رأي
بين ركام الحرب وضجيجها العارم من النادر أن يلفت نظرك في العراق خبر سار بعيدا عن لغة السلاح. وسط الفشل الإداري والخدمي الذي يضرب الدولة العراقية من أقصاها إلى أقصاها نبتهج كثيرا حينما نتلمس منجزا ولو متواضعا في أي من المدن العراقية.
من ميسان هذه المرة نقلت وسائل الإعلام خبرا سارا عن افتتاح المرحلة الأولى من مدينة ميسان الترفيهية وسط مركز المدينة، خصوصا وأن ميسان تعاني كثيرا من قلة الخيارات الترفيهية للعوائل. نعم المشروع لم يكتمل تماما بعد، ولكن الوصول إلى هذه النقطة وسط هذه الظروف الصعبة خطوة إيجابية تستحق الاهتمام.
لا ينبغي أن تنسينا الحرب ضد (داعش) منغصات الملف الخدمي في عموم المدن العراقية الآمنة، وكذلك ضرورة الاهتمام بالجانب الترفيهي. يفترض أن تكون هذه الحرب المفروضة علينا منطلقا لزرع الابتسامة على محيا الأطفال. لا ينبغي أن تتجمد الحياة بسبب ما يحصل في وسط وغرب العراق. إنها حرب جاءت لاستنزاف العراق بالدرجة الأولى، وتوقف الحياة يعني انتصار (داعش) ومن يحركهم.
العمل الجاد والاهتمام بالمواطن هو الرد الأبلغ على كل ما يحصل. لا يمكن أن تختزل تلك التضحيات الجبارة التي يقدمها خيرة شباب العراق فقط من أجل حصد المزيد من أشلاء الدواعش، بل يفترض أن ترافقها ابتسامة على محيا الأطفال وهذه الابتسامة لا توفرها فوهات البنادق فقط.
تضحيات المقاتلين مثمرة وناجحة حينما يتحمل الجميع مسؤولياته في مختلف الأصعدة تجاه الجميع، وحينما يأخذ كل منا دوره. ابتسامة على محيا البراءة العراقية في أي من مدننا الآمنة دافع معنوي لا يضاهى بالنسبة للمقاتل العراقي في الصفوف الأمامية ضد (داعش).. تشعره أن ثمار جهوده أينعت ولم تذهب أدراج الرياح. الأخبار السارة لا تأتي فقط من ميادين المعارك، بل أيضا يمكن أن تكون في الجبهات الخلفية.
من هنا على الجميع أن يتحمل مسؤولياته ويخفف ولو قليلا من طموحه الجامح في تحقيق سقف مرتفع من المصالح الشخصية والفئوية. هنيهة يا سادتي فالأمور لا تتحمل التهاون والتقصير. كفى جشعا وجمعا للأموال والمخصصات. اعملوا من أجل أبناء جلدتكم وكونوا بشرا يا أصحاب القرار على الأقل في هذه الظروف الصعبة والقاسية جدا.
[email protected]