أعمدة رئيسية
الدولة العراقية بعد التغيير والاحتلال ومن ثم الانسحاب الامريكي تسلم السلطة فيها أهل البلد لبناء دولة حديثة ديمقراطية ودولة مؤسسات كان من المقرر أن يديرها أناس مهنيون وجدوا على أساس الكفاءة والخبرة يختارون بطرق تنافسية صحيحة تستند على التحصيل العلمي والثقافة وحب الوطن والتضحية في سبيله. ولكن الذي حصل عكس ذلك تماما حيث بنيت الإدارات على أسس طائفية لا دخل للكفاءة فيها، وإنما أختير معظم المسؤولين على وفق معادلات الحزبية والمحسوبية والمنسوبية و(شيلني وشيلك) حسب المثل العامي الدارج، والنتيجة (تتحجم وتنحسر الطاقات والكفاءات السياسية والإدارية في المكان غير المناسب بسبب سيطرة الطائفة الفلانية على المناصب الحساسة في الدولة والمجتمع، وهذا الاستحواذ يولد الفساد)، والكلام بين القوسين مأخوذ من مقال للكاتب ناجي الغزي منشور في شبابيك في 4/1/2009، ولهذا أصيبت الحياة الاجتماعية بالشلل وتردت الحالة الاقتصادية، فانتشر الفساد الإداري والمالي واستفحل، خاصة خلال السنوات الثمان من حكم السيد المالكي الذي رفض محاسبة أي من صقوره ومسؤوليه الذين عاثوا في الأرض فسادا، لا بل أصبحت دوائر الدولة دكاكين يسترزقون من كل خطوة فيها، ومن كل مشروع يقام، ووضع السيد مدير مكتبه (ط) طمغة السيد المالكي في جيبه، وكلما سمع أن هناك إحالة من النزاهة الى المحاكم ضد أحد الصقور يقوم السيد مدير المكتب بكتابة كتاب للمحكمة المختصة بعدم موافقة رئيس الوزراء على الاحالة، وبطمغة السيد نوري الماكي. وانتشرت هذه العدوى الى بقية المسؤولين في الوزارات، فنرى مفتش وزارة الصحة السابق عادل محسن المتهم بعشرات قضايا الفساد يطلب غلق قضايا سرقة الأدوية والأجهزة الطبية وغيرها كون لجنته التحقيقية قررت التوبيخ وليس الاحالة على المحكمة. بربكم الأعلى ألم يكن عادل محسن من الفضائيين، إضافة الى كونه من كبار الفاسدين حسب شهادة أعضاء من مجلس النواب، وأكثر من مسؤول كبير في وزارة الصحة.
ومن الصقور الفضائيين في حكومة السيد المالكي (ع.ط) الذي رشح مفتشا لوزارة الداخلية، على الرغم من وجود مفتش عام فيها السيد (ح.س)، وبالرغم من أن المفتش السابق السيد نوري النوري الذي كان لا يزال على عهدة وزارة الداخلية، بسبب اقامته دعوى أمام المحاكم طالب فيها اعادته للعمل كمفتش عام واعتراضه على قرار اعفائه، وجاء قرار المحكمة لصالحه، وعلى ذلك أصبح لوزارة الداخلية ثلاثة مفتشين عامين في نفس الوقت؛ (ع.ط) الذي عين أخيرا، و(ح.س) الذي كان مفتشا مستمرا بالخدمة، ونوري النوري الذي أعيد للخدمة بقرار المحكمة. ألم يكن هؤلاء من الفضائيين؟ خاصة وأن السيد (ع.ط) الذي استمر مفتشا عاما للداخلية لم يقم بعمل يذكر في الوزارة، لا بل اتهم بأنه مشارك في عملية الموافقة على استيراد الأجهزة الكاشفة للمتفجرات، والتي بسبب وجودها قتل مئات الألوف من العراقيين. وتقديرا لعمله هذا تمت ترقيته لإدارة إحدى المحافظات المهمة والحساسة.
ومن الصقور أيضا في الأوقاف السيد حسين بركة الشامي الذي قام بتأسيس شركة الأقمار الخمسة، وقام بصرف الأموال عليها قبل حصوله على أية موافقات رسمية أو دينية، ولما لم تحصل الموافقة لم تتم مساءلته عن الأموال المصروفة. أضف إلى ذلك تأسيسه لهيئة الشهيد العراقي التي أيضا لم تتم الموافقة عليها من أية جهة رسمية او دينية، ولم تتم المساءلة على مصروفاتها. والحدث الأكبر والأهم استحواذ السيد حسين الشامي على ما كانت تسمى جامعة البكر في العهد البائد، والتي تقدر مساحتها بعشرات الدونمات، وتقع في أجمل منطقة بقلب بغداد، وبثمن بخس، ولما قامت هيئة النزاهة بمتابعة هذه القضايا اتهمت بالزندقة والكفر، وأغلقت بقرار العفو العام كل هذه القضايا.