صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أحاورني لأجسد وهمك: كوثر جبارة

الفيس بوك صار موطنا افتراضيا للقاء الأشخاص سواء كانوا يعرفون بعضهم أم لا.. غير أنَّ المفترض أن يكون لكل واحد منهم وجودٌ واقعيٌ.. وإنْ بمعلوماتٍ وهمية.. لكن هل يمكن تخيل انتقال إحدى الشخصيات الروائية من صفحة من صفحات روايةٍ ما إلى صفحة فيس بوك، تتواصل، وتنشر (بوستات) وتوضع (لايكات) تراها صدفة وأنت تعبث أو تتجسس على صفحة أحدهم قد لا تهتم به أو قد اهتممتَ!!.. كيف ترى هذه الشخصية ولا يثيرك فضولك في أن تدخل إلى ملفها الشخصي لتبحث عن أية نقطة تلاق أو تشابه بينها وبين ما بقي في ذاكرتك عن تلك الأخرى الروائية.. أُدقق في التفصيلات، لا تَشابُه… أبحثُ عن الرواية لا أجدها… أتذكر أني أعرتها لأحد أساتذتي… تتصاعد الأنفاس.. وسريعاً إلى الهاتف النقال الذي أتناساه دائما في جيب معطفي، مع أن غيري لايفارقه أبداً: “عذرا رقم الهاتف المطــ…..” آه تذكرت إنه مسافر.. أعود مجدداً إلى (البروفايل) حقا هو أمر محير.. الاسم نفسه.. العمر، كما أرى، قريب من عمر الشخصية تلك.. الصلع الذي ذكره الروائي أمامي نفسه.. لو كانت الرواية خيالية تماما لما حركت كل تلك الحيرة والتساؤلات.. لكن أن تقرأ رواية بين الواقع والخيال وتعيشها وتعيش معها لأيااام طواااال وأنت لا تدرك أين يتوقف الخيالي ليستمر الحقيقي ثم تجد يوماً ما إحدى شخصياتها، وأنت لا تعي أهي حقيقة أم واقع؟!! أهي نفسها التي كانت تتعرى على إحدى المنصات في معهد الفنون الجميلة الذي يصفه الروائي في تلك الرواية… أهو نفسه الذي يتفرج على ما رسمه له الطلبة ليتهكم على ذاك ويمازح تلك بسؤالها عن ما إذا كانت ستوافق هي على عريس يتقدم لها وهو كما رسمته!!

 

أُرسِل له طلبا للإضافة، فأصبح صديقا افتراضيا له في عالم فيسبوكي لا تدرك فيه الحقيقي من الخيالي.. كما لم تدركه مسبقا في النص الروائي.. أهي رغبة في أن أكون صديقا له هو بالذات أم أني أوهم نفسي بأني سأدخل عالم النص الروائي من بوابة ذلك الاسم؟؟.

 

يوافق على طلب الصداقة… أسارع إلى صوره التي كانت محجوبة مسبقا عن (الغرباء) أو غير الأصدقاء.. لأحاول رؤية ملمح للتشابه، ملمح صرت أعرفه جيدا لكثرة ما أعدت قراءته شخصيةً في تلك الصفحات… وأخيراً…ها قد وجدتها… صورة له وهو شاب بالأبيض والأسود.. نعم هي من ستعطيني الجواب الذي أبحث عنه.. نعم أيها العم صورتك تلك تشبه ما كنت أرى عند أبي من صور قديمة بدأت بالاصفرار لأنه لايؤمن مثلك بالتقانات الإلكترونية فتركها حبيسة (ألبوماتها النايلونية) قديمة الطراز، وأنت أخرجت ذكرياتك إلى العالم بأبهى حلة ليروها على صفحات افتراضية، زرقاء اللون.. وأنت تحتضن تلك الطفلة اللطيفة التي وجدتها فيما بعد في خانة الأقرباء بصفة (ابنة) أكاد أحفظ ما ترتدي في صورتها الشخصية.. أبداً ليس هناك أي تشابه بين ذلك الموديل الفاتن الذي يعيش دور الفنان بشعره الطويل الذي بقي أثره حتى وهو عجوز في تسجيلات الدانوب الأزرق!! وقبعته وألوان قمصانه.. ليس لك تلك الفتنة التي تحدث عنها الروائي أو أن مفهومي للفتنة يختلف؟!!

