صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

اتفاق الحوثيين مع صالح ضمان لبقائهم في المشهد السياسي

  هلل الحوثيون للاتفاق اﻷخير بينهم وبين علي عبدالله صالح، ولسان حالهم يقول عصفور في…

 

هلل الحوثيون للاتفاق اﻷخير بينهم وبين علي عبدالله صالح، ولسان حالهم يقول عصفور في اليد وﻻ عشرة على الشجرة، وهذا ما استوعبوه بالفعل، فالحكاية ليست اتفاقا سياسيا لتفويت الفرصة على من يتحدث او يدافع عن شرعية هادي -غير الشرعي- فكل ما في اﻷمر أن جماعة الحوثي أدركوا مدى سطوة وقوة ومحورية علي عبدالله صالح في ادارة المشهد السياسي. فهو كما سبق وأن اشارت اليه السفيرة البريطانية عام 2011 ايام ما سمي بثورة الربيع العربي في اليمن، حين قالت: أن علي عبدالله صالح رقم صعب في المعادلة السياسية اليمنية ومن الصعوبة بمكان تجاهله. والمضحك هنا أن إخوان اليمن (حزب الاصلاح) كانوا يتندرون من قول تلك السفيرة آن ذاك واستمروا في فوضاهم والمطالبة برحيلة. لكن اﻷمر الواقع اتضح بعد ذلك فقد رحلوا هم من اليمن وبقي صالح كما هو.

 

اعود ﻷقول إن الحوثيين بعد هذه الفترة من وجودهم كسلطة أمر واقع أمنوا بأن المرحلة القادمة ستكون أصعب مما مروا به، وأنهم لن يستطيعوا مجاراة صالح في مضمار المارثون السياسي الذي ليس لهم باع كبير فيه-مهما حاولوا – فاﻷمر أكبر من قدراتهم وخبرتهم السياسية بكل تأكيد وهو ما استوعبوه جيدا. فقبل العدوان من كان يحرؤ على الحديث عن اعلانهم الدستوري -غير الدستوري – أوانهم فشلوا في سحب البساط من صالح والمؤتمر أو الغاء اللجنة الثورية العليا حتى أنني التقيت بأحد أبرز قيادات المؤتمر عندما قدمنا لهم الرؤية السياسية ﻻنقاذ اليمن التي قدمت الى جانب ثلاث رؤى قانونية واقتصادية وحقوقية من قبلنا في حركة أنا الشعب قال لنا حرفيا: أننا في المؤتمر الشعبي ﻻ مانع لدينا أن نتعاون مع الحوثيين شريطة:

 

أ/ حل اللجنة الثورية العليا.

 

ب/ الغاء الاعلان الدستوري والعمل بالدستور النافذ.

 

ونقلنا للاخوة الحوثيين ذلك في حينها لكنهم ثاروا ولم يهدأ لهم بال عند سماع ذلك، واللافت للنظر اليوم أنهم وقعوا هذا اﻻتفاق السياسي الذي افضى الى تشكيل مجلس سياسي مناصفة بينهم وبين المؤتمر. والغاء اللجنة الثورية العليا. والعمل بالدستور النافذ وعودة مجلسي النواب والشورى.

 

اننا اليوم امام مشهد سياسي بالغ اﻷهمية فاﻷمر ليس مرتبطا بشرعية او غير شرعية أو مفاوضات او اي شيء اخر قد يبررالحوثيون به دخولهم في هذا اﻻتفاق، فالحكاية باختصار هي كما يأتي:

 

اولا: يعلم الحوثيون علم اليقين انه لو تم الحل السياسي وعادت العملية السياسية وحدثت انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية فلن يكون لهم نصيب أو حظ فيها، خاصة وانهم ارتكبوا أخطاء فادحة خلال سيطرتهم على السلطة كسلطة امر واقع. وبالتالي فهم أمام أمرين احلاهما مر: اﻷول خروجهم من المشهد السياسي لو جرت انتخابات، والذي سيكون خروجا مهينا لهم.والثاني عدم قبولهم بشروط اللعبة السياسية وتواريهم ع0ن المشهد السياسي والذود عن بقائهم بقوة السلاح، فهم يعلمون أنهم أمام خصم قوي – علي عبدالله صالح- يمتلك من النفوذ السياسي والعسكري والتأييد الشعبي ما يجعلهم خاسرين لتلك المعركة إن اقحموا أنفسهم فيها.

 

ثانيا: أنهم يجب أن يكونوا متواجدين في المشهد السياسي عقب الحل السياسي ولو عن طريق التحالف مع صالح والمؤتمر لتكون لديهم فرصة للمشاركة في الحكومة الجديدة عقب اﻻنتخابات.وهو ما يحرصون عليه من الان فلو عادت العملية السياسية فسيجدون أنفسهم بين مطرقة صالح وسندان حزب اﻻصلاح، حتى وان كان أغلب قياداته فارين في الرياض- فلابد لهم أن يعودوا اذا ما حدث حل سياسي- وهو قريب جدا- كصفقة ﻻتمام الحل السياسي وانهاء العدوان على اليمن.

 

ثالثا: ادرك الحوثيون أنهم إن ركبوا رؤسهم ولم يتعاملوا ويقبلوا بشروط اللعبة السياسية فانهم الخاسر اﻷكبر بعد اﻻصﻻح، وسبفوز بها صالح والمؤتمر خاصة انه الحزب اﻷكثر اعتداﻻ ووسطية وتقبﻻ لﻵخرين، كونه حزب غير ايديولوجي،. ومن ثم ستكون فرصتهم ضئيلة في المشاركة او المنافسة على السلطة عبر صناديق اﻻنتخاب، وهو ما جعلهم يوافقون على هذا اﻻتفاق الذي جمعهم بالمؤتمر خلال هذه المرحلة.

 

رابعا: انهم بقبولهم الدخول في هذا اﻻتفاف قد تأهبوا ليهربوا الى اﻷمام من خﻻل عقد اتفاق سري في اطار هذا اﻻتفاق على أن يكون لهم وجود سياسي او حتى حقائب وزارية من حصة المؤنمر في حال اجراء انتخابات برلمانية ومحلية، أما الرئاسية فهم على يقين أن المؤتمر الشعبي العام هو من سيحصل عليها، شريكة أن يدير انتخاباته بشكل أفضل مما كانت عليه سابقا.

 

كل ذلك وغيره من اﻷسباب التي تصب في غير صالح الحوثيين لو حدث حل سياسي دفعتهم لتوقيع اﻻتفاق مع صالح وحزبه، حتى ﻻ يخسروا الكثير في قادم اﻻيام وليضمنوا وجودهم في المشهد السياسي خﻻل المرحلة القادمة من عمر الدولة اليمنية الحديثة

 

استاذ العلوم السياسية – جامعة صنعاء

 

إقرأ أيضا