أعمدة رئيسية

السعودية.. الموضوعية ردّاً

السعودية.. الموضوعية ردّاً

زاهر موسى

سيعترض البعض على وصف الأمر بالصدمة، يقولون: ما الجديد في تأليه الحاكم والتطبيل له؟ ولكن الأمر مختلف بشكل كبير هذه المرة، ان رثاء الراحل يمكن قبوله تحت مسميات شتى، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود من الشخصيات التي أثرت في شكل حياتنا خلال العقدين الماضيين بالسلب أو الايجاب، ولذا فقبول رثائه من "شعبه" أمر منطقي والاعتراض عليه حماقة، المشكلة في مديح القادم بالمقالات باذخة البلاغة وصائتة الجزالة، سلمان بن عبد العزيز آل سعود الملك الحالي للرمل الممزوج بالنفط والتاريخ رجل مصاب بالزهايمر ورغم ذلك فقد تحول على يد (سمير عطا الله)، و(مأمون فندي)، و(غسان شربل)، و(جهاد الخازن) الى شخصية غاندوية تمتلك الدهاء والفطنة والألمعية وكل ما يمكن رصفه من هذه الصفات التي لن تجتمع في سلمان أو غيره. هل يتوقع أحد ما ان مؤسسة مثل الحياة ستتخلى عن جهاد الخازن لأنه لم يمتدح ملكا ذا يومين بما ليس فيه؟   يكتب ديفيد هيرست الصحفي العريق عن الشخص نفسه قائلا: يبلغ سلمان من العمر 79 عاماً ومعروف أنه مصاب بمرض ألزهايمر، ويمكن أن ينسى ما قاله قبل دقائق أو ينسى وجوه من كان يعرفهم معظم حياته، ويشهد بذلك بعض معارفه. وما كتبه هيرست هنا هو الموضوعية التي تليق بنزاهته رغم أن الرجل يتجول في الدول العربية منذ سنوات ويستقر بين الحين والآخر في بيروت، وهو بهذا مهدد بشكل كبير، على العكس من كتّاب صحيفة الحياة أو الشرق الأوسط ممن يسكنون لندن ويحملون الجنسية البريطانية، ولا يشكل التهديد بالموت لهم قلقا مع توفر الملجأ القوي المتمثل بالدولة، وربما كان قلقهم المزمن هو مدى استمرارية ضخ السعودية المال لابقائهم أكبر قدر ممكن من الوقت في مدينة لا تعترف إلا بمن يعمل جاهدا.   لا يتصور أحد أنني أطالب هنا بالتصادم الفكري والأيديولوجي بين الصحفي النزيه والمؤسسة التي تجبره على الكذب، الأمر أهون من هذا بكثير، الحقيقة أن كل صحفي يمتلك القدرة على التملص والتهرب من مواعيد الكذب الكبرى، وبطريقة ما يمكنه تجنيب نفسه هكذا مهزلة. يقول جهاد الخازن: إن الأمير سلمان لو لم يولد في بيت حكم لكان صحافياً، أو صاحب دار نشر، وأنا أقول يا أستاذ جهاد لو أنك ولدت في العصر العباسي لكنت أفضل من يؤبن أباطرة الدم ويمدحهم.  

مقالات أخرى للكاتب