 

تمر الأيام، وتبقى صامتا، وأبقى أتابع صفحتك أكثر من متابعتي لكل ما ينشر على الفيس.. لا أرى لك أي نشاط.. أين (لايكاتك) التي عرفتني إليك افعلها ياعم لا تخف يقولون إن زر اللايك لا يكهرب!!؛ نعم أريد أن أتعرف على خياراتك.. هل ستبقى تحب تلك المعزوفات العالمية التي أنا الآن أتعرف على الأقل شهرة منها؟ أم هل ستبقى في حانات بغداد القديمة التي قضيت بها شبابك مع ذلك الثلاثي الذي استمر في الحياة ومشروعك الروائي لم يزل مؤجَّلا، ولا تزال تجترح موضوعات جديدة له، أعترف أني أعجبت بفكرتك الأولى التي كلمته عنها…

 

هل تتابعني أنت كذلك؟ أم أنك سجلت حضورك (فيس بوكيّا) لتريني إياك؟ وأبقى منشغلاً بتلك الرواية؟ لا أريد أن أصبح كـ (زوربا)…. لا أريد أن أتقيأ تلك الرواية إنها لذيذة جدا!!..

 

نعم صرتَ هما يوميا لي.. أفكر كثيراً في (الجات) معك، لكن ماذا أقول لك، أأسألك عن الدانوب الأزرق؟ أم عن تلك الكنيسة التي كنت قريبا منها؟ أم عن محل التسجيلات؟ أم عن اصدقائك الثلاثة؟ والكتب التي كنت تسرقها لهم وتبيعها بأقل الأسعار؟ أم عن حياتك كموديل؟ أم عن حبيبتك تلك التي لا أعرف عنها أي شيء؟… آه يا إلهي لم أعد أتذكر كل الأشياء المرتبطة بك.

 

–  مرحبا أستاذ هل اسمك حقيقي؟ هل (الدانوب الأزرق) يعني لك شيئاً؟ هل كان لك يوماً محل تسجيلات؟

 

يا لتطفلي!

 

كيف أكلّمه هكذا؟

 

سأحاول من جديد

 

–  مساؤك ورد أيها العم… كيف حالك.. أتمنى أن تكون بخير..

 

–  هل يمكنني سؤالك عن بعض الأشياء؟

 

–  سأخبرك لاحقاً لماذا أسأل .. فقط أنا أنتظر إجاباتك، لو سمحت.

 

–  مقطوعة (The Blue Danube) هل سمعتها، هل تعني لك شيئا؟

 

–  هل استعملت اسمها في يوم ما؟

 

–  هل عرفت روائياً حقيقياً في يوم من أيام حياتك؟

 

–  شكراً لك لو أجبتني يوماً..

 

–  بانتظار إجابتك على جمرٍ.. بصبرٍ.. لا أدري المهم أني ما أزال أنتظر…

 

بدأت المحادثة في الأحد 2013/12/22 11:35 مساءً

 

 

نعم أيها العم لا أزال أنتظر أن أرى إجابتك.. حتى صارت خروجاتي من الفيس تشغلني بك أكثر من تواجدي.. خذني على محمل الجد، أتوسل إليك، لست لاعبة ولا مُضيّعة لوقتي، ووقتك.. ألم تر جديتي في قولي “مقطوعة (The Blue Danube)” لم أقل لك الدانوب الأزرق لا أدري لمَ لكني أتخيّل أني هكذا أكثر جدية!!!…

 

هكذا أيها العم،لماذا أجبتني بتلك السرعة الصادمة!! وتخاطبني بالعزيز، والصغير المدلل لماذا ياعمّاه!! ولماذا لم تسمع بالمقطوعة هذه تخيلتك أكثر اطلاعاً..

 

على كلٍ، لي رجاء يا أيها المحيِّر كائناً من كنت عندما تخاطب أنثى لا تستعمل الياء فهي تكتفي بالكسرة مهما كانت أنوثتها طاغية!!

 

 

إقرأ أيضا