تراوح العملية العسكرية بقيادة السعودية مكانها في اليمن، حيث ما يزال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء ويقاومون في الجنوب في حين تنهال الانتقادات حيال تدهور الاوضاع الانسانية في هذا البلد.
وقال خبراء ان الغارات الجوية منذ اكثر من خمسة اسابيع حرمت المتمردين الحوثيين ومن يحالفهم المتهمة ايران بدعمهم من منشأت عسكرية ومخارن كبيرة للاسلحة وسدت عليهم منافذ لوقف تقدمهم في الجنوب، لكنها لم تسفر عن تغيير جوهري في المعطيات ميدانيا.
وستكون الاوضاع في اليمن في صلب محادثات قادة دول مجلس التعاون الخليجي اثناء اجتماعهم في الرياض بحضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء كما سيتم التطرق اليها خلال زيارة يقوم بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى السعودية الاربعاء والخميس المقبلين.
ويطرح العديد من المراقبين اسئلة عما اذا كان التحالف العربي بقيادة الرياض سيتمكن من اعادة السلطة الشرعية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من دون تدخل بري.
وقال الخبير نيل بارتريك ان احدى “تناقضات” الاستراتيجية السعودية هي البدء بعملية جوية لا “تتضمن بعدا بريا”.
ويؤكد مطلعون ان وصول عشرات الجنود من دول التحالف العربي الاحد الى عدن بشكل خفي يبدو وكانه لسد الحاجة الى تنظيم صفوف المقاتلين المؤيدين لهادي بشكل افضل نظرا لعدم تمكنهم حتى الان من طرد المتمردين من كبرى مدن الجنوب.
وقال خبير في الشؤون العسكرية في عدن ان “اللجان الشعبية” التي تضم ميليشيات موالية لهادي ومجموعات اخرى معادية للحوثيين تفتقد الى الخبرة والقيادة.
واضاف مشترطا عدم الكشف عن اسمه ان “الدعم الجوي الذي يقدمه التحالف ليس كافيا اذا كان التنظيم غائبا على الارض”.
في المقابل، فان الحوثيين اصبحوا يتمتعون بخبرة قتالية منذ ان غادروا معاقلهم في صعدة، شمال اليمن، لاقتحام العاصمة في ايلول/سبتمبر الماضي قبل ان يطردوا هادي مطلع العام الحالي ويتقدموا باتجاه الجنوب في اذار/مارس.
وقال المحلل السياسي اليمني ماجد المذحدي ان “الحوثيين ايديولوجيين تربوا على بيئة الحروب”.
والحوثيون متحالفون مع الجيش الموالي للرئيس السابق علي عبداالله صالح.
وهناك ايضا امر اخر بات يضغط بشكل ملح، وهو رد التحالف على الوضع الانساني المتدهور في ظل تضاعف الدعوات للتوصل الى هدنة من اجل تقديم المساعدات للسكان الذين يعانون ممن انطقاع التيار الكهربائي والعناية الطبية والمهددين بنقص خطير في المواد الغذائية.
وكانت اخر هذه المناشدات الحاحا ذلك الذي وجهته منظمة “العمل ضد الجوع″ (اكسيون كونتر لا فان) الانسانية الاثنين الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لاغتنام مناسبة زيارته الى الرياض للدعوة الى وقف الاعمال العدوانية في اليمن ورفع الحصار الذي يحول دون توزيع المساعدات على المدنيين.
واضافت المنظمة “بمواجهة الكارثة، هناك واجب انساني يجب ان يسمو فوق اي اهداف سياسية او عسكرية”.
وقد ادى النزاع الى مقتل اكثر من 1200 شخص حتى الان واصابة اكثر من خمسة الاف بجروح وفقا لارقام المستشفيات اليمنية. لكن هذه الحصيلة قد تكون اكبر من ذلك بحسب مسؤولين في الامم المتحدة.
كما تقدر الامم المتحدة اعداد النازحين نبحو 300 الف شخص في حين يعاني 7,5 مليون يمني، اي ثلث السكان تقريبا، من مضاعفات الحرب.
الى ذلك، يؤكد الخبراء ضرورة ان لا يسمح التحالف لتنظيم القاعدة بالاستفادة من النزاع لكي يعمل على توسيع مناطق انتشاره خصوصا في جنوب شرق اليمن.
وسبق للتنظيم الجهادي ان سيطر الشهر الماضي على المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت.
لكن مئات السكان تظاهروا في المدينة مساء الاحد ضد تنظيم القاعدة وفقا لشهود.
وانطلقت التظاهرة من احد المساجد بعد ان حاول احد عناصر القاعدة الاعتداء على امام المسجد خلال صلاة العشاء، وفقا للمصدر.
ووجه عنصر القاعدة مسدسه الى الامام مهددا اياه بالقتل اذا لم يتوقف عن انتقاد المجموعة الجهادية التي تتحكم بمختلف اوجه حياة سكان المكلا، بحسب توضيحات الشهود.
وردد المتظاهرون هتافات “لا قاعدة لا حوثي ياجنوبي صح النوم” كما نددوا بخالد باطرفي، الذي يعتبر زعيم التنظيم في المدينة.
يذكر ان باطرفي تمكن من الفرار من سجن المكلا المركزي مع نحو 300 اخرين عقب اقتحام عناصر القاعدة السجن الشهر الماضي.
وقال احد المشاركين في التظاهرة مشترطا عدم ذكر اسمه “لن نتوقف عن الاحتجاجات للمطالبة بخروجهم فقد بداوا يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا ولا يمكن ان نسكت عن ذلك”.
وفضلا عن الحواجز العديدة للتدقيق والتفتيش، يطلب الجهاديون من السكان احالة خلافاتهم الى “محاكمهم الشرعية” التي تطبق الشريعة بشكل صارم، كما يسعى التنظيم الى فرض ائمته على كافة المساجد في المدينة.
وللمفارقة، فان المكلا لا تعاني من اي نقص في الوقود او المواد التموينية خلافا لسائر مدن جنوب اليمن مثل عدن وتعز بسبب المواجهات العنيفة بين المتمردين وانصار هادي.