معادلة جديدة في العلاقات العراقية – الأردنية على مستوى مكافحة الارهاب قد تفرضها طريقة اعدام الطيار الاردني معاذ الكساسبة بصورة وحشية من قبل تنظيم (داعش) المتطرف. هذه الحادثة من الممكن ان تحدث تغييرا جذريا في موقف المملكة الاردنية من الحرب ضد تنظيم (داعش) والفكر المتطرف ككل.
ويسجل المراقبون مواقف سلبية للمملكة الجارة بملف الحرب على الارهاب لاحتضانها شخصيات مناوئة للعملية السياسية في العراق بعضها مطلوب للقضاء العراقي بتهمة الارهاب. إذ أن من تلك المواقف السلبية احتضان عمان لمؤتمر “انقاذ العراق ودعم الثورة” في تموز يوليو الماضي، والذي جاء بدعوة رسمية من الأردن ورعاية ملكية حسبما صرح الناطق باسم “هيئة علماء المسلمين”، وبمشاركة عشرات الشخصيات والمنظمات المضادة للعملية السياسية العراقية.
استقراء احتمالية الاعتدال الاردني يأتي بعد ان توعد الجيش الأردني بالقصاص من قتلة الكساسبة وتأكيده على أن دمه لن يذهب هدرا، وكذلك تنفيذ الحكومة الاعدام بحق ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي و4 معتقلين جهاديين آخرين.
وبعد ساعات على عملية اعدام الكساسبة نظم مثقفون اردنيون حملة طالبوا من خلالها الحكومة ببدء صفحة جديدة مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد، والتعاون مع العراق في مجال مكافحة الارهاب.
وكان تنظيم (داعش) قد توعد في بيان له بنقل المعركة إلى قلب العاصمة الاردنية عمان في حال إعدام ساجدة الريشاوي وبقية مقاتليه، فيما أكد سعيه لمعاقبة جميع الطيارين الذين شاركوا مع التحالف الدولي في قصف مواقع التنظيم.
ووفقا لتلك المعطيات، يرجح المراقبون للشأن السياسي العراقي حصول نقطة تحول كبيرة في مستوى العلاقات بين بغداد وعمان على المستوى الامني. إذ يقول رئيس مركز التفكير السياسي العراقي الدكتور احسان الشمري ان “التعاون الامني بين البلدين سيتصاعد بشكل كبير لاسيما بعد تهديدات (داعش) بنقل المعركة الى عمان في حال اعدام عناصره المعتقلين وهو ما حصل حيث اعلنت الحكومة الاردنية رسميا تنفيذ الاعدام بحقهم.
ويضيف الشمري في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “العراق وبالرغم من ضعف امكاناته العسكرية في مواجهة (داعش) الا انه اصبح خزينا معلوماتيا بالنسبة لخفايا التنظيم، وهذا الامر سيجعل مساحة التعاون مفتوحة بين البلدين”.
ويبين ان “هذا التعاون فيما لو حصل فسيكون له انعكاسات سلبية على معارضي العملية السياسية من البعثيين وغيرهم المتواجدين على الأراضي الاردنية، حيث ستعمل عمان على التضييق عليهم او حتى طردهم ان استوجب الامر، وبذلك سيكسب العراق حليفا جديدا على كافة المستويات”.
ويستبعد الشمري “حصول تقارب مع الجانب السوري بهذا الخصوص، لان هذه الخطوة بحاجة الى الضوء الاخضر الاميركي والخليجي في نفس الوقت كون الاردن ضمن هذا المحور”.
طروحات الشمري تتلاقى تماما مع ما جاء به المحلل السياسي ياسر العبادي الذي يؤكد ان “العراق اليوم بحاجة الى استثمار الانفتاح الدبلوماسي على العالم والتعاطف الدولي للحرب على الارهاب ومنه الاردن”.
ويوضح العبادي لـ”العالم الجديد”، ان “الزيارات الاخيرة للمسؤولين العراقيين الى عمان اشارت الى وجود تعاون امني عال المستوى بين العراق والأردن وحادثة اعدام الكساسبة من الممكن ان تسهل من تفعيل هذا التعاون”.
لكن العبادي يرى ان “بعض القضايا بحاجة الى مناقشتها بشكل اوسع مثل قضية تبادل المعلومات الامنية ومراقبة الحدود وتسليم المطلوبين من خلال بوابة اللجنة العراقية الاردنية المشتركة”.
وفي تقدير العارفين فان الحكومة الأردنية ستكون أمام تحد كبير في المرحلة المقبلة وصعوبة التحدي تكمن في وجود نسبة كبيرة من الشعب الاردني يحمل الفكر السلفي المتطرف. ويرى هؤلاء ان تهديد (داعش) بنقل المعركة الى عمان لن يأتي من فراغ، فالتنظيم يدرك تماما وجود مؤيدين له من الشعب، وسيمثلون خلايا نائمة له في حال قرر تنفيذ عمليات في الداخل الاردني.