أعمدة رئيسية

دور الضرائب في تحمل التكاليف والأعباء العامة

دور الضرائب في تحمل التكاليف والأعباء العامة

راضي الراضي

تحدثنا في العمود السابق عن الفضائيين الحقيقيين في الدولة العراقية  وهدر المال العام، ومن ثم عن ضرورة استثمار أموال الأوقاف والقاصرين لحل الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلد كعوامل مساعدة لنمو الاقتصاد العراقي بعد التخطيط لتنمية بشرية صناعية زراعية وإعادة بناء القطاع الخاص والتعاوني من اجل تخليص الاقتصاد العراقي من الاعتماد على المورد الوحيد - الصادرات النفطية.   واليوم نتحدث عن دور الضرائب في تحمل التكاليف والأعباء العامة لا بشكل أكاديمي وإنما من الناحية العملية. قيل إن الضريبة هي فريضة نقدية يدفعها الفرد جبرا الى الدولة او احد هيئاتها العامة المحلية بصفة نهائية  مساهمة منه (الفرد) في تحمل التكاليف والأعباء العامة دون ان يكون له نفع خاص مقابل دفعه للضريبة - مأخوذ من المجموعة الاستشارية للمحاسبة والمراجعة أ/ ياسر عبد المجيد.   مع العلم ان عبارة دون ان يكون له نفع خاص الواردة في التعريف أعلاه هي عبارة كلاسيكية بعيدة عن الواقع، وذلك عندما يدفع الفرد الضريبة للمساهمة في إقامة شارع او مجرى للمياه الثقيلة ومياه الأمطار سيستفيد المواطن مباشرة من إقامة هذا الشارع ويتخلص هو وأولاده وبقية أفراد عائلته من الأمراض التي ستصيبهم جراء تجمع المياه الثقيلة في شارعهم وأمام دارهم، وحتى عبارة يدفعها الفرد جبرا فيها نقاش، فحالة الجبرية هنا تجاوزها الأفراد وأـصبحوا في حالة الرضا لدفع الضريبة ما دامت ستسهم في حل صعوبات الحياة اليومية. وحالة الرضا للفرد العراقي في دفع الضريبة جاءت وتجيء من معرفته أهداف هذه الضريبة، ومن ثقته بالسلطة التي ستتحكم بأموال الضرائب، فإذا كانت هذه الثقة مزعزعة او ضعيفة فمن المؤكد أنه سيتمرد ويتهرب عن دفعها، وهذا ما حدث ويحدث في العراق وفي بلداننا العربية والإسلامية حيث فقدت شعوب هذه الدول الثقة بالحكومات ما دفع الناس الى عدم الرضا عند أخذ الحكومات الضرائب، وبالتالي عندما تخيم حكومة ذات طابع ديني على الحكم فإنها تسلط الضوء على عنصر عدم رضا الفرد في دفع الضريبة، فتدرجها في سلم المحرمات استنادا لعدم الرضا الذي خلقته هي، أي الحكومة، بالرغم من أن الإسلام قد مارس هذه الضرائب بتسميات مختلفة كالزكاة التي تعتبر أول ضريبة فرضت على المسلمين مع أشكال أخرى من الضرائب كالخراج الذي يفرض على الأراضي الزراعية وليس الأشخاص والجزية التي تؤخذ جبرا من غير المسلمين على الرغم من كونهم من رعايا الدولة الإسلامية. على أن لا ننسى ان عملية جباية الضرائب تتصف بمعيارين أولهما العدل لأنها تؤخذ من جميع الذين لهم مورد مادي، أما المعيار الثاني فهو مبدأ التكافل الاجتماعي. وبالرغم من ذلك تدرج من بين المحرمات ولا تلتفت الحكومة العراقية مثلا، ولا ساسة العراق، الى تطوير هذا الجانب المهم من الإيرادات، ولا نعرف السبب الحقيقي وراء ذلك. وهناك من يجد السبب في التزمت او التطرف الديني، وآخرون يرون السبب هو حماية أنفسهم من ان تطالهم الضرائب كون معظمهم يمارسون العمل التجاري إضافة لعملهم الوظيفي! وهنا يستوجب علينا طرح السؤال الآتي للقابضين على السلطة - حكام اليوم - والسؤال هو:   معظم الساسة العراقيين كانوا مهاجرين ويقطنون عواصم ومدنا غربية مثل لندن باريس واستوكهولم وواشنطن وغيرها، ونتيجة حياتهم اليومية كانوا يتبضعون المواد الغذائية والملابس والأثاث، وبعضهم تملك العقارات، وفي كل هذه الحالات كانوا يدفعون الضرائب. عجبا هل كان دفع الضرائب في تلك المدن حلالا وفي العراق حراما؟!   اتقوا الله يا ساسة العراق، فقد أسهمتم في بناء مدن الغرب وامتنعتم في بلدكم! الى متى سيبقى البؤس يغطي مدن العراق؟ والى متى يبقى العراقيون يستنشقون الهواء المغمس بالتراب صيفا؟! وتغرق بيوتهم بمياه المجاري القذرة والأمطار شتاء؟!!  

مقالات أخرى للكاتب