اضطراباتٌ وضجيجٌ عال، تشهـده ساحة العراق السياسية او الوجودية، فكل طرفٍ بات يؤدلج عقل الشارع لصالحهِ، فضلاً عن تقنية التخوين السردية المستخدمة في كل بيانات الكتل السياسية المناهضة لبعضها.
رئاسة جمهورية العراقية بوصفها الحامي الاول للدستور، (ولا ندري كم مرة اُنتهك قرآن العراق اللا مقدس)، دعت معظم أساطين الخضراء للاجتماع تحت خيمتها، والولوج نحو المكاشفة الحقيقية التي كان يرنو إليها رئيس الوزراء حيدر العبادي مع حلفائه غير الواثقين بخطواته الاصلاحية، عبر استشعارهم بضياع معظم استثماراتهم السياسية ومكاسبهم الاقتصادية ومغانمهم الحكومية، بداعي التعديل الوزاري و”أكذوبة التكنوقراط” التي لا نعرفها إلا اصطلاحاً، وفي ادبيات حكام عراق مابعد 2003، ومع كل تشكيل نيابي وحكومي على اساس المحاصصة المزينة بطراز “الشراكة الوطنية”، يظهر لنا جلياً اكذوبة هذا المصطلح الدعائي.
مـن يقرأ محضر اجتماع الرئاسات الثلاث مع الكتل السياسية الاخير، يجد أن حزب الدعوة يُريد أن يخطف المناصب الحكومية تحت مسمى البدلاء “التكنوقراط”. واقر بأن أطراف التحالف الوطني يعون هذه الخطوة، بل يصفونها بـ”الاقصائية المبطنة”.
فالثقـة باتت معـدومة بـ”رئيس الوزراء حيدر العبادي”، على مدار السنتين الماضيتين، لاسيما عبر استعانتهِ بكل قيادات حزبهِ كفريق استشاري لحكومتهِ العاجزة، ابتداءً من “علي العـلاق” و ليس انتهاء بـ”وليد الحلي”.
ووفق مجهر القراءة الحيادية نرى امكانية تصويب استقراء خصوم العبادي له، وهو يسعى لصناعةِ فريقٍ حكوميٍ يتمثل لرغبات حـزبهِ على غرار وزراء “السنة التابعين لسلفهِ المالكي”.
المنطق بكل تجلياتهِ وسيميائياتهِ، يستفهـم حيـال آلية التعديل الوزاري القادم، والقاضي الى إقصاء وزراء حزبيين وإبقـاء رئيس وزراء “حـزبي”..؟!، الأمر الذي يجعلنا نخوض ضمن مساحة الشك والريبة ازاء العودة الى سلطة دكتاتورية مقننة بالإطار الديمقراطي، علماً ان اللجنة المكلفة باختيار الوزراء الجدد لحكومة العبادي، يرأسها قطبا حزب الدعوة المتنافران “نوري المالكي، علي الاديب”، الامر الذي يجعلنا على يقيـن سياسي بشأن هيمنة الحزب الواحد على جميع مفاصل الدولة.
سوداوية المشهد العراقي تضعنا أمام حتمية وواقعية إنقاذية، تكمنُ في الحكم الانتقالي لغاية حلول موعـد الانتخابات القادمة، شريطة أن يستقيـل “العبادي” من حزبه بُغية رئاسة الحكومة الانتقالية إن أراد الرئاسة، والمضي نحو إنقاذ البلاد، لحيـن إفراز وجـوه سياسية جـديدة وفق الخيار الشعبي الناضج.
لأن كل شيء في العـراق بات غير حقيقي، وإذا كان حقيقياً فانـهُ تراجيديا سخيفـة.