رأي
أجدني معجبا جدا بهذه النجمة الهوليودية انجلينا جولي، لا لما تؤديه من أدوار فنية في السينما العالمية وما حصلت عليه من جوائز شهيرة (حازت على 24 جائزة سينمائية بينها جائزة الأوسكار وثلاث من جوائز الكرات الذهبية)، بل ذلك الاعجاب نابع أساسا من الدور الإنساني الرفيع الذي تضطلع به في مختلف النقاط الجغرافية الساخنة والمحرومة من العالم باعتبارها سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة في وكالة شؤون اللاجئين منذ عام 2001.
جولي زارت مخيمات النازحين في لبنان، والصومال، وكينيا، ولأكثر من مرة زارت النازحين في أفغانستان، وكان لها أربع زيارات لباكستان، كما زارت دارفور، وسلفادور، وتنزانيا، وسيراليون.. ومخيم شوشة بين تونس وليبيا، ومخيمات اللاجئين السوريين في تركيا. وفي فترات سابقة فإن نجملة هوليود الشهيرة جدا زارت بغداد للمرة الأولى في 28/8/2007 وأعقبتها بزيارة ثانية يوم 7/2/2008، ثم ثالثة في 23/7/2009، وزيارات أخرى تفقدية لمخيمات المهجرين والنازحين آخرها الزيارة التي قامت بها قبل أيام لمخيمات النازحين على مشارف إقليم كردستان.
شرقا او غربا جنوبا او شمالا حيثما ذهبت جولي الى وجهة لم تبخل بما تملك من مال ومساعدات، وقد أنفقت حتى الآن أكثر من 20 مليون دولار على الأعمال الخيرية كل ذلك طبعا من جيبها الخاص، إذ تخصص ثلث دخلها من أفلامها السينمائية للأعمال الإنسانية، لا بل تصر جولي على صرف حتى نفقات تحركاتها في إطار مهمتها الإنسانية أيضا من جيبها الخاص.
جولي تركت وراءها إرثا من النجومية والحياة المرفهة، وقدمت الى العراق وغيره من بلدان العالم حتى ترفع شيئا من المعاناة عن الشريحة المحرومة والمنسية. إنها لم تأبه برصاصة طائشة او عبوة ناسفة زرعت على الطريق او ربما حتى سقوط للطائرة التي تقلها نتيجة لسوء الأحوال الجوية! من حيث تشعر او لا تشعر وبصمت بليغ جدا توزع جولي رسائل محرجة لمختلف الأطراف، سواء لأولئك المحسوبين على النوايا الحسنة من أبناء جلدتنا على الأقل، وكذلك لغيرهم ممن حمل هذا الشرف، ثم للعديد من الجهات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان ولكنها بقيت تمارس دور المتفرج فقط.
استندت جولي بنشاط اللغة العربية فوشمت جسدها بكملة "العزيمة" بحروف عربية، وربما دفعتها تلك المفردة لهذا النشاط الإنساني المفعم الذي تجاوز كمّا هائلا من أسماء عربية حملت لقب سفير النوايا الحسنة لكنها تكاسلت عن أداء تلك المهمة.
لقد حضرت جوليا الى حيث الحرمان، وربما ذلك الالتزام أجبرها أن تعتذر عن عروض لا تحصى من الأعمال السينمائية او تصوير الاعلانات بأجور خيالية، كل ذلك من أجل أداء الاستحقاق الشرفي الذي يتطلبه المنصب الفخري كسفيرة للنوايا الحسنة، فيما يترك العديد من السياسيين، في مختلف المناطق الساخنة التي زارتها جولي، وراءهم كما هائلا من الاستحقاقات المفصلية الملحّة لبلدانهم، ويذهبون الى حيث لا يعلم إلا الله والراسخون في الكواليس!
شكرا جولي على هذا الحس الإنساني الرفيع الذي يستهويه كثيرا زرع ابتسامة بريئة على وجه طفل أخافته أصوات المدافع والطائرات، وأبعده الحرمان عن قضاء أوقات متعته بين ظلال الأشجار. شكرا على تلك (العزيمة) يا جولي.