بمظلومية الشعب العراقي تحت سرفة نظام صدام سدى منذ شاهد العالم العراقي الذي قتل بعث صدام أبيه وأخيه يقاتل دفاعا عن بعث الأسد. أي موضوعية ننتظر من العالم ونحن نخالف أبسط قواعد الاعتدال؟!  

مقالات أخرى للكاتب