ربما تكون السهام الخفية لتنظيم داعش الارهابي ومن يغذيه قد اصابت الهدف وبإتقان هذه المرة من خلال ما تروج له حول انهيار سد الموصل، وما يتبعه من تهويل وتضخيم لوضع كارثي محتمل.
فمن المعلوم انه في زمن الحروب تنشط وسائل وطرق الحرب النفسية ومنها الدعاية والاشاعة وطرق اخرى, فقد تكون بأعلى المستويات وتصل الذروة في خضم تصاعد الحرب وانحسار قدرات العدو عسكريا، فيلجأ الى بث الخوف والرعب في القاعدة المدنية التي هي مصنع العسكر، ومن خلال رسائل معدة سلفا تجري اختيارها بشكل متقن تجعل المتلقي في حيرة من امره، وهذه الحيرة والتهويل هي احد السهام الخفية التي تعول عليها الحركات الارهابية في بث الخوف والتشكيك وتؤدي تثبيط العزيمة، وإثارة الشك داخل المجتمع المدني والعسكري على حد سواء وفي شرعية قضيتهم، وزعزعة الأمل في النصر فيتخاذل ويسهل إقناعه بالهزيمة، وعندئذ تتحقق اهداف رسالتهم الخبيثة.
لقد أخذ موضوع انهيار سد الموصل حيزا كبيرا في وسائل الاعلام المحلية لا بل حتى الدولية واصبح حديث الشارع، والغريب ان الساسة اصحاب القرار قد تباينت آراؤهم بين المشكك وبين المتيقن من وقوع الكارثة.
المهم في الامر ان الموضوع اليوم بات هاجس المواطن، ويضاف الى هواجس عدة، منها الوضع الاقتصادي والامني الهزيل، وتبعات هذا الوضع، لكن احدا لم يكلف نفسه ليقف على حقيقة الموضوع وفك الشفرة, فالمواطن البسيط تارة يصدق واخرى يكذب حسب ما يطرق سمعة من انباء ومن اجل أن لا تبقى الامور هكذا، فالحكومة مطالبة بكشف حقيقة الامر، وان رسائل التطمين التي تطلقها بعض وسائل الاعلام الوطنية قد لا تقنع المواطن كليا، كون الموضوع بات دوليا وتعدى حدود المحلية ومن خلال ذلك تتبين خطورة واهمية الموضوع وفي طبيعة الحال يتطلب من الحكومة حزما اكثر وتوضيح اكثر لحقيقة ما يحدث وان ترك الامر لوسائل الاعلام الصفراء للعبث بأمن الدولة واعصاب المواطن هو ذات الهدف الذي تعمل من اجلة المؤسسة التي تتقوم بمهمة الحرب النفسية.
ففي تصريح لاحدى الاذاعات الوطنية “كذب مدير السد عز الدين النعيمى أنباء الانهيار، واعتبر الأمر تهويلا، وأكد ان السد بحالة جيدة وما هذه الا اساليب للحرب النفسية التي تمارسها التنظيمات الارهابية لبث الذعر والتشكيك بقدرة الحكومة على ادارة الازمة، ويضيف بان السد لازال يعمل ولا يشكل اي خطرا واقلها في الوقت الحاضر وان عمليات حقن السدة والترميم تعمل بشكل مستمر ولا داعي للخوف او القلق.
ويؤكد حسين الجبوري مسؤول نفق الحفر والتحشية في سد الموصل ما ذهب اليه النعيمي، قائلا إن “عمليات الفحص والتحشية مستمرة، ولم تتوقف منذ الثمانينيات وان الشركات العراقية الوطنية تعمل على ادامة السد بشكل دوري, وهي مستمرة منذ كانت الشركات الاجنبية هي المسؤولة عن صيانة السد، وان تلك الصيانة مستمرة من قبل الشركات الوطنية العراقية، ولا توجد مخاوف حقيقية حيال هذا الامر.
وهذا يتطابق مع تأكيدات وزارة الموارد المائية التي تنفي انهيار السد وانه يعمل بانتظام وتحت سلطة الحكومة.
ان هذه التأكيدات من قبل المسؤولين تؤكد سلامة السد وعلى المواطن ان لا ينجر وراء هذه الدعايات المغرضة التي تريد النيل من الانتصارات التي تحققت والتي هي باتت قريبة من حسم ملف تحرير الموصل بعد انتصاراتها المتلاحقة في عدة جبهات.
وهذه الوسائل الخبيثة التي يروج لها البعض باتت مكشوفة، وهي لا تخلو من ايدٍ امريكية واقليمية لتوجيه انظار الجماعات الارهابية حول اهمية هذا السد لأنها فشلت في جميع محاولتها من إسقاط البلد في الفوضى العارمة الى الحرب الطائفية والى تقسيم البلد وارباك الوضع الاقتصادي واخرها ولن يكون اخيرها هذه الحرب النفسية التي جربتها وحققت نجاحها في خدعة اسقاط الموصل.
وعلى الحكومة ان لا تستهين بهذه المعلومات، وان كان فيها جزء من الصدق وأن تدرسها جيدا وتجد المخرج ان اصبحت امرا واقعا، وعلى الحكومة مسألة الحكومات السابقة عن تلكؤها في ادارة ملف الماء وان تطور الامر طلب العون من الجهات الدولية المتخصصة واقلها هو تصريف جزء من الماء المخزون فان المناطق الجنونية تعيش التصحر وربما هذه فرصة قبل ان ياتي موسم الربيع وتذوب الثلوج وترتفع نسبة المياه في السد وقد تشكل خطراً علية مستقبلاً..؟