في بغداد، وعن (مركز دراسيات فلسفة الدين)، صدر العدد الجديد 63/64 من مجلة (قضايا إسلامية معاصرة)، الذي يشرف عليها المفكِّر العراقي الدكتور عبد الجبار الرفاعي، ويحررها كل من الأستاذ محمَّد حسين الرفاعي والسيدة إنتزال الجبوري.
يضمُّ في محوره الجزء الخامس من العلاقة بين الهرمنيوطيقا والمناهج الحديثة في تفسير النصوص الدينية، وشارك فيه مفكرين وفلاسفة من مختلف دول العالم؛ نساء ورجال، داريوش شايغان (الوعي الهجين/ حوار)، وحسن الخطيبي (هرمنيوطيقا غدامير)، علي المدن (الواقع والممارسة)، محمَّد المزوغي (عودة الديني وتأويل الكتاب المقدس عند جياني فاتيمو)، محمَّد شبستري (نظرية القراءة النبوية للعالم)، محمَّد جنايد حداد (الهرمنيوطيقا الفلسفية عند بول ريكور)، اليزابث فيورينزا (نحو هرمنيوطيقا نسوية لتفسير الكتاب المقدس)، أورليك مارتنسون (قصدية المؤلف في الهرمنيوطيقا)، الزواوي بغورة (منزلة التأويل في فلسفة ميشيل فوكو)، شراف شناف (أنسنة الخطاب الديني)، عبد الجبار الرفاعي (أمين الخولي رائد الدرس الهرمنيوطيقي بالعربية)، مصطفى الغرافي (النص والتأويل)، هاجر القحطاني (من تغيير العالم إلى تفسيره).
دراسة لافتة يفتتحها هذا العدد بقلم الدكتور عبد الجبار الرفاعي عن ريادة الشيخ أمين الخولي العربية في التأويل، يقول الرفاعي: “إن فرادة الشيخ أمين الخولي تظهر في محاولته الرائدة بتوطين الِهرمنيوطيقا والمناهج الجديدة في تفسير النصوص الدينية، في المجال التداولي العربي. وبعد استقراء وتتبع يمكن القول إن الخولي هو أول هرمنيوطيقي بالعربية، وربما في عالم الإسلام. إذ لا أعرف أحدًا سبقه إلى ذلك”.
حوار مهم يضمُّه العدد مع المفكر الإيراني داريوش شايغان نهض به حميد زارع ورضا كريمي عن إشكاليات الوعي الهجين، وحديث رائق عن كتاب شايغان (السحر المعاصر) أو (النور يسطع من الغرب)، ومسببات تأليفه ونشره، والرسالة التي يضمها، وحديثه عن حياته بين إيران وفرنسا.
للفيلسوف الفرنسي فوكو نصيبه في هذا العدد وهو ما كتبه الدكتور الزواوي بغورة من الجزائر عن منزلة التأويل في فلسفية ميشيل فوكو، وهو ما يمثل التفاتة طيبة من مجلة قضايا معاصرة لتسليط الأضواء على هذه المسألة، لا سيما أننا تعرفنا إلى فوكو كأريكولوجي وجينالوجي.
الدكتور محمَّد المزوغي من تونس يأخذنا في دراسة ماتعة إلى تجربة الفيلسوف الإيطالي جياني فاتيمو في عودة الديني وتأويل الكتاب المقدس أو إعادة تملك التراث الديني، وهو أمر مهم في مجرى تفكير هذا الفيلسوف.
الدكتور حسن الخطيبي من المغرب يكتب عن هرمنيوطيقا غدامير من سلطة المنهج إلى تاريخية الفهم، وهي هرمنيوطيقا تتأسس على العقل التواصلي بحسب قراءة هابرماز لفلسفة مواطنه غدامير.
الباحث المغربي الدكتور مصطفى الغرافي يأخذنا في دراسة شائقة إلى عوالم النص والتأويل كمحاولة تأويلية منه لقراءة منطق الفهم. والدكتور شراف شناف من الجزائر يكتب بحثاً عن أنسنة الخطاب الديني ويقرأ بمقتضاه تأويل العقل الحداثي العربي لجدل اللاهوت والناسوت.
ونبقى في التأويل حيث يكتب الدكتور محمَّد جنايد الحداد من المغرب أيضاً دراسة عنوانها الهرمنيوطيقا الفلسفية وفهم الدين عند الفيلسوف الفرنسي بول ريكور.
ومن الدراسات المترجمة التي يضمها هذا العدد دراسة بقلم الباحثة الرومانية الأصل ألمانية المولد اليزابث شوسلر فيورينزا نحو هرمنيوطيقا نسوية لتفسير الكتاب المقدس.. تفسير الكتاب المقدس ولاهوت التحرير دعت فيها الباحثة إلى ضرورة أن يتخلى اللاهوتيون التحرريون عن المنظومة الهرمنيوطيقية السياقية في تفسير الكتاب المقدس، وأن يصوغوا من داخل سياق لاهوت نقدي تحرري منظومة جديدة تكون غايتها الممارسة التحررية، وتتخذ تلك المنظومة العلاقة النقدية بين النظرية والتطبيق، وبين نصوص الكتاب المقدس وحركات التحرر المعاصرة منهجاً له. الدراسة بترجمة الدكتورة رندة أبو بكر.
الآية 35 من سورة النور في (القرآن الكريم) تتناولها دراسة الباحثة السويدية أورليك مارتنسون قصيدة المؤلف في الهرمنيوطيقا: آية سورة النور 35 عند الطبري والغزالي مثالاً، وهي دراسة لافتة كونها تأتي من مستعربة أمضت سنوات من عمرها وهي تبحث في شؤون الفكر العربي الإسلامي، ترجم الدراسة الدكتور أبو بكر أحمد باقادر.
كذلك يضم هذا العدد دراسة للباحث العراقي المتخصص بشؤون الفلسفة الإسلامية علي المدن بعنوان الواقع والممارسة دراسة في إشكالية التعالي في التفكير الديني في الإسلام. إلى إيران مرة أخرى ودراسة بقلم المفكر الإسلامي محمَّد شبستري جاءت إلى عنوان الكلام النبوي في رؤية أخرى، وهي الفصل الثامن من سلسلة فصول كتابه (نظرية القراءة النبوية للعالم) بترجمة الأستاذ حسن مطر.
الباحثة الأستاذة هاجر القحطاني تتناول بقراءة دقيقة وماتعة كتاب المفكِّر الإسلامي الدكتور عبد الجبار الرفاعي (الدين والظمأ الأنطولوجي للمقدس).