بمجرد إعلان الجيش السوري أمس الخميس، سيطرته الكاملة على مدينة حلب، تحولت شوارع عدة إلى ساحات احتفال، حيث اختلطت الهتافات المؤيدة للحكومة السورية بأبواق السيارات التي جابت الأحياء ابتهاجا.
ونزل الآلاف من السوريين مساء الى الشوارع الرئيسية في الاحياء الغربية التي بقيت تحت سيطرة الجيش السوري منذ انقسام المدينة في العام 2012.
أما في الجهة المقابلة، فكانت الأحياء الشرقية التي سيطر عليها الجيش مؤخرا شبه خالية بعدما غادرها عشرات الآلاف من سكانها هربا من المعارك منذ منتصف الشهر الماضي، كما أجلي آلاف آخرون في الأسبوع الأخير.
ويقول عمر حلي، أحد المحتفلين في منطقة دوار الموغامبو لوكالة فرانس برس “فرحتنا كبيرة جدا”، مضيفا “لا نحسب السنوات الخمس التي كان الإرهابيون فيها هنا من حياتنا، الآن عادت حلب”.
ويعرب المحامي الثلاثيني عن أمله في أن تفتح استعادة حلب الطريق أمام “تحقيق النصر في كل سوريا”.
وبث التلفزيون السوري مساء الخميس مشاهد لاحتفالات في مدنتي اللاذقية وحمص أيضا، بعيد إعلان الجيش السوري استعادته كامل مدينة حلب، ثاني أهم المدن السورية، في انتصار يعد الاكبر للنظام على فصائل المعارضة منذ اندلاع النزاع في العام 2011.
ويأتي هذا الإعلان عقب انتهاء عملية إجلاء عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين من آخر جيب في المدينة كانت تسيطر عليه الفصائل المعارضة، التي رأت في ما حصل “خسارة كبيرة”.
ورفع المحتفلون في الشوارع الأعلام السورية والروسية وصورا للرئيس بشار الأسد، وأطلق البعض الرصاص في الهواء ابتهاجا.
وكان للاطفال نصيب من الفرح، فمنهم من أخرج رأسه من السيارات ملوحا بالأعلام، وآخرون لونوا وجوههم بألوان العلم السوري.
وفي منطقة دوار البرلمان في غرب حلب، كان أسعد (26 عاما) يحتفل أيضا بقرب موعد عودته الى منزله في المدينة القديمة مع انتهاء المعارك.
ويقول اسعد “تعهدت أمي ألا تزوجني إلا في بيتنا في المدينة القديمة، وان شاء الله سأعود إلى منزلنا وأبني طابقا جديدا فوقه واتزوج فيه”.
مشاعر لا توصف
غيرت المعارك التي شهدتها حلب منذ العام 2012 معالم المدينة الأثرية القديمة المدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، والمعروفة بقلعتها التاريخية وبواباتها القديمة وأسواقها وخاناتها التي كانت وجهة رئيسية للسياح من كل أنحاء العالم.
وفي منطقة الموغامبو، يؤكد الشاب الثلاثيني علي عكام أن “حلب ستعود اقوى”، معربا عن فرحته لتمكنه قريبا من العودة ليفتح أبواب متجره في المدينة القديمة.
ويقول “كنت تاجر قماش في المدينة، والآن أريد العودة الى متجري بعدما عملت في الاغاثة طوال سنوات الحرب”.
حول علي، علت الهتافات المؤيدة للرئيس السوري والجيش وبينها “هاي هاي هاي حلب”، و”الله محيي الجيش السوري” و”بالروح بالدم نفديكي سوريا” و”الله سوريا بشار وبس″.
وصدحت أيضا أصوات الأغاني الوطنية التي رقص المحتفلون على أنغامها، والتقطوا الصور التذكارية عبر هواتفهم الخلوية، ومنهم رنا السالم (29 عاما).
وتقول الشابة بمعطفها الأحمر والكحل الذي زين عينيها “ما أن أعلن الانتصار على المسلحين حتى نزل أهالي حلب إلى الشوارع. نزلوا ليعيشوا لحظات ينتظرونها منذ خمس سنوات، نزلوا ليعبروا عن فرحتهم”.
وتحدثت الشابة عن معاناة أهل حلب طوال سنوات المعارك، قائلة إنه “لم يبق احد لم ينزح من منزله (…) لكنني مصرة على أن اكمل طريق الحياة”.
وردا على سؤال عن شعورها بما يجري حولها، تجيب وعيناها مغرورقتان بالدموع “بعد خمس سنوات تعجز أن تصف مشاعرك”.